قال "بنك الكويت الوطني" ان تقرير معهد إدارة الإنتاج في الولاياتالمتحدة، الذي اظهر توسع قطاع التصنيع للشهر الثاني على التوالي، كان مبعث ارتياح لكثير من الاقتصاديين، اذ يعتبر النهوض بالقطاع الصناعي حاسماً في الانتعاش الاقتصادي الحاصل الآن في الولاياتالمتحدة. لكن البنك اضاف، في تقريره الاسبوعي، ان ما نشهده في الولاياتالمتحدة هو انتعاش في الاقتصاد ولكن من دون زيادة في عدد الوظائف. وزاد ان النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو كان في حال ركود في الربع الأول، اذ لا تزال أوروبا متخلفة عن ركب الولاياتالمتحدةواليابان على رغم احتمال تحقيق معدل نمو سنوي يوازي واحد في المئة في الربع الثاني. وفي ما يأتي ما ورد في التقرير: أفاد معهد إدارة الإنتاج في الولاياتالمتحدة في تقريره أن قطاع التصنيع الاميركي توسع للشهر الثاني على التوالي في شهر آب أغسطس الماضي، ما رفع سقف التوقعات في مستهل الأسبوع الماضي الذي كان قصيراً بسبب عطلة في الولاياتالمتحدة. وارتفع الاستطلاع الشهري لظروف الإنتاج من 51.8 في تموز يوليو الماضي إلى 54.7 في آب. وجاء ذلك عقب تقارير إنتاجية إيجابية أخرى حديثاً من ضمنها طلبات السلع المعمرة التي ارتفعت بنسبة واحد في المئة في تموز. لذلك كان تقرير معهد إدارة الإنتاج مبعث ارتياح لكثير من الاقتصاديين، اذ أن النهوض بالقطاع الصناعي يعتبر حاسماً في الانتعاش الاقتصادي الحاصل الآن في الولاياتالمتحدة. وتوالت الأنباء الحسنة بعد صدور تقرير مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الاميركي، الذي يعرف باسم "بيج بوك"، وهو استطلاع للظروف الاقتصادية يتم تحضيره لاجتماع صانعي السياسة النقدية في السادس عشر من أيلول سبتمبر الجاري. فقد أفادت 11 مقاطعة من أصل 12 أن الظروف تحسنت، على رغم ان هذا التحسن كان محدوداً فقط في بعض هذه المقاطعات. وبسبب ما تقدم، بني الكثير من التوقعات على الحدث الأهم هذا الأسبوع وهو بيانات البطالة، اذ كانت التوقعات تشير إلى زيادة في عدد الوظائف تبلغ اثنتي عشر ألفا. بيد أن الأسواق صدمت بالأرقام الصادرة والتي أفادت بخسارة 93 الف وظيفة غير زراعية في آب الماضي، مسجلة أشد انخفاض في الشهور الخمسة الأخيرة، ما جعل الخسارة في عدد الوظائف تصل إلى 431 الف وظيفة منذ بداية السنة. وهكذا فإن ما نشهده في الولاياتالمتحدة هو انتعاش في الاقتصاد ولكن من دون زيادة في عدد الوظائف، فقد نما الاقتصاد في الربع الثاني بمعدل سنوي بلغ 3.1 في المئة، ما حدا بالكثير من الاقتصاديين إلى توقع نسبة نمو لا تقل عن خمسة في المئة في الربع الثاني. غير أن أرباب العمل ما فتئوا يعتصرون الوظائف بشكل دؤوب ويمكن القول بكل ثقة إن الفورة في الإنتاجية هي سبب رئيسي في ذلك، إذ أن الإنتاجية ارتفعت بمعدل 6.8 في المئة في الربع الثاني، ما أتاح للشركات أن تؤجل التوظيف إلى حين تحسن الأرباح، وهم على يقين من أن الانتعاش الاقتصادي حاصل لا محالة. وسلم مسؤلو مجلس الاحتياط الفيديرالي بهذا الأمر، ووصف بن برنانك احد محافظي مجلس الاحتياط