لم يكن الحاكم الأميركي السابق للعراق جاي غارنر مؤيداً لسياسة اجتثاث البعث التي اعتمدها زميله بول بريمر، ومن بعده مجلس الحكم الانتقالي. ونقلت مصادر أميركية مطلعة ل "الحياة" عن ستيفن براوينغ، أحد مساعدي غارنر قوله إن "خطة غارنر ضمت خطوتين. الأولى، إجراء حوار مع القيادات المعتدلة في حزب البعث لتأهيلها لدور مهم في المستقبل السياسي للعراق. والثانية، بقاء موظفي البعث في مواقعهم على أن يعلن هؤلاء براءتهم من البعث". وكان يمكن لسياسة جاي غارنر "التبرؤ من البعث" ان تحقق نتيجتين: تجنب ملايين العراقيين مأساة حرمانهم من سبل العيش الكريم، وتضييق هوة النزاع الاجتماعي بين ملايين "البعثيين والعراقيين الآخرين". وقال سمير راضي، الموظف السابق في وزارة الصناعة العراقية ل"الحياة" إن موضوع اجتثاث البعثيين لا علاقة له بالخلاف مع صدام حسين والبعث، وأضاف: "الموضوع بالضبط هو محاولة من الأحزاب العراقية الراهنة لتعيين الآلاف من عناصرها وهذا يقضي باجتثاث البعثيين من وظائفهم". ورأى منذر صادق، أحد العاملين في وزارة الصحة، وهو مستقل سياسياً، أنه كان يشترط في عهد النظام السابق أن يكون الموظف من حزب البعث في الكثير من الأحيان، و"الآن بات يشترط في توظيف الأفراد أن يكونوا من أحزاب مجلس الحكم الانتقالي". ولفت إلى أن لجان التدقيق التي شكّلت لمنع وقوع غبن في عملية اجتثاث البعثيين، لم تستطع إنقاذ بعثي واحد من بين ألف بعثي فُصلوا من وظائفهم. ولفتت نسرين حامد، الموظفة في قطاع التربية، إلى أن حزب البعث قطع أرزاق ملايين العراقيين من غير البعثيين" واليوم تقوم الأحزاب بسياسة انتقام لا تختلف عن أسلوب البعث. وأضافت: "موظفو القطاع العام ظلموا في عهد صدام لأنهم كانوا يتقاضون رواتب هزيلة واليوم يظلمون للمرة الثانية بسبب سياسة اجتثاث البعث". ولفتت إلى أن صدام "لا يبالي بمصير ملايين الموظفين البعثيين لأنهم لم يمثلوا شيئاً في وجود نظام حكمه". وتثير سياسة اجتثاث البعث انقساماً واسعاً في الشارع العراقي بين مؤيد ومعارض. كما تسببت في الكثير من التداعيات في الوضع الأمني في ضوء توقعات بانضمام البعثيين المفصولين إلى حرب الاغتيالات والتفجيرات. وقال مسؤول في "حركة الضباط والمدنيين العراقيين" ل"الحياة" إن سياسة اجتثاث البعث بالطريقة التي تجري فيها لن تخدم الوحدة الوطنية. وأكد أن المنافع المادية وابتلاع الحصص هي الدافع الحقيقي وراء اجتثاث البعثيين من وظائف الإدارة العامة.