أعلنت دار الوساطة العالمية "ميريل لينش"، أمس الأربعاء، ان التقرير عن العمالة في الولاياتالمتحدة الذي صدر في أواخر كانون الأول ديسمبر الماضي، "لم يؤثّر على ثقة مديري الثروات"، مشيرةً الى ان عام 2004 "سيكون استمراراً للأشهر السابقة في التوسع والازدهار". وأظهر مسح أجرته الشركة الشهر الجاري، ان المديرين لا يزالون متمسكين بتوقعاتهم المتفائلة في شأن النمو والأرباح، "لكن توقعهم بارتفاع في أسعار الفائدة سيتأخر مدة شهرين". والاكتشاف الذي يُثير الاهتمام في هذا الاستطلاع ان ما يقرب من ثلثي مديري الثروات يرى أسعار السندات أعلى من قيمتها، على رغم ان المردود بقي متدنياً. وفي هذا المجال، يرى ديفيد باورز، كبير استراتيجي الاستثمار العالمي في "ميريل لينش": "ان الرغبة في شراء الأسهم، خصوصاً الدورية منها، ستستمر طالما يفترض المستثمرون ان عائدات السندات المنخفضة أمر خارج عن المألوف. لكن في الوقت الذي يتساءل المستثمرون عن هذا الافتراض، فإن الأسهم تُصبح عرضة للنزول، لأن الانتعاش العالمي يكون انعكس في أسواق الأسهم". ويعتبر باورز ان مديري الاستثمار "لا يزالون متفائلين بالنسبة الى النمو العالمي والأرباح"، حيث انهم يتوقعون ان يبلغ معدل النمو في الدول الصناعية السبع الكبرى 4.4 في المئة. ويتكهنون كذلك أن ترتفع الأرباح بالسهم الى ما يقرب من 12 في المئة، وهذا أعلى رقم بلغته منذ الشروع بطرح هذا السؤال. وقال إن ثمة 70 في المئة من مديري الاستثمار يتوقعون ان تكون المبيعات الكبيرة وليس التكاليف المتدنية هي التي ستعزّز هذا النمو، لافتاً الى انه لثلاثة أشهر خلت، كان 41 في المئة من المديرين ينصحون بأن تستعمل الشركات التدفق النقدي لتحسين موازناتها. لكن النسبة نفسها من أولئك المديرين أخذت تستعمل التدفق النقدي للإنفاق على الترسمل، ولم يبقَ سوى 28 في المئة من الشركات تريد ان تستعمل التدفقات النقدية لتفي بديونها. في غضون ذلك، هناك 11 في المئة من عدد المديرين يصفون قابليتهم لركوب المخاطر بأنها "فوق المعتاد". وهو الرقم الأعلى المسجّل مذ بدأ طرح هذا السؤال في نيسان أبريل الماضي. إذ انه في 10 أشهر، انقلب الشعور من حال تجنب كبير للمخاطر، كانت سائدة قبل الحرب في العراق، الى "حال من الشجاعة في الوقت الراهن". فكانت النتيجة أن بلغت مستويات الأرصدة النقدية ما يقرب من حدها الأدنى المسجّل تاريخياً، بحيث راح الأثرياء يستثمرون كامل أموالهم المُعدة للتوظيف. ويبدو ان تقرير العمالة في الولاياتالمتحدة، الذي جاءت أرقامه أدنى من المتوقع، كان له "الأثر الكبير" في توقيت الارتفاع المتوقع في معدل الفائدة. ولا يزال مديرو الاستثمار يرون ان الخطة التالية ستكون رفع سعر الفائدة، "ولكن لن يحدث هذا الارتفاع قبل أيلول سبتمبر المقبل، أي بعد مرور شهرين عما كان منتظراً". فجوة التقويم بين السندات والأسهم ويُضيف باورز ان نسبة صافية تبلغ 60 في المئة من المديرين تنظر الى الأسهم على انها "مُسعرة بطريقة عادلة". لكن نسبة صافية تبلغ 61 في المئة من هؤلاء تنظر الى السندات على انها مُسعرة فوق قيمتها، وذلك بارتفاع 49 في المئة عن الاستطلاع الذي جرى في كانون الأول ديسمبر الماضي. وفي هذه المرحلة من الانتعاش، "ينبغي أن تكون العائدات أعلى بكثير مما هي عليه اليوم، وهكذا يبدو أن ثمة إجماعاً على أن السندات لا الأسهم هي المسعّرة خطأ". وهناك عاملان يمكن أن يفسرا هذه الحالة الشاذة: الأول، أن البنوك المركزية الآسيوية راحت تشتري الأصول المقوّمة بالدولار الأميركي من أجل رفع قيمته. ثانياً، لما كانت الفوائد في الولاياتالمتحدة هي في أدنى مستوى بلغته منذ أجيال، أي بواقع 1 في المئة، فإن المردود على سندات الخزينة المستحقة في 10 سنوات، يبلغ 4 في المئة. وهذا يشكل "جاذبية كبيرة" لاستغلال الفرق بين المردودين. "لكن بما أن الأسواق قد أخذت علماً بالنهوض العالمي وأصبح الانتعاش منعكِساً في أسعار الأسهم، فقد بدأ كثيرون يعتقدون ان السندات هي مسعّرة خطأ"، على حد قول باورز. وفيما يُعاني الدولار الأميركي في الوقت الراهن "من حال من المغالاة بالانخفاض"، فقد تبيّن للمرة الأولى ان هناك نسبة 13 في المئة من مديري الثروات تعتقد أن هذه العملة "مسعّرة أيضاً بأدنى من قيمتها". في مقابل ذلك، يُعتبر اليورو في نظر نسبة 50 في المئة من مديري الثروات "عملة مسعّرة فوق قيمتها الأساسية"، وهي نسبة عالية جداً تاريخياً. نتيجة لذلك، فإن غالبية مديري الثروات الأوروبيين يعتقدون ان التضخم في منطقة اليورو سينخفض، وان السياسة النقدية هي "في غاية التشدد". وعلى رغم ذلك، فإن اليورو المسعّر فوق قيمته لم يُحدث ضرراً حتى الآن على مستقبل الأرباح، "مع انه أدخل مقداراً من الحذر في النظرة الى مستقبل النمو". وبناء على ذلك، فإن مديري الثروات الأوروبيين يُحبذون أسهم المواد الاستهلاكية وشركات التجزئة وصناعة الأدوية.