رداً على مقالة طلعت رضوان "الحياة" في 22/12/2003 بعنوان "مصر الأم بين التفرد القومي والتنوع البشري"، ألخص مداخلتي في بعض النقاط: 1 - رؤية كاتب المقال ان نهوض الدول المتقدمة باعتمادها على شخصيتها القومية، وتطبيقها للعلمانية. وردي أن أكثر الدول تقدماً وحضارة بمفهوم الكاتب، هي الولاياتالمتحدة الأميركية، لا تملك تاريخاً، ولا حضارة سابقة، ولا قومية واحدة، إنما هي خليط من المهاجرين تفاعلوا واندمجوا وأسسوا ما يدعى ب"الأمة الأميركية". أما العلمانية واعتمادها في المجتمعات التي تسعى نحو التطور "فهو باطل أريد به باطل". فتركيا العلمانية هي من أكثر الدول التي حافظت على قوميتها التركية، ومن أشد الدول تطبيقاً لعلمانية الكاتب، لم تحقق شيئاً من أحلام التطور والحضارة التي يحلم بها مؤسسو وأعضاء حزب "مصر الأم". 2 - أما زعم الكاتب أن المتشددين الاسلاميين يهاجمون كل ما هو مصري، فهو كلام لا يقبله عاقل. فمصر المسلمة عمرها 14 قرناً، وهي أقوى وأشد من أن يهزها أو يؤثر فيها بعض الأعمال التي تُنسب الى الاسلام، في صراعات من أجل السلطة والنفوذ. 3 - يتجاهل الكاتب كتاب الله وتعاليم الدين الاسلامي. ففرعون فرعون موسى طبعاً الذي يفتخر به الكاتب، وبنسبه اليه، قد وردت قصته مع سيدنا موسى وبني إسرائيل في القرآن الكريم. وقد بيّن لنا الله تعالى ظلمه وجبروته وطغيانه، فحق لكل طاغية جبار أن يُشبّه بفرعون. 4 - يتصور الكاتب أن انتماء مصر الى العروبة يلغي شخصيتها القومية. وكأن لمصر شخصية قومية غير شخصيتها العربية والاسلامية! وإن كان، كما يدعي الكاتب، فأين هي الثقافة والشخصية والقومية التي يدعيها؟ ان اعتزازنا بماضي أمتنا، وبلدنا القديم، يجب أنلا يبقينا أسرى ذلك النجاح الذي حققه أسلافنا، وألا نتنكر لهوية وحضارة وثقافة عمرها 14 قرناً. 5 - أما بخصوص التفوق الاسرائيلي العسكري والاقتصادي، والتخلف الذي أصاب مصر والعالم العربي، فأقول انه من صنع أنفسنا. فأين الخطط الاقتصادية، والعمل الدؤوب للالتحاق بالعالم المتقدم اقتصادياً؟ وأين هي الحلول التي وضعناها لمواجهة مشكلاتنا والصعوبات التي تعترض طريقنا؟ ولو كان الحل، كما رأى الكاتب الموقر، لكانت معظم شعوب العالم المتخلفة عن ركب الحضارة لبست رداء غير ردائها، أو وقفت تبكي على أطلال حضارة عريقة بائدة، لعلها تعود عليهم بحل سحري للخروج مما هم فيه. عند مطالعتي لمقال الكاتب احسست بالألم والخجل معاً: بالألم لأن في وطننا العربي الكبير كتاب يدعون الثقافة يُنكرون عروبة مصر، يُنكرون 14 قرناً من تاريخ بلدهم وأمتهم، يُنكرون نتاج آلاف المفكرين والمبدعين المصريين الذين أثروا الثقافة العربية والاسلامية، وبالخجل لأن هناك عقولاً تعتقد أن التنكر للعروبة والاسلام قد يسهم في دخولهم الحضارة من أوسع أبوابها. فلنكف عن هذه الترهات، ولنعمل بجد وبتفان، يداً واحدة، من أجل بناء أمة عربية مسلمة متقدمة. السعودية - أحمد عبدالرحمن العمور عربي من سورية مقيم