عن كلية الآداب في جامعة البحرين، صدر العدد السادس من مجلة "ثقافات"، ويحمل بين دفتيه الكثير من الدراسات والابداعات والأبحاث النقدية. يتصف العدد السادس بغلافه الأسود الذي يرتديه حداداً على رحيل المفكر العربي إدوارد سعيد الذي غاب قبل قليل، تاركاً وراءه ميراثاً غنياً لكل الحالمين بإنسانية الإنسان وحقه في الحياة دونما استغلال، أو استضعافٍ. يبدأ العدد بمقال لكمال أبو ديب، يتفاوت بين النثر والشعر، تنتحب كلماته لرحيل إدوارد سعيد، على رغم اعتراف الكلمات نفسها بأن ليس ثمة شيء يمكن أن تمنحه لإدوارد ذلك "... المانح العالمَ وعياً أحدَّ بأسراره... المشيّد صروحاً لم تكن لتخطر ببال الولد الفلسطيني الذي اغتصبوا بيته، ونهبوا وطنه وهو غضٌ كغصن زيتون أول الربيع..." أو كما تنتحب كلماته "أبو ديب" الشاعرة على ادوارد. ومن مقال "أبو ديب" الى الدراسات العربية، حيث يقدم العدد دراستين: دراسة عبدالرحمن التليلي التي تحاول اجتلاء مكانة الإنسان ومنزلته في رسالة حي بن يقظان لابن طفيل، ثم دراسة "ما المقدس... نحو قراءة جديدة" لتركي علي الربيعو، التي تحاول قراءة الدوافع وراء الرغبة الجنونية في اكتناه سر المقدس، والكشف عنه. وذلك عبر قراءة لكتاب الأنثروبولوجي موريس غودلييه "لغز الهبة، 1988"، وقراءة "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ، حيث محاولات "عرفة" أحد أبطال الرواية الدخول الى البيت الكبير لاكتناه هذا السر. أما في نقد الخطاب الشعري فجاءت دراسة محمد صابر عبيد "الخيال الشعري الحر... أسلوبية التعبير أسلوبية البناء" وهي تقرأ في عمل الخيال داخل التجربة الشعرية، وكيف تعمل المساحة الممغنطة بين التجربة والخيال على ديمومة الاتصال والحوار بين تلك التجربة وأقصى نقطة في الخيال الشعري الحر. أما النصوص الشعرية التي ضمّها هذا العدد، فهي "لوعة امرئ القيس" لعلي جعفر العلاق، و"رباعية الحجر الكريم" لحلمي سالم، "وحينك أيها الوطن" لأحمد مدن، و"خيال الظل" لسعاد الكواري، و"منمنمات أليسا" للشاعر الراحل منذ أيام محمد القيسي. وفي نقد الخطاب الروائي جاءت دراسة "عرس الزين بين روح الخرافة، ونظام الدولة" لعلي الشرع، وتقرأ هذه الدراسة رواية "عرس الزين" للطيب صالح، من خلال آلية توظيف الشخوص داخل الرواية، بما يهدف الى رصد ملامح التحول داخل المجتمع السوداني من مرحلة الطقوس والخرافة الى مرحلة النظام والمؤسسة. أما في دراسات الجنوسة فجاءت دراسة وجدان الصائغ التي تقرأ "خصوصية النسق الأنثوي في الخطاب الشعري المعاصر"، من خلال مقاربة تأويلية لبلاغة مجموعة "أغمض أجنحتي وأسترق الكتابة" للشاعرة ريم قيس كبة. وتضمن العدد مجموعة من النصوص القصصية هي: "ابن الدايرة" ليوسف القعيد، و"شكوى" لفريد رمضان، و"غبار الأيام" لابتسام عبدالله، و"المراجم" لنورا محمد فرج. أما ندوة "ثقافات" هذا العدد، فكانت مع الناقد المصري صلاح فضل، الذي تحدث فيها عن التجربة النقدية العربية، والثقافة النقدية والثقافات المكتسبة وقضايا أخرى تفرزها مجموعة من الإشكاليات التي تتعلق بالخطاب النقدي والثقافي العربي وعلاقة الابداع بالنقد وعلاقة كل ذلك بمسألة الهوية والمنتج الثقافي. وفي مكتبة ثقافات ثلاث قراءات في ثلاثة كتب، تشي عناوينها بمضامينها، وهي: القراءة الأولى لوفيق سليطين بعنوان "أسئلة الإبداع في مواجهة النمط" والتي تقرأ كتاب "مقدمة منهجية لدراسة تاريخ الأدب" لسليمان العطار، القراءة الثانية لياسر عثمان في كتاب "الإصلاح التربوي من منظور خليجي" لكلٍ من محمد بن جاسم الغتم ومحمد جواد رضا. أما القراءة الثالثة فهي لمحمد سيف في كتاب "الفضاء الخالي" والذي يتناول تنويعات المسرح وأقسامه، لبيتر بروك ترجمة سامي عبدالحميد. أما في الفنون فجاء حوار الفنان عباس يوسف مع النحات البحريني خليل الهاشمي، عن تجربة الثاني الفنية، ورؤيته لعدد من القضايا المتعلقة بالفن التشكيلي من منظور الحداثة، ثم جاءت دراسة فريد الزاهي عن التجسيد والتشخيص في الفن المغربي، والملامح التجريدية في الابداع الفني المغربي. وفي انتاج المعرفة جاءت دراسة يوسف اليوسف، التي تحمل عنوان "روافد النقد الأدبي"، ودراسة نسيم الخوري عن "سلطات العولمة ودورها في بناء الثقافات الرقمية المعاصرة"، ثم دراسة نخلة وهبة عن "جودة التربية... بين مؤشرات الجودة، وجودة المؤشرات". وفي الدراسات المترجمة ترجمة أمين صالح التي تحمل عنوان "أمبرتو إيكو واسم الوردة والسينما" وهي عبارة عن ترجمة لحوار أجري مع إيكو عن روايته "الوردة" التي تحولت الى فيلم سينمائي. وأخيراً وتحت باب نصوص بالفرنسية جاءت "كلمة التحرير" ثم دراسة "المعاجم وعلوم الإدراك" لإدريس الخطاب، ودراسة "فيكتور هوغو وتحديث الشعر العربي" لمحمد قوبعة، ثم مختارات من قصائد لكمال أبو ديب ترجمتها الى الفرنسية سميرة بن عمو.