حرص أمين اللجنة الشعبية للاتصال الخارجي وزير الخارجية الليبي عبدالرحمن شلقم على زيارة تونس في طريق عودته من باريسطرابلس لمقابلة الرئيس زين العابدين الرئيس بن علي و"يشكر تونس على دورها في تسوية ملف "يوتا"، وأتى هذا الموقف بعد أيام من اشادة وزير الخارجية الأميركي كولن باول بالدور الذي لعبته تونس في اقناع العقيد القذافي بالكشف عن أسلحة الدمار الشامل التي تملكها ليبيا، ما أظهر تونس في دور عراب عودة ليبيا الى المجتمع الدولي بعد اثنتي عشر سنة من العزلة. وأكد شلقم بعد اجتماعه مع الرئيس التونسي اول من امس ان بن علي "كان له دور أساسي في تسوية قضية "يوتا" وتفعيل العلاقات بين ليبيا وبلدان الضفة الأخرى للمتوسط". وكان شلقم ونظيره الفرنسي دومينيك دوفيلبان أشادا لدى اجتماعهما في باريس بالدور التونسي في تسهيل التقارب بين بلديهما الا أن الجديد الذي أعلنه رئيس الديبلوماسية الليبي هو كونه طلب مساعدة التونسيين في تنشيط الاتحاد المغاربي الذي تسلمت ليبيا رئاسته من الجزائر أواخر العام الماضي وكذلك تفعيل "حوار 5"5" بعد القمة الأولى التي استضافتها تونس مطلع الشهر الماضي. وكانت القمة لحظة مهمة في الوساطة التونسية بين ليبيا وفرنسا اذ استطاع الرئيس بن علي جمع العقيد القذافي والرئيس شيراك حلحلة الخلافات العالقة بينهما، مما عبد الطريق أمام التوصل الى اتفاق بين أسر ضحايا طائرة "يوتا" و"مؤسسة القذافي الخيرية" التي يرأسها سيف الاسلام معمر القذافي. وقال مصدر مطلع ان محادثات شيراك والقذافي في تونس وضعت أسسا لعلاقة من نوع جديد بين فرنسا وليبيا خصوصا في أفريقيا، تنهي الاحتكاكات السابقة وترسي مبدأ التشاور والتعاون في القضايا الاقليمية والدولية. تطبيع أميركي - ليبي الى ذلك لعب التونسيون دورا في التقارب الليبي- الأميركي. وكان الوزير باول أول من كشف هذا الدور، لدى استقباله نظيره التونسي حبيب بن يحيى في واشنطن مطلع الأسبوع الماضي والذي جاء للاعداد لزيارة دولة من المقرر أن يقوم بن علي للولايات المتحدة في أواسط الشهر المقبل. وفي معلومات مصادر مطلعة أن تونس رعت لقاء بين مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي آي اي جورج تينيت والزعيم الليبي العقيد معمر القذافي لدى زيارة الأخير لتونس في تموز يوزليو الماضي وكان اللقاء منطلقاً للاتصالات الأميركية - -الليبية التي أسفرت عن كشف ترسانة ليبيا من الأسلحة المحظورة الشهر الماضي. واستمر الدور التونسي برعاية التقارب الليبي - الأميركي من خلال زيارتي مساعد وزير الخارجية الأميركي ويليام بيرنز والوزير باول نفسه لتونس في تشرين الثاني نوفمبر وكانون الأول ديسمبر الماضيين في اطار جولتين على العواصم المغاربية. وفي ضوء بطء خطوات التطبيع الثنائي حاز هذا الموضوع على قسم من المحادثات التي أجراها بن يحيى مع باول في واشنطن أخيراً، وأفادت مصادر مطلعة أن بن علي تطرق اليه أيضا لدى تسلمه أوراق اعتماد السفير الأميركي الجديد لدى تونس ويليام هادسن الاثنين الماضي، علما أن السفارة الأميركية في تونس هي التي تتابع الشؤون الليبية منذ إغلاق البعثة في طرابلس العام 1981. وفي معلومات مصادر ديبلوماسية أن تونس تقوم بوساطة أيضا بين ليبيا وموريتانيا. وكان بن علي تسلم رسالة خطية من الرئيس معاوية ولد طايع نقلها وزير المعادن والصناعة الموريتاني زيدان ولد حميدة في اليوم نفسه الذي استقبل فيه شلقم. وأعلن أن الرسالة "تندرج في اطار التعاون المثمر بين البلدين" الا أن مصدراً موريتانياً أكد أنها حملت رداً على عرض ليبي بمعاودة العلاقات وانهاء الخلاف الذي اندلع في أعقاب اقامة موريتانيا علاقات ديبلوماسية مع اسرائيل العام 1995. ولم يكشف المصدر مضمون الرد الموريتاني على العرض الليبي، الا أنه أكد أن القذافي بات يتصرف بوصفه رئيساً للاتحاد المغاربي، مما يرتب على ليبيا أن تقيم علاقات طبيعية مع كل أعضائه. ويضم الاتحاد الذي أنشىء في مراكش العام 1989 الى ليبيا وموريتانيا كلاً من الجزائروتونس والمغرب. ولم يعقد قمة منذ سنة 1994 .