يبدو ان مدرب المنتخب السعودي الهولندي جيرارد فان درليم في طريقه الى كسب الجولة على حساب الاعلام الرياضي السعودي، بعد ان بات قريباً من ملامسة الذهب للمرة الثالثة بعد حصوله على كأس العرب في اول تجربة له مع الأخضر ثم نجاحه في اعتلاء قمة مجموعته في التصفيات الآسيوية قبل ان يصبح الآن على بعد خطوة واحدة فقط من التتويج بلقب بطل دورة الخليج السادسة عشرة المقامة حالياً في الكويت... حيث لم يتبق له سوى مباراة واحدة سهلة يخوضها اليوم مع اليمن وفوزه فيها يتوجه باللقب بغض النظر عن نتائج بقية المنتخبات، في حين تلعب الكويت مع قطر اليوم ايضاً. وخلف فان درليم المدرب السعودي ناصر الجوهر في قيادة المنتخب بعد اخفاق الأخير في نهائيات كأس العالم العام الماضي في كوريا الجنوبية واليابان. بعدما تم اختياره من بين لائحة طويلة من المدربين الاجانب الذين رشحوا لهذا المنصب. ومنذ البداية صب النقاد السعوديون جام غضبهم على المدرب الآتي من بلاد الطواحين بعدما وصلتهم اخبار بأنه لم يكن في يوم من الايام مدرباً رئيساً لأي من الفرق، وكان طوال حياته يعمل مساعداً لأحد المدربين. وبدأت سياط النقد تطاوله بعدما اختار تشكيلته الاولى التي ضمت لاعبين لم يكن يسمع بهم الجمهور السعودي وابعاده ل"نجوم الشباك"، لكن المسؤولين دافعوا عنه بحجة ان المنتخب مقبل على مرحلة تطوير الهدف منها اعداد "الاخضر" لمونديال 2006. وتوجه فان درليم الى الكويت قبل عامين وليس في جعبته سوى انتقادات كثيرة حول طريقته واعداده للمنتخب، لكنه نجح في الفوز بكأس العرب وكاد أن يدفع حياته ثمناً لعصبيته وانفعالاته إذ تعرض خلال هذه المسابقة لذبحة صدرية ابعدته عن قيادة منتخبه في المباراة النهائية... لكن لاعبيه قدموا له الذهب في المستشفى. وهو أكد ان ذلك هو الانجاز الابرز في حياته، وغادر لاعبوه الكويت وبقي هو اسيراً لغرف الاطباء. ثم انتظر فان درليم سنة ونصف السنة، وأضاف انجازاً جديداً لنفسه اولاً ثم للمنتخب السعودي، وتعرض خلال تلك الفترة لسهام موجعة من النقد اثر خوضه مباريات ضعيفة امام منتخبات المناطق السعودية، واعتبر النقاد ان هذه النوعية من المباريات لا يمكن ان تعد منتخباً قوياً خصوصاً ان غالبية عناصره من الشباب، لكن آثر الصمت وتكفل المشرف على المنتخب الأمير تركي بن خالد بالرد نيابة عنه. وذهبت انتقادات الجميع ادراج الرياح بعد ان تأهل "الاخضر" لنهائيات كأس امم اسيا المقررة الصيف المقبل في الصين، ومع ذلك لم يرفع النقاد الراية البيضاء لفان درليم واعتبروا ان تأهل الفريق جاء على حساب منتخبات ضعيفة لا يمكن ان تكون معياراً لتفوق او ضعف اي منتخب منافس. وجاء الامتحان الكبير قبل التوجه الى الكويت لخوض غمار البطولة الخليجية خصوصاً بعد ان افصح فان درليم عن خطة استعداده للدورة التي شملت اقامة معسكر تدريبي لمدة 13 يوماً فقط مع خوض مباراتين وحيدتين امام منتخبين ضعيفين ظهر فيها الاداء في شكل يدعو للقلق، على عكس المنافسين الذين دخلوا معسكرات طويلة والبعض منهم اقام بطولات خاصة وآخرون لعبوا مباريات امام منتخبات قوية. وذهب فان درليم ومعه الاخضر من دون دعم الاعلام الرياضي المحلي، او فلنقل من دون منحه الثقة الكاملة. وخاض "الاخضر" مباراته الاولى امام الامارات فجاءت النتيجة ايجابية وصبت في مصلحة فان درليم ولاعبيه، ومع هذا لم يكسب المنتخب درجة الرضا الكاملة خصوصاً من النقاد السعوديين واللاعبين القدامى وفي مقدمهم هداف المنتخب السابق ماجد عبدالله، على رغم ان النقاد الخليجين اعتبروا ان المنتخب السعودي هو الوحيد من بين منتخبات البطولة الذي يتميز اداء عن الآخرين، وان له شخصيته... ثم لعب مباراته الثانية امام قطر وخرج متعادلاً من مباراة أجمع النقاد بعدها على ان فان درليم لن يستطيع اكمال المسيرة نحو الاحتفاظ باللقب... ثم جاءت مباراة البحرين وفازت السعودية بهدف من دون مقابل، وفيها فاجأ المدرب الهولندي الجميع باشراكه اربعة لاعبين دفعة واحدة ما احدث رد فعل ثائراً وواضحاً لدى المعلقين والنقاد السعوديين واعتبروا ان فاندرليم يلعب بالنار وان منتخبه سيدفع ثمن اختياراته الجديدة باهظاً، لكن ابراهيم سويد سجل هدف الفوز وقدم ياسر القحطاني عرضاً ممتازاً فاسكتا الجميع... ثم جاء التعادل مع الكويت 1-1 بعد ان تفوق المنتخب السعودي على نظيره غالبية وقت المباراة، وارجع النقاد سبب هذا التذبذب الى سوء ادارة فان درليم وحملوه مسؤولية تسجيل هدف التعادل الكويتي في الدقيقة الاخيرة من المباراة... وعندها ضحك النقاد كثيراً وهم يرون ان حديثهم عن عدم جدارة المدرب كان صحيحاً بعدما أخر "الاخضر" حسم البطولة ومعهم المدرب، على حد قول النقاد، الى مباراة عمان والتي ذاق فيها السعوديون المرارة بكل انواعها، وكانوا قريبين من الدخول في حسبة برما قبل ان يسجل المهاجم الشاب ياسر القحطاني هدف الفوز في الدقيقة الاخيرة من المباراة. وعلى رغم ان الدلائل تشير الى ان فان درليم تغلب على النقاد بالضربة القاضية في وقت قياسي وتحديداً في الجولة الثالثة، فان النقاد لم يرفعوا له الراية البيضاء بعد، وهو بدوره لم يستغل انتصاره للنيل من منتقديه، بل قال: "بلغت سن الحادية والخمسين ولا أزال انهل من فنون التدريب، ولا انكر أن الاشراف على المنتخب السعودي افادني كثيراً".