وقعت الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" في منتجع سيمبا الكيني وسط ترحيب سوداني وحضور اقليمي ودولي على اتفاق قسمة الثروة، وأكدا عزمهما على التوصل الى اتفاق نهائي قبل نهاية الشهر. ووعدت الخرطوم بمعالجة الحرب في غرب البلاد سلماً حتى لا يأتي السلام منقوصاً وشرعت واشنطن في الإعداد لاستضافة مراسم حفلة توقيع الاتفاق النهائي الشهر المقبل. ووقع رئيس الوفد الحكومي المفاوض ادريس عبدالقادر ونظيره في "الحركة الشعبية" نيال دينغ على وثيقة اتفاق قسمة الثروة في حضور النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه وزعيم "الحركة" العقيد جون قرنق ووزير الخارجية الكيني كالونزو مسيوكا ووزيرة التعاون الدولي النروجية هيلدا جونسون وممثلي شركاء الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا ايغاد الغربيين من الولاياتالمتحدة وايطاليا والنروج وبريطانيا. وتعهد الجانبان بمواصلة المحادثات لحسم ملفي مستقبل المناطق المهمشة الثلاث جبال النوبة وابيي وجنوب النيل الأزرق واقتسام السلطة بالروح ذاتها للتوصل الى اتفاق سلام قريباً. واحتفت الخرطوم بالخطوة ونقلت الاذاعة والتلفزيون الرسميين حفلة توقيع الاتفاق، وتبادل طه وقرنق خلال مؤتمر صحافي النكات و"القفشات" التي ركزت على اقتسام عائدات النفط مناصفة بين الشمال والجنوب. وبدا طه مرهقاً، وأنهيا المؤتمر بعد ردود مقتضبة على اسئلة محدودة على رغم رغبة الصحافيين في طرح أسئلة أخرى. واعتبر طه التوقيع على اتفاق قسمة الثروة خطوة تاريخية تعكس إرادة الطرفين في التوصل الى اتفاق مهما كانت القضايا المتبقية شائكة. ووعد بحل مشكلة الحرب في ولايات دارفور في غرب البلاد سلماً حتى لا يأتي السلام منقوصاً. وأكد قرنق ان الجانبين سيصلان الى اتفاق سلام في وقت لا يتجاوز نهاية الشهر الجاري. واعتبر ان إقرار السلام "يتطلب قرارات شجاعة. ومهما كانت المصاعب التي تواجهنا فإننا مصممون على تجاوزها". واضاف ان هناك ضمانات اقليمية ودولية لتنفيذ الاتفاق النهائي، موضحاً ان السلام سيحظى بدعم كل الشعب السوداني وسيعزز التحول الديموقراطي وسيكون مثالاً في التطبيق. ورأى وزير الخارجية الكيني ان السلام "صار حقيقة لا رجعة عنها". وقال انه لمس "جدية واصراراً من الطرفين لإقرار الاتفاق النهائي في أقرب وقت". واعلنت وزيرة التنمية الدولية النروجية ان بلادها ستسضيف مؤتمراً دولياً للمانحين بعد شهر من توقيع اتفاق السلام النهائي لاستقطاب الدعم من أجل إعمار الجنوب والمناطق التي تأثرت بالحرب. وأبدى كبير مفاوضي "ايغاد" الجنرال لازوراس سيمبويو ارتياحه للخطوة وقال انها ستسرع التوصل الى اتفاق في اقتسام السلطة ومستقبل المنلطق المهمشة الثلاث. وفي الخرطوم رحب الرئيس عمر البشير بالاتفاق، واكد ان السلام سيقوي حكومته ولن يضعفها. وقال ان الاتفاق النهائي لن يكون شمالياً وجنوبياً بل سيكون شاملاً ولن يعزل أحداً. ودعا الى تجاوز المرارات والأحقاد وبناء الثقة لافتاً الى أن هناك شراكات وتحالفات جديدة ستنشأ في المرحلة المقبلة. ورحبت أحزاب المعارضة الرئيسية بالاتفاق، وتوقع القيادي في "الحزب الاتحادي الديموقراطي" علي السيد ان يؤدي الى تسوية القضايا الخلافية المتبقية، ورأى ان السلبيات "يمكن معالجتها". ودعت مسؤولة التنظيم في "حزب الأمة" مريم المهدي الى الشفافية في قضايا النقاش. ووصف المسؤول السياسي في حزب المؤتمر الشعبي الدكتور بشير آدم رحمة الاتفاق بأنه "خطوة جادة". وقال ان "أي نسبة من النفط يأخذها الجنوب ليست كثيرة عليه". وفي نيويورك وصف الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان الاتفاق بأنه خطوة متقدمة نحو اتفاق السلام ودعا الطرفين الى التفاوض بجدية لاقرار الاتفاق النهائي قريباً. وتوقع التوصل الى اتفاق نهائي قبل نهاية الشهر الجاري. وقال ان المفاوضين "يحققون تقدماً جيداً جداً، ومن الوارد جداً ان يحققوا اتفاقاً نهائياً قبل نهاية الشهر". وأشاد الرئيس جورج بوش بتقدم عملية السلام في السودان ودعا أطراف النزاع الى تعجيل خطوات السلام لانهاء أطول حروب افريقيا. وأشاد بجهود مبعوثه الى السلام في السودان جون دانفورث. وأشاد وزيرا الخارجية والتنمية الدولية البريطانيان جاك سترو وهيلاري بن ب"الانجاز الذي تحقق" في اتفاق قسمة الثروة وحضّا في بيان وزع في لندنوالخرطوم، طرفي المحادثات على إقرار "اتفاق شامل في وقت قريب جداً". وأعربا عن "قلقهما الشديد" إزاء تدهور الأوضاع الأمنية والانسانية في ولايات دارفور الغربية، وطالبا بوقف النار وضمان استمراره عبر "رقابة مستقلة" والسماح بتمرير الاغاثة. وأبلغت مصادر قريبة من المفاوضات "الحياة" ان المسؤول الاميركي عن ملف السلام في السودان السفير جف ملنغتون نقل الى بعض المسؤولين ان واشنطن شرعت في الإعداد لاستضافة حفلة توقيع اتفاق السلام في البيت الأبيض خلال شباط فبراير المقبل.