ركزت صحف بريطانية عدة امس، على تفاعلات ازمة انتحار خبير الاسلحة الدكتور ديفيد كيلي، بعد انتهاء الاسبوع الاول من التحقيق القضائي المستقل الذي ترأسه القاضي اللورد هاتون حول ملابسات هذه القضية، فيما افيد ان وزير الدفاع البريطاني جفري هون اقر بأنه سيفقد منصبه الوزاري نتيجة لذلك. ونشرت صحيفة "ذي صنداي تلغراف" ان هون ابلغ زملاء وثيقي الصلة به، انه يقبل ضرورة "تحمله المسؤولية" بالنسبة الى وفاة العالِم البريطاني المتخصص في اسلحة الدمار الشامل العراقية والذي كان مصدر تقرير هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي عن مبالغة الحكومة البريطانية في اهمية الاسلحة لتبرير الحرب على العراق. وقالت الصحيفة ان هون اتصل هاتفياً بزملائه الاسبوع الماضي، لكي يبلغهم بأنه يتوقع ان "يترنح على سيفه" اي يفقد منصبه الوزاري بسبب هذه الازمة، التي تتركز حول ما اذا كانت حكومة بلير قد خدعت الرأي العام لتبرير الحرب على العراق. وكانت لجنة التحقيق القضائي كشفت في يومها الثالث ان هون استبعد نصيحة اكبر موظف مدني في وزارة الدفاع بألا يمثل الدكتور كيلي امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني التي كانت تريد ان تحقق عما اذا كان كيلي هو مصدر تقرير ال"بي بي سي" عن تلاعب الحكومة في معلومات الاستخبارات عن الاسلحة العراقية. وفي المقابل، نفت صحيفة "ذي صنداي تايمز" المرموقة ايضاً، مزاعم "ذي صنداي تلغراف"، مشيرة الى ان حلفاء هون استبعدوا بشدة انه يعتقد ان عليه تحمل المسؤولية عن الازمة او ان مستقبله الوزاري انتهى. ونفى هؤلاء الاصدقاء ان يكون هون اتصل هاتفياً بزملائه اثناء عطلته في الولاياتالمتحدة ليعترف بأن "اللعبة انتهت بالنسبة اليه" اي انه سيستقيل من منصبه. وذكرت "ذي صنداي تايمز" ان على العكس من ذلك، فإن هون سيقوم بالدفاع بقوة عن موقفه عندما يدلي بشهادته امام لجنة التحقيق في وقت لاحق. ولكن احد حلفاء هون ابلغ الصحيفة بأنه "من المفهوم ان الوزير يعتقد انه اذا دانته لجنة التحقيق فإنه سيتعين عليه ان يستقيل من منصبه". وفي تطور آخر، قالت "ذي صنداي تايمز" ان الستر كامبيل مدير الاتصالات والاعلام في رئاسة الوزراء والمساعد الوثيق لتوني بلير، سيواجه هذا الاسبوع اتهامات امام اللجنة بأنه خدع النواب البريطانيين اثناء ابلاغهم بالدور الذي لعبه في اعداد ملف اسلحة الدمار الشامل العراقية الصادر عن الحكومة البريطانية في ايلول سبتمبر العام الماضي، وكذلك بالنسبة الى الاحداث التي ادت الى وفاة العالِم البريطاني كيلي. اما صحيفة "ذي اندبندنت اون صنداي" فكشفت النقاب عن ادلة جديدة توضح ان اللغة المستخدمة في اعداد الملف، تم تضخيمها قبيل اذاعته وذلك بالنسبة الى جوانب رئيسة عدة لا تتفق مع وجهات نظر بعض اهم الخبراء الذين ساهموا في اعداد التقرير حولها. وقالت الصحيفة ان تعديلات حساسة ادخلت ايضاً على عنوان الملف الذي كان: "برنامج العراق لأسلحة الدمار الشامل"، ولكن تم استبعاد كلمة "برنامج" لأنها تعني ان هذه الاسلحة لم تكن موجودة فعلياً. وبدت الأنباء التي سربت عن عزم وزير الدفاع البريطاني على الاستقالة مؤشراً على حجم الضغوط التي تتعرض لها حكومة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير من جراء انتحار خبير الأسلحة الدكتور كيلي. ويتوقع ان تشهد القضية تطوراً بارزاً، عندما يتقدم مستشار بلير لشؤون الإعلام والاتصالات بشهادته امام لجنة هاتون غداً، خصوصاً ان الأدلة على تورط رئيس الوزراء في قضية كيلي بدت واضحة على رغم التخبط الذي اصاب محطة ال"بي بي سي" بعد شهادة مراسلتها سوزان وات التي قالت انها تعرضت الى ضغوط من رؤسائها في العمل من اجل تعزيز ما قاله زميلها اندرو جيلغان في برنامجه الإذاعي عن تورط كامبل في تضخيم قدرات النظام العراقي السابق لتبرير الحرب.