طيفٌ رقيق، قامة نحيفة متشحة بالأسود دائماً، تصفيفة شعر كتلك التي اعتمدتها المغنية الفرنسية ميراي ماتيو Mireille Mathieu، وفم يلوّنه أحمر شفاه بلون الكرز. من منا لا يعرف شانتال توماس؟ في شقتها الفخمة في دائرة باريس السادسة عشرة استقبلتنا المصممة البسيطة والعفوية لكي نتعرف اليها أكثر. اختارت المصممة شانتال توماس العودة الى عالم الأزياء والجمال من خلال اطلاق عطر بعدما ابتعدت عن عالم الموضة بسبب ظروفٍ خارجة عن ارادتها. وعن مشروعها الجديد تقول توماس: "العطر هو تكريس لمشوار المصمم الطويل والشاق، فنحن نقرر اطلاق عطر عندما يكون اسمنا مشهوراً حتى نتمكن من بيعه. وبالنسبة إليّ كان من المهم جداً ابتكار هذا العطر، لأن اسم Chantal Thomass ما زال مرتبطاً في أذهان الناس بالملابس النسائية الداخلية واللانجري، والعطر هو الشيء الثاني الذي نضعه على جسدنا بعد اللانجري، لذلك وجدت انه يتناسب تماماً مع عالمي ومع عالم اللانجري الذي يمثل الاثارة ويعبِّر عن حميمية المرأة". دخلت شانتال توماس عالم الموضة مرتجلةً في سن الثامنة عشرة فساتين غريبة وابتكارية. وأنشأت أول مؤسسة عام 1967 بالتعاون مع زوجها بروس توماس Bruce Thomass طالب الفنون الجميلة. واختارت لها اسم Ter et Bantine تكريماً لمشغل الرسم على القماش الذي كان زوجها يرتاده. وتجدر الإشارة الى ان هذه السنوات تميزت بروح الاحتفالات والترحال، المرح والاستفزاز وتأثرت فيها المصممة بأجواء Woodstoch وحركة الهيبيز Hippie التي روجت للحرية الشخصية والجنسية في الستينات والسبعينات. تعلمت شانتال توماس الخياطة وتقنية القص مخلصة لهواية الطفولة التي كانت تفضلها وهي قص الملابس للدمى الصغيرة وتفصيلها. عملت شانتال توماس في البداية بإمكانات ضئيلة جداً. كانت تشتري الأقمشة الرخيصة الثمن من سوق Saint-pierre أو من حي الSentier في باريس، لكن هذا لم يؤثر في طرافتها وإبداعها. وغالباً ما كانت تبتكر تصاميم غريبة وخارجة عن المألوف لا تشبه سواها، وتختلف في شكل جذري عما نجده لدى المصممين الآخرين. ففساتين الLolita التي كانت تصممها للمرأة - الطفلة، تتأرجح خطوطها ما بين البراءة والاثارة. ولا تنسى شانتال توماس أول نجاحٍ فعلي لها في مدينة Saint-tropez حيث اشترت Brigitte Bardot أحد مايوهات السباحة التي صممتها، وهكذا أصبح اسم Ter et Bantine مشهوراً، ومن عام 1967 والى عام 1969 كانت شانتال توماس تبيع أزياءها بنجاحٍ كبير في محل Dorothژe bis في باريس. بعد هذه الحقبة، وصلت المصممة الى مرحلة من النضوج المهني. وعام 1975 قررت أن تغيِّر اسم ماركتها وتستبدله باسمها الشخصي. وبدأت تقيم عروض الأزياء كغيرها من المصممين. وعن هذه المرحلة تقول: "لم نكن نقلِّد بعضنا بعضاً، فكل منا كان يتمتع ببصمته الخاصة وبهويته في التصميم". وعن ابتعادها عن تصميم الملابس الجاهزة في الفترة الحالية تشرح شانتال توماس: "لقد واجهتني مشكلات عدة مع المممولين اليابانيين الذين كنت أعمل معهم عام 1995 وطُردت من الشركة واسم "شانتال توماس" كان ملكاً للشركة آنذاك، لذلك لم يكن لي الحق في استعماله، وهكذا تخليت عن اسمي لمدة ثلاث سنوات ومن ثم استعدته بعدما اشتريته عام 1998 بمساعدة مجموعة مالية اميركية. وهذه المجموعة لا تُصنِّع سوى اللانجري، لذلك لم أعد أصمم الملابس الجاهزة منذ عام 1995". لا تصمم شانتال توماس اليوم سوى اللانجري والملابس الداخلية والجوارب الحرير النسائية، ولكن هل هي راضية ومكتفية بذلك؟ تقول توماس: أشعر اليوم بأنني بحاجة الى تصميم أزياء أخرى، صحيح انني أحب تصميم اللانجري ولكن أرغب في ابتكار أشياء أخرى تأخذ مني وقتاً أكبر لأنني أشعر انني لا أعمل كفاية. فأنا لا أعيش الضغط والتوتر اللذين يعيشهما مصمم الملابس الجاهزة الذي يقدم مجموعتَي أزياء في السنة. وسألنا شانتال توماس عما إذا كان ربط الناس لاسمها باللانجري يزعجها، فقالت: "أنا أعرّف عن نفسي كمصممة للموضة وبالنسبة إلي، اللانجري موضة". وتجدر الإشارة الى ان شانتال توماس تجاوزت سنة 1985 مبيعات اللانجري من حيث الكمية ورقم الأعمال. لكن المفارقة تكمن في أن الناس لم يتكلموا في تلك الفترة سوى على اللانجري الناعمة والفخمة التي كانت تبتكرها. وأعطت المصممة للمرأة صورة "الرابحة" ورسمت لها جسداً جميلاً تتباهى به. وغيّرت من مفهوم استعمال المشدّات والصديريات والجوارب الحرير في الموضة. وهكذا قامت كغيرها من المصممين كتيري موغلير Thierry Mugler وعز الدين علايا Azzedine Aloia وجان بول غوتييه Jean paul Gaultier وكريستيان لاكروا Christian Lacroix وفيفيان وستوودد Vivienne Westwood، بنحت جسد المرأة في تايورات وكورسيهات قُصَّت في شكل متقن. وعن مشاريعها المستقبلية تخبرنا: "أفكر اليوم في اطلاق مجموعة من مايوهات السباحة، كذلك في افتتاح محل وربما في ابتكار منتوجات جلدية وحُلى...". شانتال توماس كانت، وما زالت، تبرز الأنثوية والمرح عند المرأة، هي التي تصمم لامرأة متدللة ومتألقة وفي الوقت نفسه مثيرة يلفها الريش، الدانتيل والألوان. المصممة توماس التي حوّلت بعض القطع الرجالية الى أزياء نسائية والتي قلبت الملابس الداخلية رأساً على عقب فجعلتها تصبح ملابس خارجية وأزياء للنهار، لم تتوقف بعد عن الابتكار، هي التي طالما بحثت عن التجديد والتميز والتي تصرّح دائماً بأن الخطر الذي يحدِّق بالمصمم لا يفسح المجال امام الابتكار.