ذكر تقرير مشروع موازنة المغرب لسنة 2003 ان الرباط تدرس إمكان اللجوء الى السوق المالية الدولية لتمويل جزء من عجز الخزينة المقدّر بنحو 3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، ومعالجة جزء من الديون الخارجية، عبر تغيير نسب معدلاتها وتحويل بعضها الى قروض طويلة الأمد. جاء في تقرير الموازنة المغربية الذي ستدرسه اللجان الفرعية في البرلمان مطلع الاسبوع المقبل، ان الموازنة رصدت سنة 2003 مبلغ 30.4 بليون درهم نحو 2.9 بليون دولار كتمويلات لقروض داخلية عبر الأنظمة المصرفية لفائدة الخزينة العامة، بزيادة نسبتها 3.2 في المئة عن قروض عام 2002. وتلحظ الموازنة في المقابل تقليص الاقتراض الخارجي بنسبة 40 في المئة الى 380 مليون دولار من أصل 600 مليون دولار العام الجاري، في محاولة لخفض كلفة الديون الخارجية التي تقدر بنحو 14 بليون دولار. ولم يكشف التقرير مجالات استخدام القروض الدولية، لكن أرقام الموازنة نبّهت الى مخاطر استمرار الاقتراض الداخلي لتمويل عجز الخزينة وانعكاساتها على أسواق المال المحلية ونسب الفائدة على الاستثمار. وتقدر كلفة خدمة الدين الداخلي بنحو 25.8 بليون درهم 2.5 بليون دولار السنة المقبلة، في حين تقدر خدمة الدين الخارجي ب1.5 بليون دولار. وقال وزير المال، فتح الله ولعلو، ان الحكومة ستقدم تعديلات على مشروع الموازنة الاسبوع المقبل لجعلها أكثر قرباً من التوجهات التي وردت في برنامج رئيس الوزراء ادريس جطو، ما يعني تغيير بعض البنود والنفقات والايرادات. وانتقدت جهات اقتصادية ومالية عدة لجوء وزارة المال الى الاقتراض الداخلي في الأعوام الاخيرة، في الوقت الذي تطرح القروض الخارجية بشروط أفضل ونسب فائدة منخفضة. وقالت تلك الجهات ومنها المصرف المركزي، ان الديون المحلية ارتفعت 14.5 بليون درهم نحو 1.38 بليون دولار، بينما لم تنخفض الديون الخارجية سوى 900 مليون دولار في 2001، ما جعل حجم الديون الى إجمالي الناتج يستقر عند 73 في المئة. وبررت وزارة المال والتخصيص استخدامها آليات سوق المال المحلية في شكل أكبر العام الجاري بسبب ارتفاع عجز الخزينة الى 6 في المئة من إجمالي الناتج، بظروف دولية غير مساعدة لم تسمح بتنفيذ برامج التخصيص أو الذهاب الى السوق الدولية أحداث 11 أيلول/ سبتمبر. السوق المالية الدولية وتبدو عودة المغرب الى السوق المالية الدولية السنة المقبلة مرهونة بشروط تحسن الأوضاع واستقرار الأسواق الدولية، خوفاً من فهم خاطئ لحاجة البلد الى التمويل والتي تقدر السنة المقبلة بنحو ثلاثة بلايين دولار. وكانت الأوضاع نفسها حالت في الماضي دون قيام الرباط بمسعى في أسواق لندن وباريس وفرانكفورت لجمع مبالغ وإعادة ضخها في قروض قديمة. كما حالت دون عرض أسهم شركات عامة في بورصات تلك الأسواق. وكان رئيس الحكومة، ادريس جطو، وعد اثناء تقديم برنامجه الاقتصادي أمام البرلمان الاسبوع الماضي، بالاتصال بالمؤسسات والمصارف الدولية المقرِضة للمغرب لحضها على تحويل ديون الى استثمارات وإعادة تمويل ديون مكلِفة وتغيير معدلات الفائدة وتدبير نشط للديون الخارجية. ويبدو انه بعد نحو عقد من الزمن من خطة تدبير الديون الخارجية، لا تزال كلفتها مرتفعة قياسا لإجمالي الناتج. كما ان استخدام الحكومة السابقة لنهج الاقتراض الداخلي بكثافة زاد من الحجم الإجمالي للديون الى نحو 30 بليون دولار، وهي نفس المعدلات المسجلة في السابق، أي قبل عقد. وسيحتاج المغرب الى دفع 4 بلايين دولار في 2003 لتمويل خدمة الدين العام. وعلى عكس الفترات السابقة التي كان فيها الدين الخارجي يطغى على المحلي، ستُسدد الخزينة 25.8 بليون درهم للقروض المحلية و16 بليون درهم للقروض الأجنبية. لكنها ستقترض من السوقين معاً 34.2 بليون درهم لتغطية عجز الخزينة في المرحلة المقبلة.