قال "بنك الكويت الوطني" انه على ضوء المعطيات الاقتصادية الاخيرة تحسنت توقعات الاقتصاديين للنمو الاقتصادي المحتمل في الولاياتالمتحدة في الربع الثالث، لافتاً الى ان العديد منهم يتوقع أن يرتفع النمو المعدل بنسبة التضخم 3.6 في المئة سنوياً في الربع السنوي الحالي مقارنة بنسبة 2.4 في المئة في الربع الثاني. وأضاف البنك في تقريره الاسبوعي ان الارقام الاقتصادية الجيدة من الولاياتالمتحدة زادت من التفاؤل بفرص النمو في منطقة اليورو مع أن أرباح الشركات الأوروبية والأرقام الاقتصادية المعلنة اخيراً ما زالت مضعضعة. وفي ما يأتي ما ورد في التقرير: توالت الأخبار الاقتصادية الجيدة الأسبوع الماضي لتفاجئ الخبراء وتنعش الآمال في فرص النمو الاقتصادي الأميركي. وأظهر القطاع الخدماتي نمواً للشهر الرابع على التوالي، إذ ارتفع مؤشر المعهد الإداري للإنتاج غير الصناعي إلى 65.1 في تموز يوليو الماضي من 60.6 في حزيران يونيو الماضي. ولم يكن هذا الرقم الأعلى منذ بدء العمل بالمؤشر قبل ستة أعوام فحسب بل جاء أيضاً أفضل من توقعات الأسواق التي كانت تتوقع انخفاضه إلى 58 نقطة. وضاهى القطاع الصناعي أيضاً التحسن في قطاع الخدمات بعد أن ارتفع الطلب على السلع الصناعية في حزيران، ما يشير إلى التحسن في هذا القطاع بشكل عام وإلى التحسن في إنفاق الشركات، اذ ارتفعت الطلبات الصناعية بنسبة 1.7 في المئة إلى 325.98 بليون دولار في حزيران مسجلة أعلى نسبة ارتفاع منذ ثلاثة شهور، كما جاء في تقرير وزارة التجارة الأميركية، التي أعلنت أيضاً أن تحسن الطلب الصناعي كان منتشراً في مجالات عدة مثل ارتفاع الطلب على المعدات وعلى الأجهزة المنزلية والمركبات. وإذا نظرنا إلى هذا الارتفاع مع التحسن الأخير في مؤشر المعهد الإداري للإنتاج الصناعي، الذي ارتفع هو الآخر من 49.8 إلى، 51.8 فإننا نستطيع أن نعي زيادة التفاؤل الأخير في احتمال فرص النمو السريع لدى العديد من الاقتصاديين. وما زاد من هذا التفاؤل أيضا هو ارتفاع الطلب على السلع الإنتاجية غير الدفاعية، ما قد يشير إلى احتمال تحسن إنفاق الشركات في المستقبل. على صعيد آخر أعلنت وزارة التجارة الأميركية عن مراجعة أرقام الإنفاق الإعماري في حزيران، من عدم وجود أي إنفاق سابقاً إلى ارتفاع الإنفاق بنسبة 0.3 في المئة. ويبدو أن نمو أرباح الشركات الأميركية قد زاد في الفترة الأخيرة كما جاء في تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنا" يوم الجمعة الماضي إذ ارتفع صافي الأرباح لدى الشركات الأميركية المدرجة في مؤشر "داو جونز" بنسبة 63 في المئة في الربع الثاني من السنة الجارية. ويكاد هذا الارتفاع أن يقارب الارتفاع التاريخي الذي شهدناه في الربع الثاني من عام 2000 عندما كان الاقتصاد الأميركي في أوج فورته الاقتصادية. وتحسنت الإنتاجية الأميركية أيضاً في الربع الثاني من السنة بنسبة 5.7 في المئة مرتفعة من 2.7 في المئة المسجلة في الربع الأول. كما زادت مبيعات تجار الجملة بنسبة 1.5 في المئة في حزيران وهي الزيادة الأكبر منذ ما يقارب 14 شهراً. وعلى ضوء هذه المعطيات تحسنت توقعات الاقتصاديين للنمو الاقتصادي المحتمل في الربع الثالث خصوصاً أن تحسن أرباح الشركات سينتج عنه المزيد من الإنفاق الإنتاجي، إذ يتوقع العديد منهم أن يرتفع النمو الاقتصادي المعدل بنسبة التضخم بنسبة 3.6 في المئة سنوياً في الربع السنوي الحالي مقارنة بنسبة 2.4 في المئة في الربع الثاني. إلا أن توقعات الاقتصاديين شيء وتصرفات رؤساء إدارة الشركات شيء آخر، وتبقى الأسواق المالية ضمن دائرة الحيرة السائدة ما لم تشهد تحسناً لدى رؤية رؤساء الشركات أنفسهم وما لم تر استعداداً لديهم لزيادة الاستثمار في الإنتاج واستعداداً لفتح أبواب التوظيف لدى شركاتهم، إذ يبقى أي تحسن في النمو الاقتصادي منقوصاً وغير ذي جدوى ما لم نر أيضا تحسناً في سوق العمل التي ما زالت تعاني بشكل واضح. فقد أشار تقرير خاص لإحدى الشركات المرموقة الخبيرة في سوق العمل ومقرها شيكاغو أن الشركات الأميركية خفضت الوظائف لديها بمقدار 85 الف وظيفة في تموز وذلك أعلى بنسبة 43 في المئة مما حصل في حزيران. أما بالنسبة لأرباح الشركات فتجدر الإشارة هنا إلى أن زيادة صافي الأرباح قد تكون زيادة مضخمة بسبب ارتفاع أسعار النفط والتي قد تكون ساعدت الشركات النفطية في الربع الثاني أو بسبب انخفاض الدولار الأخير