قال محلّلون وخبراء اقتصاديون في القاهرة، أمس، ان الحكومة المصرية "نجحت في اقناع رجال الأعمال والمستثمرين" في الداخل والخارج ب"أهمية القرارات" التي تتخذها حالياً لإصلاح الوضع الاقتصادي. واعتبر رئيس الوزراء، عاطف عبيد، ان مرور عام على تحرير سعر الصرف من دون مشاكل حقيقية "هو أمر مهم بالنسبة لنا. الأوضاع كانت جيدة وتسير نحو الأفضل". قال خبراء أجانب، في نهاية اجتماعات طاولة مستديرة، ان الحكومة وعدت باتخاذ المزيد من التدابير، كي يتم تنظيم الطاولة سنة 2005 "من دون مشاكل صعبة على جدول أعمالها مثل التي تُطرح حالياً". وأكد عبيد استعداد الجهاز المصرفي لتطبيق نظام ال"انتربنك" خلال فترة وجيزة، في ظل سياسات تحرير الاقتصاد. واختتمت في القاهرة أمس الأربعاء، فعاليات "الطاولة المستديرة الثانية"، التي نظّمتها مجموعة ال"ايكونوميست"، في حضور 200 من المستثمرين ورجال الأعمال، واستمرت يومين موزّعة على جلسات عدة مُغلقة. وقال مدير عمليات ال"ايكونوميست" لوسط اوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، ألن دنكن، ان الحكومة المصرية "تضع في اعتبارها الحل العاجل لمشاكل المجتمع"، فيما دافع المسؤولون المصريون عن سياسة الحكومة، معتبرين ان البلاد تتجه نحو "انتعاش حقيقي" في سنة 2004 بعد "مشاكل عدة واجهتنا عام 2003". وأكد رئيس الوزراء المصري ان بلاده تستعد لبدء جولة جديدة من المفاوضات مع الولاياتالمتحدة، للتوقيع على اتفاقية التجارة الحرة، الى جانب بدئها في اعتماد حزمة من الإصلاحات الاقتصادية. وأشار إلى أن هناك "مجموعة من التحديات التي تعمل مصر على تخطيها خلال المرحلة المقبلة"، في مقدّمها تحقيق الاستقرار في سعر الصرف، وإيجاد المزيد من فرص العمل وخفض معدل التضخم، وحشد المزيد من الموارد للاستثمار في مشاريع البنية التحتية. وأوضح عبيد أن مصر تتجه الى تحقيق الاستقرار في سوق الصرف، مشيراً الى أن هناك فائضاً من النقد الأجنبي منذ عامين. وشدّد على أن مصر ملتزمة بوجود سوق حرة من النقد الأجنبي، وانها تؤمّن حرية الدخول والخروج، لافتاً الى أن الأسعار تُقررها السوق وحدها، ما يعني وجود "سوق واحدة منظّمة" يكون اللاعبون فيها البنوك وشركات الصرافة. وأكد عبيد ان الأداء الاقتصادي "آخذ في التحسن"، وأن هناك تفاؤلاً بحدوث انتعاش، مع زيادة حجم الصادرات البترولية والسلعية واستقرار سوق الصرف وتوفير فائض من النقد الأجنبي، وتزايد نشاط القطاع السياحي وعائدات قناة السويس، مع دخول اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ ابتداءً من الشهر الجاري. وقال رئيس الوزراء إن التقويم النهائي لبعثة صندوق النقد الدولي التي زارت مصر الأسبوع الماضي، يؤكد أن اداء الاقتصاد المصري كان "أفضل مما كان متوقعاً بكثير"، على رغم الحرب في العراق وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط وعدم حدوث انتعاش في الاقتصاد العالمي. وأوضح ان الاقتصاد المصري سجّل معدل نمو يبلغ 4.2 في المئة في الربع الأول من السنة المالية الجارية 2003 - 2004، على رغم أن التوقعات كانت تشير إلى أن نسبة النمو لن تتجاوز 2.5 في المئة، لافتاً الى انه من المتوقع أن يرتفع معدل النمو الى مستوى يراوح بين 4 و4.5 في المئة للسنة المالية الجارية بأكملها. كما أكد التزام الحكومة زيادة معدل النمو "لدفع عملية التنمية الشاملة"، وتحسين أحوال المعيشة للمواطنين، وتوفير المزيد من فرص العمل للشبان والخريجين. وأشار إلى نجاح مصر في تحقيق "نمو ملحوظ" في حجم الصادرات في السلع والخدمات، خصوصاً في القطاعين الزراعي والصناعي، "الأمر الذي أدى إلى خلق فرص العمل" في المجالات المتعلقة بالتصدير والاستثمار والمناطق الحرة. وأوضح عبيد ان بعثة صندوق النقد الدولي أكدت بعد اجتماعاتها مع مسؤولي المصارف وممثلي قطاع الأعمال الخاص في مصر، وجود "توقعات متفائلة" باستمرار التحسن في الأداء الاقتصادي المصري، خصوصاً مع زيادة إيرادات الحكومة وحصيلة الجمارك، على رغم التخفيضات في التعرفات الجمركية على المواد الخام وعدد من الواردات والسلع الاستهلاكية والسلع الوسيطة، وذلك في إطار جهود الاصلاح الجمركي والضريبي.