علقت امس محادثات السلام بين الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بعد 58 يوماً وتقررت معاودتها في 17 شباط فبراير المقبل، كما حدد الطرفان وقف النار لمدة شهر اعتباراً من أول الشهر المقبل. وحمَّلت "الحركة الشعبية" الحكومة مسؤولية تعليق الجولة، واتهمتها بالتراجع عن تقدم كان أُحرز خلال الجولة. وناقشت المفاوضات التي جرت في منتجع سيمبا الكيني منذ انطلاقتها في أول الشهر الماضي قضايا قسمة السلطة ومستقبل المناطق المهمشة الثلاث، ووقعا في 7 الشهر الجاري اتفاق قسمة السلطة الذي نص على منح الجنوب 50 في المئة من النفط المنتج فيه، واقتربا من الاتفاق على منطقتي جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق بمنحها حكماً ذاتياً لكن مواقفهما لا زالت متباعدة تجاه منطقة ابيي التي تتمسك الحركة بضمها الى جنوب البلاد. وعقد الجانبان برئاسة النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه وزعيم "الحركة الشعبية" العقيد جون قرنق جلسة ختامية أمس تأخرت عن موعدها ساعتين ونصف ساعة. وأعلن كبير مفاوضي الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا ايغاد الجنرال الكيني لارواس سيمبويو رفع الجولة الى 17 شباط المقبل، واشاد بجهود طه وقرنق لإقرار اتفاق قسمة الثروة موضحاً ان الطرفين اقتربا من الاتفاق على مستقبل منطقتي جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق. واعلن سيمبويو تمديد اتفاق وقف النار لمدة شهر اعتباراً من أول شباط المقبل، للمرة الخامسة منذ توقيعه بين طرفي النزاع في تشرين الأول اكتوبر عام 2002. واكد طه الذي تحدث في الجلسة عن عزم حكومته بلوغ نهاية عملية السلام، واعتبر ما بذل في الاسابيع الماضية جهداً كبيراً عكس رغبة الجانبين في السلام. ورأى ان ما تحقق يعد رصيداً يساعد في بلوغ السلام في المرحلة المقبلة، وتوقع ان تكون الجولة المقبلة نهائية، وأشاد بصبر قرنق أثناء التفاوض. وأعلن كبير الوسطاء ان الوفد الحكومي الذي يترأسه طه طلب تعليق الجولة بسبب نية طه واعضاء في الوفد أداء فريضة الحج، وقال ان الطرفين اتفقا على معاودة التفاوض في السابع عشر من شباط. وعلّق الناطق الرسمي باسم "الحركة الشعبية" ياسر عرمان على مسألة رفع المفاوضات قائلا "ان "الحديث عن الحج رغبة نحترمها"، الا انه اضاف قائلاً: "الفقه الاسلامي يقدم درء المفاسد على جلب المصالح. اذا اراد احد افراد الدولة الحج كان يمكن ابداله بشخص آخر من دون رهن مستقبل شعب كامل وقضية السلام في هذه المرحلة الحرجة". وحملت الحركة الخرطوم المسؤولية عن فشل المفاوضات لعدم قناعتها بسبب رفع الجولة، واتهم عرمان الوفد الحكومي "بالتراجع عن مواقفه". وقال: "برزت ظواهر جديدة في الجولة اذ تراجع وفد الخرطوم بعدما اتفقنا على القضايا الرئيسية في النيل الازرق وجبال النوبة وعملنا على مراجعة ما تم التوصل اليه". وزاد: "حتى منطقة ابيي كان يمكن الفراغ من قضيتها على رغم الاستقطاب الذي وقع في شأنها". وقال عرمان إن "الوفد الحكومي اختلف معنا حتى في تحديد موعد الجولة الجديدة اذ كان يصر على بدايتها في آذار مارس الا انه وافق على الموعد المضروب في السابع عشر من الشهر المقبل". وعلم "ان الجولة انحرفت في ايامها الاخيرة نحو التوتر وتبادل الاتهامات ما اثر سلباً على اجواء التفاؤل التي سادت بعد الاتفاق على قسمة الثروة، وفشل الوسطاء الغربيون ومن "ايغاد" في ردم هوة الخلافات واحتواء التوتر. وبذل الوسطاء ومسؤولون في دول الوساطة الغربية والافريقية جهوداً لم تثمر عبر الحضور الدائم والاتصالات الهاتفية المستمرة. واكدت مصادر ذات صلة من المفاوضات "ان طه وقرنق اتفقا بالفعل على قضية النوبة والنيل الازرق الا ان صوغ مسودة الاتفاق ادى الى انهيار ما اتفقا عليه".