قد لا يخطر في بال احد اثناء مروره امام احد محلات "نودوس" Nodus الفرنسية الموطن، اللاتينية الروح والإلهام، ان الذي يقف وراء تأسيسها هو شاب لبناني طموح، فضّل المغامرة على امان الوظيفة. رمزي صعب الذي اختار لغة الابتكار الفني في مجال الموضة بدلاً من لغة البترول في مجال المال والأعمال تخصص اولاً في هندسة البترول وثانياً في إدارة الأعمال قبل ان ينشئ مؤسسة Nodus بعد تخرجه مباشرة. وعن اختياره للموضة كمجال للتعبير والابتكار يقول رمزي صعب صاحب الوجوه والمواهب المتعددة: "أنا أحب الموضة الى درجة الشغف وكنت دائماً اشعر برغبة كامنة تدفعني الى الابتكار وهذا طبعاً ما أدى بي بعد تخرجي الى انشاء "نودوس". وفي المؤسسة التي يشغل فيها رمزي صعب منصب المدير العام، نجد ايضاً الشقيق ناجي الذي رافقه في هذه المغامرة وهو يهتم بفرع الاتصال والتسويق، والصديق شارل ألاّل الذي يشارك في تصميم مجموعات نودوس الموسمية من القمصان وربطات العنق...الخ. وعن تحليه بروح المجازفة يقول رمزي: "لم أشعر ابداً بالإقدام على عمل فيه مجازفة، كل ما في الأمر هو انني كنت اود ان افعل شيئاً آخر ولقد اعطيت نفسي مهلة سنتين للنجاح، وفي حال الفشل كنت سأعود الى العمل في اختصاصي كمهندس بترول. ولحسن الحظ نجحت منذ البداية وأشير هنا الى ان دراستي لإدارة الأعمال ساعدتني كثيراً في فهم السوق، في التخطيط ووضع الاستراتيجيات والتنظيم في شكل عام". وتجدر الإشارة الى ان اول محل ل"نودوس" افتتح عام 1994 في أجمل أحياء العاصمة الباريسية وهو حي سان جرمان دو بري، ومن ثم تطورت الماركة بسرعة ووصل عدد المحال الى عشرين في سنة 2003، إضافة الى نقاط بيع في المخازن الباريسية الكبرى. ويذكر صعب ان البداية كانت صعبة قليلاً بسبب عدم تفهم الأهل لهذا التغيير في التوجه المهني، فرسموا الى جانب بعض الأصدقاء علامة استفهام كبيرة على قراراته ولكن سرعان ما تبخرت هذه التساؤلات بفضل النجاح الذي حققه. ويتابع صعب: "لقد اخترت الموضة الرجالية لأنني كنت اهتم كثيراً بما أرغب في ارتدائه، كما ان هذا المجال كان بحاجة الى مواهب وميول جديدة، وأنا اعتقد انني ساهمت كثيراً في تغيير وجه الموضة الرجالية التي كنت اجدها تقليدية وكلاسيكية، ادخلت لمسة مؤنثة الى الموضة الرجالية الموجودة". وعن رأيه اليوم بهذه العودة الواضحة والأكيدة الى القميص المخطط بكل الأشكال والألوان يقول: "عندما نصر على التصميم بابتكارية وطرافة نحاول اولاً ان نفهم ما يريده المستهلك ومن ثم نعبّر عما نشعر به مع محاولة الجمع ما بين رغبات المستهلك ورغباتنا بانسجام تام. وأنا لست من المصممين الذين يُطلقون صيحات، فأنا لا اتبع الموضة بحذافيرها وأحياناً كثيرة أبتكر ازياء معينة لا تنتمي الى "الجو الزمني" الذي نعيش فيه. انا اجد اننا نتمتع اليوم بحرية كبيرة في التعبير. وأعطيك مثالاً المصممين غاليانو وجان بول غوتييه فهما لا يبتكران ابداً بالطريقة نفسها. وهذا هو ما يخلق جواً من التنويع والإبداع. واليوم لم يعد الرجل يكتفي بموضة واحدة، خصوصاً الجيل الجديد. ولقد اخترت القميص وربطة العنق لأن مجال الابتكار اوسع فالبدلة تعتمد دائماً على خطوط معينة في التصميم قد تحد من رغبتي في التعبير". وعالم "نودوس" يستقي وحيه من شخصيات مبتكريه ومن انفتاحهم على روح العصر وهكذا فالشعار الذي يرمز الى الدار هو نافذة مفتوحة على البحر المتوسط لأن "نودوس" هي خلاصة لمزيج تأثيرات الجنوب. وعن هذا الموضوع يقول صعب: "أريد ان أشير هنا الى ان كلمة "نودوس" تعني "ربطة" باللاتيني وهي حتماً تناسب الرجل العربي لأن وحي المجموعات هو وحي جنوبي ايطالي، اسباني وعربي في الخطوط والألوان، لذلك تأتي المجموعات حارة، وهناك مجموعة من المصممين الذين يعملون لحسابي يحاولون دائماً إثراء الأزياء من جهة الأشكال والرسوم والألوان. وعن صعوبة النجاح في بلد أجنبي يقول المصمم: "بالنسبة إلي كوني لبنانياً فتح لي الأبواب في فرنسا، لأن للبناني سمعة جيدة في مجال الأعمال والموضة ايضاً. وشخصياً لم تواجهني صعوبات بسبب جنسيتي". اما عن المجموعة الجديدة للخريف والشتاء فيشرح صعب: "انها مجموعة تعتمد كثيراً على الأقمشة والمواد الفنية المحاكة بعناية ودقة. وألوان المجموعة تراوح ما بين البني، الأزرق، الأسود والخوخي. وتجدر الإشارة الى ان الألوان اقل جنوناً من الموسم الماضي كما ان الخطوط قليلة على عكس المربعات والألوان الموحدة التي تسجل عودة بارزة. وفي صيف 2004 سأعود الى استعمال الألوان، لأنني أفضل ابتكار مجموعات ملوّنة للفصل الحار، على عكس الشتاء الذي افضّل ان استوحي من ألوانه. وأخيراً بالنسبة الى القصّات أشير الى ان القمصان ستكون مخصورة كما في السبعينات مع قبات كبيرة على ان يترك دائر الأكمام حراً من دون ان يُزرر". وبعد هذا النجاح الذي تعرفه ماركة "نودوس" كان لا بد من متابعة المغامرة لذلك ينوي مؤسسوها الانتشار في عام 2004 في مدن فرنسية اخرى ك"ليل" و"كان"، و"نيس"، اضافة الى افتتاح محال اخرى عالمية في سويسرا، اسبانياالمكسيك، الولاياتالمتحدة ولبنان.