يجري منذ عدة أسابيع وبالتنسيق مع المجلس الوطني الانتقالي الليبي، الذي تعترف به الآن أكثر من 30 دولة من بينها أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي، تخطيط مفصل لكيفية إدارة البلاد في مرحلة ما بعد العقيد معمر القذافي. وإذا كان هناك مأزق وحيد عقد المسؤولون الغربيون العزم على تفاديه في ليبيا، فهو ارتكاب نفس الأخطاء التي ارتكبت في العراق، قبل ثمانية أعوام. في العراق كان النهج الذي اتبعته أمريكا عقب الإطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين غير منظم. وحين سئل الحاكم المدني الأمريكي جاي جارنر عن خطته بعد سقوط بغداد بأيام رد قائلا: «سأحمل الكرة إلى الملعب وأرى ما سيحدث». ولم يتحسن الوضع كثيرا. وحين تسلم بول بريمر المسؤولية من جارنر، مايو 2003، قرر حل الجيش العراقي. وبهذا سرح عشرات الآلاف من الرجال المسلحين الغاضبين في الشوارع، ما أسهم بشكل مباشر في تصاعد العمليات المسلحة. كما انتهج سياسة صارمة لاجتثاث عناصر حزب البعث لتبتعد قطاعات كبيرة من السكان بدءا من المعلمين وانتهاء بالموظفين الحكوميين الذين كان كثيرون منهم يجبرون على الانضمام إلى حزب البعث. وانهار جانب كبير من الاقتصاد بعد سيطرة أمريكا وحلفائها، ولم يتم سداد الرواتب الحكومية وتوقفت العقود. واضطرت واشنطن إلى نقل مليارات الدولارات نقدا على متن طائرة شحن عملاقة لتمويل إدارة العراق وسداد رواتب الموظفين. وسريعا ما تأصل سوء الإدارة الاقتصادية. والآن يحدث في ليبيا عكس ذلك، إذ تشير تصريحات الغرب إلى نهج تم التفكير فيه مليا. وربما يكون التعامل مع ليبيا، في ظل عدد سكانها الأقل وتركيبتها القبلية والطائفية والعرقية الأقل تعقيدا، أسهل من العراق. ويشير التغيير أيضا إلى استيعاب الدروس. وتحدثت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون عن الحاجة إلى الإفراج عن أصول حتى يتسنى تدفق الأموال على ليبيا سريعا، وعن ترتيبات جارية لتوفير الأدوية والوقود والسلع الضرورية الأخرى واقتراحات لتحفيز الاقتصاد من جديد. أما الاعتبار المهم الآخر فهو الانتخابات. يريدون دعما مع تقدمهم نحو الانتخابات والديمقراطية.. يريدون مساعدة في إنشاء الأحزاب السياسية». وربما يكون هذا سابقا لأوانه. وعلى المعارضة الليبية أولا استكمال انتصارها على القذافي. لكن من وجهة نظر الغرب فإن الأهداف تبدو أوضح مما كانت عليه في العراق عام 2003.