أثار وزير الدفاع البريطاني جيفري هون عاصفة سياسية جديدة امس بعدما اعلن قبل ايام من اذاعة تقرير اللورد هاتون عن ملابسات انتحار الدكتور ديفيد كيلي، ان هذا العالم البريطاني "لم يكن شهيداً" وانه "لجأ الى التخلص من حياته لأنه كان يخشى ان يفضح كرجل كاذب". وقالت صحيفة "صنداي تايمز" ان هون ابلغ "اصدقاء" له بأن كيلي اضطر للانتحار لأنه كان قد أُرغم على أن يكشف بأمانة عن اتساع وتشعّب اتصالاته مع الصحافيين، ولم يكن قد حصل على اذن رسمي. وتستخدم الصحف البريطانية عادة اقوال "الاصدقاء" في محاولة لتسريب معلومات يسعى الشخص المعني نفسه لإيصالها الى الرأي العام بطريقة غير مباشرة. وجاءت تصريحات "اصدقاء" هون في وقت أصرّت فيه الحكومة البريطانية على انها لن تستبق الاحداث وتعلّق على ما سيعلنه اللورد هاتون في تقريره الذي سيصدر في 28 الشهر الجاري. لكن وزير الدفاع الذي يتوقع ان يكون "الضحية الرئيسية" لنتائج هذا التحقيق القضائي المستقل أبلغ اصدقاءه ايضاً، وفقاً للصحيفة، ان بعض كبار المسؤولين في وزارة الدفاع تعرضوا لعملية تشويه لسمعتهم بسبب ما فعله الدكتور كيلي. وتساءل: "ماذا لو انتحر هؤلاء المسؤولون في الوزارة"؟ وقالت الصحيفة ان وزراء آخرين في الحكومة البريطانية يشاركون هون رأيه في الدكتور كيلي. وعلّقت على ذلك بقولها ان إلصاق التهم بكيلي باعتباره "كاذباً" يثير غضب عائلة الخبير في اسلحة الدمار الشامل العراقية الذي كان يرى ان بريطانيا بالغت في تقدير اخطار هذه الاسلحة لتبرير الحرب على العراق. واشارت الصحيفة الى ان هون مستعد للاستقالة اذا وجّه اليه اللورد هاتون انتقادات شديدة في تقريره، ويقرّ الوزير الذي تحيط به الازمات بأن مثل هذا الانتقاد سيؤدي الى "حدوث مصاعب سياسية" بالنسبة اليه. لكنه يصر على انه لن يستقيل من دون ان يدافع بقوة عن تصرفاته. ومن المتوقع ايضاً ان يوجّه تقرير هاتون انتقادات الى هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي التي كانت اثارت الازمة اصلاً بإعلانها - نقلاً عن "مصادر استخبارية" لكنها اقرت في ما بعد بأن كيلي هو مصدرها - ان حكومة بلير بالغت في تحديد التهديدات العراقية لاقناع الرأي العام بضرورة غزو العراق. وفي الوقت نفسه يواجه هون ازمة اخرى، وسط المطالبات باستقالته، بسبب نقص المعدات العسكرية التي وزعت على الجنود البريطانيين اثناء الحرب في العراق وبعدها، مما ادى الى عدم توفر الحماية الكافية لهم. واشارت "صنداي تايمز" الى ان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير لن يواجه انتقادات في تقرير هاتون، مرجحة ان يوجه اللوم الى ستة شخصيات رئيسية اخرى، بالاضافة الى هون. وعلى العكس، نشرت صحيفة "ذي اوبزرفر" أن هون يتوقع أن يركز تقرير هاتون على كيلي نفسه واتصالاته غير المرخص بها مع الصحافيين. وكانت الصحافة وجّهت اللوم الى هون بأنه كان مسؤولاً عن تسريب اسم كيلي الى وسائل الاعلام كمصدر لتقرير ال"بي بي سي". ويعتبر هذا التسريب سبباً مباشراً لانتحار كيلي انتحر في الصيف الماضي. واتهمت الصحافة وعائلة كيلي الحكومة بأنها سرّبت اسم الخبير البريطاني عمداً لتشويه سمعته وممارسة ضغوط عليه للإقرار بأنه كان مصدر تقرير ال"بي بي سي".