مثلما بدأت دورة كأس الخليج السادسة عشرة بطرفة انتهت أيضاً بطرفة... فالبداية كانت حفلة افتتاح ثم راحة لمدة يومين لجميع المنتخبات، وفي النهاية انهى البطل مبارياته قبل الختام الفعلي للدورة بثلاثة ايام وظل ينتظر انتهاء الماراتون الخليجي من دون ان يخوض اي مياراة!! لعب السعوديون مباراتهم الاخيرة امام اليمنيين قبل نهاية الدورة بثلاثة ايام، والأمر الواقع أكد ان السعوديين ماضون الى تحقيق فوز قياسي بفعل فارق الامكانات بين المنتخبين... ثم ان شباك المنتخب اليمني اهتزت لكثير من الأهداف ومن الصعب لها ألا تهتز مجدداً أمام منتخب قدم أفضل العروض وبات على بعد خطوة واحدة من تحقيق اللقب ألا وهو المنتخب السعودي. التصريحات التي خرجت من المعسكر السعودي كانت مطمئنة جداً لانصاره، والرئيس العام لرعاية الشباب رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم الأمير سلطان بن فهد بعث برسالة واحدة لطمأنة مشجعي الأخضر "قطعنا 80 في المئة من المشوار نحو الفوز بالبطولة، وتبقى 20 في المئة... واللاعبون لن يخيبوا ظن انصارهم". الاخضر أفتقد لخدمات مدافعه حمد المنتشري ولاعب وسطه محمد نور بسبب الايقاف، والطقس كان ممطراً والارض موحلة الى درجة يستعصي معها تقديم عرض ممتاز... بيد ان السعوديين لا يخشون المفاجآة، لكنهم يحترمون الخصم ويعرفون "مكر" كرة القدم، والجهاز الاداري عمل في شكل ملموس لتحضير اللاعبين. في الوقت ذاته، كان غير السعوديين جميعاً يأملون، طبعاً، بأن يقدم المنتخب اليمني معجزة تعيد للدورة بعض توهجها بإشعال المنافسة على القمة من جديد. وبدأ اللقاء، ولم يمر وقت طويل حتى "لدغ" ياسر القحطاني الشباك اليمنية قبل انقضاء الدقائق العشر الاولى، ثم عاد نفسه وأغلق الملف اليمني بتسجيله الهدف الثاني قبل نهاية الشوط الاول... عندها ايقن الجميع ان الكأس سيعود في الطائرة السعودية، وان بقاءه في خزانة الاتحاد الكويتي لكرة القدم، كان بمثابة عهدة استلمها الكويتيون من نظرائهم السعوديين لفترة محددوة كي يعيدوها اليهم من جديد. فرح السعوديون كثيراً، لأن الفوز تحقق على ارض الكويت المنافسة التقليدية ولأن منتخبهم الشاب كسب التحدي من امام الجميع. لكن المدرب الهولندي جيرارد فان درليم كان اكثر السعداء "من جديد الكويت تعيد لي الحياة... الاولى كانت في كأس العرب والثانية في بطولة الخليج". وتعامل فان درليم مع الحدث ب "أستاذية" بارعة ولم يعبأ بانتقادات النقاد والاعلاميين السعوديين وسخريتهم منه أحياناً "تدريبي للمنتخب السعودي افادني كثيراً، ولا انكر ان خبرتي زادت عن ذي قبل". بعد المباراة، وصل السعوديون الى مقر اقامتهم واحتفلوا باللقب، اما بقية المنتخبات فانحصر تفكيرها في حصد مركز وصيف البطل. لم تغب القنوات التلفزيونية الخليجية عن الاحتفال مع الأخضر وبالأخضر، ونقلت قناة دبي على الهواء مباشرة مشاهد من غرفة تبديل الملابس السعودية في وقت غابت القناة الرياضية الرسمية السعودية عن الحدث، صورة اثارت الكثير من التساؤلات. اما الأيام الثلاثة التي تلت حسم السعودية للقب، فشهدت فتوراً واضحاً... وفي اليوم قبل الاخير فازت البحرين على الكويت بأربعة اهداف من دون مقابل في سابقة، فكانت المرة الأولى التي تفوز فيها البحرين على الكويت على أرضها أو بهذه النتيجة العريضة. ويبدو ان الكويتيين كانوا على موعد مع الاحزان فبعد يوم مباراة الافتتاح المخيب جاء الختام فلم يكن مسكاً للكويتين. وحصدت البحرين المركز الثاني، وشهد اليوم الاخير فوز عمان على قطروالامارات على اليمن فجاءت قطر ثالثة ثم عمانفالاماراتفالكويت واخيراً اليمن. وبالفعل صدق من قال ان "خليجي 16" كانت دورة المفارقات... فالجميع كان ينتظر ان تذهب الجوائز الشرفية، أو فلنقل غالبيتها، الى غير الذين فازوا بها فعلاً، فطارت جائزة أفضل لاعب من قائد المنتخب السعودي خميس العويران الذي رشحه الجميع لنيلها الى البحريني محمد سالمين... وفي تشكيلة المنتخب الخليجي المثالي يبعد حارس قطر محمد صقر، ويحل بديلاً منه حارس عمان علي الحبسي! ولم يمض وقت قصير حتى اعلن امين سر لجنة تسيير امور كرة القدم في الامارات عبدالمحسن الدوسري اقالة المدرب الانكليزي روي هودجسون بعد النتائج المتواضعة التي حققها في "خليجي 16"، وفي وقت حمل مدرب منتخب الكويت البرازيلي باولو سيزار كاربجياني الجهاز الاداري مسؤولية الاخفاق كاملة. انتهت دورة كأس الخليج السادسة عشرة بخيرها وشرها وحلوها ومرها... والسعوديون تذوقوا الشهد والآخرون تباينوا بتجرع المرارة، لكن الكويتيين هم اكثر الجميع حزناً، بسبب الاخفاق وفقدان الهوية الزرقاء، وفوق ذلك تشويه التاريخ الكروي الكويتي خصوصاً سجله في الدورات الخليجية. عاد السعوديون الى ارضهم واستقبلوا استقبال الفاتحين، واقيمت لهم حفلة افتتاح وتمت مكافأتهم من قبل امير المنطقة الشرقية. وودع الخليجيون الكويت وبدأوا بتجهيز حقائبهم للتوجه صوب الدوحة في شهر كانون الاول ديسمبر المقبل لخوض منافسات "خليجي 17"... وتحديد هذا الموعد شهد الكثير من الجدل لأنه يأتي بعد أقل من 11 شهراً على انتهاء "خليجي 16"، لكن هكذا رأى المسؤولون عن تنظيم دورات الخليج فتقرر هذا الموعد على رغم اعتراضات البعض. وهكذا، وبعد 16 يوماً من الاثارة والمنافسة ادركت "خليجي 16" الصباح فسكتت عن الكلام المباح.