الفيديرالي مثلاً وضع الاقتصاد بأنه اقتصاد "خسارة وظائف". وقال ان مجلس الاحتياط قد يحتاج لخفض أسعار الفوائد مجدداً ما لم يترافق النمو الاقتصادي السريع مع انخفاض في البطالة، مشيراً الى ان أسواق العمل الضعيفة والفائض في الطاقة الإنتاجية يولدان خطراً جديداً يزيد من احتمال التضخم. وبإعادة النظر في تقرير معهد إدارة الإنتاج الذي صدر مطلع الاسبوع الماضي، نجد أنه كان يتعين على الأسواق أن تلتقط الإشارات التحذيرية التي تضمنها، فقد انخفض مؤشر التوظيف في الاستطلاع من 46.1 في تموز إلى 45.9 في آب، في اشارة إلى أن المصنعين ما زالوا يقتطعون الوظائف. وبقي مؤشر التوظيف دون 50 نقطة لخمسة وثلاثين شهراً على التوالي بسبب ازدياد إنتاجية العمل ما يقلل الحاجة لتوظيف أيد عاملة جديدة. غير أن الأهم هو معرفة ما إذا كان السيل قد بلغ الزبى في ما يتعلق بالقدرة على استبدال زيادة معدلات الإنتاجية بالعمال الفعليين. ومع ارتفاع مؤشر الطلبات الجديدة من 56.6 في تموز إلى 59.6 في آب، وبقاء المخزون السلعي على مستواه الضحل فلن يطول الأمر بالمصنعين قبل أن يعودوا للتوظيف وهذا هو المبرر الوحيد في حال حصوله الذي يدعو للتفاؤل. منطقة اليورو لم يطرأ جديد على موضوع الوظائف في الاتحاد الأوروبي. فقد أفادت وكالة الإحصاء في الاتحاد يوروستات أن معدل البطالة بقي على حاله في شهر تموز بمعدل 8.9 في المئة، ما يتقارب مع الأرقام في الولاياتالمتحدة حيث تم الإعلان عن معدل بطالة بلغ 6.1 يوم الجمعة الماضي، كما سجلت اليابان معدل بطالة بلغ 5.5 في المئة. والمثير للقلق هو أن العجز الإجمالي للموازنة في منطقة اليورو سنة 2003 قد يكسر كل القواعد المالية التي ترتكز عليها العملة المشتركة، ففرنسا تجاهر بأنها قد حادت عن المسار قليلاً ، بعد أن أعلنت الحكومة الفرنسية أن عجز الموازنة لديها سيصل إلى اربعة في المئة من اجمالي الناتج المحلي هذه السنة، الأمر الذي ستكون له تداعيات على باقي الأعضاء. فألمانيا نفسها تترنح بسبب وصول عجزها هذه السنة إلى مستوى 3.8 في المئة. وبذلك يكون أكبر اقتصادين في منطقة اليورو هما المخلان الرئيسيان في الاتحاد. وأبقى البنك المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة هذا الأسبوع، حسبما كان متوقعاً، فقد كان النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو في حال ركود في الربع الأول، ولا تزال أوروبا متخلفة عن ركب الولاياتالمتحدةواليابان على رغم احتمال تحقيق معدل نمو سنوي يوازي واحد في المئة في الربع الثاني. وقال كبير الاقتصاديين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية جان فيليب كوتيس أخيراً ان على البنك المركزي الأوروبي أن يكون يقظاً لان مؤشرات الانتعاش الاقتصادي في أوروبا لا تزال واهنة جداً، لافتاً الى إن الانخفاض الأخير في قيمة اليورو مقابل الدولار الأميركي سيكون له وقع إيجابي على النشاط الاقتصادي. وكشفت ألمانيا وإيطاليا وهولندا الشهر الماضي أن الانكماش الاقتصادي كان على أشده إذ أن اجمالي ناتجها المحلي انكمش لربعين