بعد ابتعاد دام ثلاث سنوات عن الأضواء، عادت الفنانة آثار الحكيم إلى بلاتوات التلفزيون، من خلال المسلسل الجديد "فريسكا" للمخرج مجدي أحمد علي، وكان آخر عمل فني لا هو مسلسل "الفرار من الحب" قبل ثلاثة أعوام، وبعد اختفائها، بدأت الإشاعات تترد عن اعتزالها وارتدائها الحجاب على غرار الكثير من الفنانات المصريات في السنوات الأخيرة. ولكن قبل نحو عام ونصف العام بدأت أخبار عودة آثار الحكيم تتردد مرة أخرى في الصحف والمجلات معلنة استعدادها لتقديم مسلسل تلفزيوني جديد بعنوان "الخرز الملون"، وبعد فترة، اختفى المشروع تماماً، لتعود آثار الحكيم للظهور على شاطئ الاسكندرية في الأيام الأخيرة، وهي تصور دورها في المسلسل التلفزيوني الجديد "فريسكا". "الحياة" التقتها وكان هذا الحوار: أولاً ما هو سر اختفائك التام طوال السنوات الثلاث الماضية؟ - لم يكن الاختفاء بإرادتي، إذ تعرضت لأكثر من صدمة جعلتني أختفي لبعض الوقت، وأعني رحيل والدتي ثم زوج خالتي، وكلاهما كانا يمثلان كل شيء بالنسبة إليّ في الحياة، وقد توفيا خلال شهور عدة فقط، وقبلهما كانت وفاة الشاعر الصديق عزت عبدالوهاب الذي قدمت معه مسرحية "أحلام ياسمين"، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يلمسني فيها الموت عن قرب، وتسبب ذلك في إصابتي بحال من السكون وعدم الرغبة في فعل أي شيء، وكنت في حاجة إلى وقت طويل للتأمل لكي أتأقلم وأتعايش مع ظروفي الجديدة، وأعترف بأنني ظللت لفترة طويلة مستسلمة لهذا الإحساس الغريب من الفقد، فقد كنت أعتمد تماماً على والدتي في رعاية أولادي أثناء فترات انشغالي بتصوير أعمالي، لذا كنت في حاجة الى عمل قوي يدفعني لقبوله والعودة من جديد. وبعدما بدأت أتغلب على أحزاني، بدأنا نجهز على مدى عام ونصف العام لمسلسل "الخرز الملون"، وعقدنا جلسات عمل طويلة مع كاتب السيناريو محمد الباسوسي والمخرج أحمد خضر وكنا نراجع السيناريو حلقة حلقة، وفي هذه الفترة اعتذرت عن عدم القيام بأعمال عدة عرضت علي، لأنني لا أستطيع أن أجمع بين عملين، خصوصاً أن "الخرز الملون" عمل غير عادي ويحتاج الى تفرغ تام، وفجأة ومن دون مقدمات قالوا إن العمل سيؤجل لأجل غير مسمى. وهل أصبت بالإحباط؟ - لا أنكر أنني كنت متحمسة جداً لهذا المسلسل، بل كدت أطير فرحاً به، وعلى مدى أكثر من عام ونصف العام وأنا متفرغة تماماً استعداداً لتصويره، لكنني في النهاية أؤمن بأن كل شيء له أوان، وهذه الأمور لا تؤثر فيّ، فلا تحزنني أو تحبطني، ربما لأن هناك أشياء أخرى في حياتي تبتلع وقتي وجهدي، لكن يبدو أنه كان مسلسل المتاعب، فقد واجه من بدايته أكثر من مشكلة، كانت البداية عدم وجود مخرج متفرغ، وتم ترشيح أكثر من مخرج، لكن بعضهم كان مرتبطاً بأعمال أخرى، وكان من المستحيل أن يتولى إخراجه مخرج منشغل بعمل آخر، وفي النهاية استقر الأمر على أحمد خضر الذي تفرغ له تماماً وواصلنا العمل بجدية حتى آخر لحظة. ألم تخشي من أن يؤثر ابتعادك طوال السنوات الثلاث الماضية في وجودك في الوسط الفني؟ - لدي قناعة بأن لكل فنان مساحةً معينة موجودة في قلوب الناس، قد تهتز فقط إذا اهتزت صورته، وهي لا تهتز بغيابه وإنما تهتز بأفعاله، ولو ترك الفنان بصمة حقيقية غير مزيفة عند الناس، فلن يؤثر غيابه في جمهوره، وإنما يزيد مساحة الاشتياق عنده. وما سبب ابتعادك إعلامياً طوال هذه السنوات؟ - لأنني غير مؤمنة بالوجود الإعلامي من دون عمل فني أقدمه للناس، ولأنني لا أرى ضرورة للحديث عن عمل لم يكتمل وقبل أن يظهر للنور، فقد نبدأ عملاً ولا نتمه، لهذا من الأفضل الانتظار حتى ينتهي العمل ونقدمه في أبهى صورة ممكنة. هل أصابتك حال تشاؤم بعد تأجيل "الخرز الملون" إلى أجل غير مسمى؟ - لا أستطيع أن أسميه تشاؤماً، لكنني أرى أن الوجود الإعلامي يجب أن يكون مرتبطاً بظهور عمل فني جديد، ويعجبني في ذلك كل من الفنانين الكبيرين محمود مرسي ويوسف شاهين، فالأول يجتهد في عمله من دون ضجيج، فإذا عرض عمله الفني تناوله النقاد بالتحليل، والثاني يعرف الجميع أنه بدأ تصوير عمل ثم يحيط عمله بكثير من السرية حتى يظهر للنور، وأرى أن كلاً منهما نموذجٌ ناجح، فنحن نعمل لأننا نحب الفن لا بحثاً عن الشهرة. وما الذي جذبك في مسلسل "فريسكا"، وأقنعك بالعودة من جديد؟ - شمس، بطلة المسلسل تعمل بائعة فريسكا على شواطئ الاسكندرية، وهي أكبر اخوتها ووالدها رجل عاجز وهي المسؤولة تماماً عن أسرتها، فتعمل في مصنع نهاراً وتبيع الفريسكا على الشاطئ في موسم الصيف، وتتعرض لظلم كبير لكنها تصر على استكمال تعليمها، وتتطور بها الحال لتصبح امرأة مختلفة تماماً، وأنا من عشاق أداء أي شخصية تتضمن مراحل مختلفة من صعود وهبوط، لأنها تنطوي على مواقف مختلفة ومشاعر متباينة، ومن ثم أداء مختلف، مثلما قدمت في مسلسل "حكاية بلا بداية ولا نهاية"، وهو من الأعمال التي وفقني الله فيها، حيث قدمت تطوراً لمراحل الشخصية حتى تصبح أمّاً لشاب، وحصلتُ عن هذا الدور على جائزة أحسن ممثلة. في "فريسكا" تتعاملين للمرة الاولى مع المخرج مجدي أحمد علي والمؤلف مجدي صابر، فكيف ترين التعاون معهما؟ - كان بيني وبين المؤلف مجدي صابر مشروع فني منذ عشر سنوات ولم يتم، وقد شاهدت أعماله الكثيرة وأعجبت بها، أما مجدي أحمد علي، فقد كنت مرشحة لبطولة فيلمه "يا دنيا يا غرامي" قبل سنوات عدة، وكان ذلك أثناء ارتباطي بمسلسل "ليالي الحلمية" ولهذا فأنا سعيدة بتعاوني معه في هذا المسلسل. كلما غبت قليلاً طاردتك اشاعات الاعتزال، فهل أنت دائماً فنانة قابلة للاعتزال؟ - أنا كائن بعيد تماماً عن فكرة اعتزال الفن، لأنه أمر بعيد تماماً عن تفكيري، فكيف أعتزل شيئاً جميلاً ومهماً في حياتي، كما أن الفن رسالة عظيمة تؤثر في وجدان شعوب كاملة، فكيف أتخلى عن رسالة كهذه، أنا لا أتصور حياتي بعيداً عن الفن. ما هي أفضل سنوات عطائك من وجهة نظرك؟ - أعتبر أفضلها سنوات زواجي وإنجابي لأن أولادي هم أفضل حصادي، أما على المستوى الفني، فأنا مؤمنة بأن لكل مرحلة ما يميزها فنياً، لكنني في كل الأحوال أجتهد في ما أقدمه قدر ما أستطيع، وكما أقول فإن لكل مرحلة بهجتها، أعتز مثلاً بالمرحلة التي قدمت فيها فيلم "الحب فوق هضبة الهرم" مع الفنان أحمد زكي والمخرج الراحل عاطف الطيب.