والذي قد يكون ساعد الشركات الأميركية خارج الولاياتالمتحدة. وبشكل عام فإننا لا نستطيع تجاهل توالي الأرقام الاقتصادية الجيدة حتى وإن كان البعض قد يشكك في توقعات الاقتصاديين لأنهم بالنهاية الأقدر على القيام بمثل هذه الحسابات المدروسة. أوروبا منطقة اليورو في آخر تقرير شهري له بّدل البنك المركزي الاوروبي من لهجته تجاه فرص النمو في منطقة اليورو، إذ زادت ثقة البنك في هذه الفرص بعكس توقعات الاقتصاديين الذين ما زالوا يعتقدون أن اقتصاد منطقة اليورو ما زال معرضاً للمزيد من الضعف. والمفاجئ في الأمر أن رئيس البنك فيم دويزنبرغ كان أشار إلى مكامن الضعف في الاقتصاد الأوروبي في أحد آخر تصريحاته في تموز الماضي، كما أن المسؤولين الآخرين في البنك لم يكونوا أكثر تفاؤلاً في معظم تصريحاتهم اخيراً. ومن الواضح أن تتابع الأرقام الاقتصادية الجيدة من الولاياتالمتحدة اخيراً زاد من التفاؤل بفرص النمو في أوروبا مع أن أرباح الشركات الأوروبية والأرقام الاقتصادية المعلنة اخيراً ما زالت مضعضعة. فعلى سبيل المثال زاد عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا بمقدار سبعة الاف في تموز، ما رفع معدل البطالة هناك من 10.2 في المئة في حزيران إلى 10.4 في المئة في تموز. أما في فرنسا فقد ارتفع العجز في الموازنة في النصف الأول من السنة ليتجاوز السقف المحدد له ضمن الاتحاد الأوروبي. والمؤشر الاقتصادي الجيد الوحيد الذي شاهدناه اخيراً كان استفتاء لوكالة "رويترز" الأسبوع الماضي حول مشتريات المديرين، إذ ارتفع هذا المؤشر من 48.2 نقطة في حزيران إلى 50.2 في تموز. وأشار هذا الاستفتاء أيضا إلى حدوث تحسن ملموس في أوضاع الشركات في قطاع الخدمات في الأشهر القليلة الماضية. وستنتظر الأسواق المالية بشغف أرقام إجمالي الناتج المحلي للربع الثاني في منطقة اليورو هذا الأسبوع. المملكة المتحدة ما زال توني بلير يرزح تحت تطورات الضغوط السياسية الأخيرة الناتجة عن موت خبير الأسلحة البريطانية ديفيد كيلي اخيراً، لكن على رغم متابعة الأسواق لهذه التطورات فإن رئيس الوزراء البريطاني ما زال قادراً على كبح زمام أموره السياسية ولم تتفاعل الأسواق مع بروز انتقادات جديدة حول تصريحات أحد المسؤولين السياسيين القريبين من بلير حول هذا الموضوع. ونما قطاع الخدمات البريطاني الكبير للشهر الرابع على التوالي في تموز، إذ أظهر استطلاع للمعهد القانوني للمشتريات والعرض الذي نشرته "رويترز" أن مشتريات المديرين في قطاع الخدمات ارتفعت من 54.5 نقطة في حزيران الى 56.6 في تموز، متجاوزة توقعات الأسواق من عدم وجود أي تحسن في هذا القطاع. لكن على رغم ذلك ما زلنا نجد أن مؤسسات الخدمات ما زالت تقوم بخفض الوظائف وبمعدلات أكبر من المسجل في الشهر السابق. في تطور أخر أظهر استطلاع أخير للصناعيين البريطانيين أن دعمهم لليورو بدأ يضعف، إذ بينت أرقام هذا الاستطلاع أن نسبة المؤيدين لليورو انخفضت من 52 في المئة العام الماضي لتصل إلى 45 في المئة هذه السنة. كما أظهر الاستطلاع أن أصحاب المصانع البريطانية متفاؤلون بالوضع الاقتصادي البريطاني وأن أكثر المشككين في جدوى الانضمام لليورو هم أصحاب الشركات الصغيرة. أما بالنسبة لسوق العقار البريطانية، فقد أظهرت الأرقام الأخيرة ارتفاع أسعار المساكن مرة أخرى في شهر تموز مع أن مجمل نمو سوق العقار في بريطانيا ما زال على انخفاض هذه السنة، لكن انخفاض أسعار فائدة تمويل العقارات لأدنى مستوى لها منذ خمسين عاماً وفرص سوق العمل المعقولة لحد الآن ما زالت توفر دعماً لهذا القطاع. اليابان بعد فشل الدولار في الانخفاض مقابل الين اخيراً، ارتفعت العملة الأميركية بسرعة الأسبوع الماضي. ويبدو أن السبب يعود إلى تدخل بنك اليابان المركزي المستمر وإلى تغاضي صانعي القرار الأميركي عن ضعف الين الأخير. لكن الدولار فشل مرة أخرى في تعدي حاجز ال121 يناً، ما جعل الأسواق تعود لتبيع العملة الأميركية بسرعة. لكن الين قد يتعرض لضغوط هبوطية في المستقبل القريب خصوصاً مع مخاطر عدم إعادة انتخاب رئيس الوزراء الياباني جونيشيرو كويزومي في انتخابات حزبه المقررة في 20 أيلول سبتمبر المقبل، ما قد يقرب من موعد الانتخابات العامة إلى شهر تشرين الثاني نوفمبر المقبل. لكن مع غياب أي أحداث مهمة لحين هذه الانتخابات فإن الاحتمال الأكبر هو أن يبقى الدولار مراوحاً ضمن نطاقه المحقق سابقاً.