متتاليين. كذلك أعلنت فرنسا وبلجيكا عن انكماش في اقتصاديهما في الربع الثاني. غير أنه كان هناك بعض المؤشرات للتفاؤل بين المستهلكين وقطاع الأعمال الذين سرهم ضعف اليورو. لكن أسعار الفائدة في منطقة اليورو منخفضة جداً، ويؤمل بأن تتبلور خريطة طريق الانتعاش الاقتصادي قريباً. المملكة المتحدة توسع قطاع التصنيع في بريطانيا للشهر الثاني على التوالي في آب الماضي ليسجل أعلى أداء له في خلال 15 شهراً. فقد فاق المؤشر الرئيسي توقعات المحللين بارتفاعه من 51.1 في تموز الى 51.9 في آب. غير أن نمو مبيعات التجزئة تراجع في شهر آب بسبب الطقس الحار غير المعهود الذي ابعد الناس عن الأسواق. وأعلن اتحاد الصناعة البريطانية أن هذه هي المرة الأولى منذ آب 1995 التي يبدو فيها أن الحرارة الشديدة قد أثرت في المبيعات. ونما قطاع الخدمات للشهر الخامس على التوالي في شهر آب بمعدل أسرع من تموز. وارتفع مؤشر مشتريات المديرين في قطاع الخدمات الصادر عن المعهد القانوني للشراء والعرض من 56.6 في تموز إلى 57.0 في آب رويترز. وأظهر استطلاع مماثل للمصنعين نموا سريعاً في آب، بعد أن كان انكمش لثمانية شهور قبل أن يعود ليتوسع في تموز يوليو. وإذا نظرنا إلى هذين التقريرين معاً، نجد أنهما يظهران أن وتيرة النشاط الاقتصادي تتسارع، ولذلك لم يكن مستغربا أن يبقي بنك انكلترا المركزي في الأسبوع الماضي على أسعار الفائدة. وفي تلك الأثناء، تلاشت بعض السحب التي تراكمت بسبب التحقيق المتعلق بانتحار العالم ديفيد كيلي واستقر معه الجنيه الإسترليني. اليابان كانت زيارة وزير الخزانة الاميركي جون سنو إلى اليابان هي محط الأنظار الاسبوع الماضي. واستحوذت أسعار صرف العملات على الاهتمام اخيراً بسبب جهود اليابانوالصين لإبقاء عملتيهما على مستوى متدن مقابل الدولار. فقد أنفقت اليابان مبلغا قياسياً بلغ تسعة تريليونات ين 77.1 بليون دولار بتدخلها في أسواق الصرف في الشهور السبعة الأولى من هذه السنة، في ما بدا أنه محاولة لمنع الين من الارتفاع عن مستوى 115 مقابل الدولار. وارتفع الين بشدة بعد التصريحات الأخيرة لبنك اليابان المركزي بأنه لم يتدخل في الأسواق طوال شهر آب، وكانت الأسواق تنتظر أدنى تلميح من سنو بأنه غير راض عن الوضع الحالي. لكن سنو امتنع عن انتقاد اليابان أو الصين علناً بخصوص سياساتهما النقدية، وما أن غادر اليابان حتى قام بنك اليابان بالتدخل على مستويات عدة. وقدرت الأسواق أن يكون التدخل هائلاً ويربو على خمسة بلايين دولار. وكانت الرسالة لا تحتمل اللبس وتفيد بأن بنك اليابان سيقوم بالتدخل كلما دعت الحاجة لذلك. ومن وجهة نظر الولاياتالمتحدة، فإن على المرء أن يقدر أن الانتعاش الاقتصادي في اليابان والذي يشكل التصدير رأس الحربة فيه هو في مصلحة الجميع. وبالإضافة إلى ذلك، فإن كانت اليابان تستثمر كل الدولارات التي تشتريها في سندات الخزانة الاميركية، فإنها بلا شك تساعد الولاياتالمتحدة على تمويل العجز الهائل في حسابها الجاري، وهكذا فإنه لا توجد حقيقة أي رغبة في تقويض أسس إمكانات اليابان في النمو مجدداً.