عدد جديد 23، 2003 من مجلة "ألف" التي تصدر في الجامعة الاميركية في القاهرة، وتنشر مقالات بالعربية والانكليزية والفرنسية احياناً وتتبع نظام التحكيم التخصصي المتعارف عليه في الدوريات الاكاديمية. يدور محور هذا العدد من "ألف" حول "الادب والمقدس" ويقوم بتغطية العلاقة المعقدة والمركبة بين الادب والمقدس عبر العصور وفي الثقافات المختلفة، وتضيء مداخلات هذا العدد حضور المقدس في التراث الادبي، والبعد الادبي في النصوص المقدسة، واثر المقدس في الخيال الادبي ودور العنصر الادبي في التجربة الروحية والتنافس بين الادب والدين في تشكيل القيم الثقافية والاجتماعية. وتستكشف المقالات الأساس الفلسفي للتمييز بين الجميل والجليل، بين الفن والمقدس وتبحث في الجوانب السياسية والاجتماعية التي تساهم في تأسيس المقدس. وتتجاوز الدراسات حول اشكالية المقاربة الادبية والتأويل الادبي للنص المقدس بدراسات تحليلية للشعر الذي ينطوي على الايمان او على الكفر في الثقافات العربية والتركية والاوروبية والفرنسية والألمانية. أما الروايات التي يتقاطع فيها السرد بالمقدس فتناولتها الاقلام في سياقاتها التاريخية: من فرنسا العصور الوسيطة الى روسيا القرن التاسع عشر وحتى مصر والمغرب في القرنين العشرين والحادي والعشرين. ومن محتويات هذا العدد الذي تم إهداؤه الى "ضحايا الغزو الاميركي - البريطاني للعراق" مقال بعنوان "دستويفسكي: جدلية الشك والايمان" لأنور ابراهيم ويعالج فيه علاقة دستويفسكي بالله وقضايا الموت والبعث والخلود والفضيلة. وركزت الدراسة التي كتبها نصر حامد أبو زيد على مناقشة المشكلات الفكرية والعقيدية التي تواجه منهج الدراسة الادبية للنصوص الدينية عموماً والنص القرآني خصوصاً، إذ حملت هذه الدراسة عنوان "مأزق المقاربة الادبية للقرآن". وحاولت الدراسة تتبع الجذور التراثية للمنهج الادبي في دراسة القرآن. وجاء مقال فريد أبو سعدة وعنوانه "ثلاثة في أقنوم واحد" بمثابة شهادة من شاعر مصري معاصر تكشف عن فضل المسجد عليه في فترة الصبا. وضم العدد بحثاً بعنوان "الجميل والمقدس في خبرتي الدين والفن" لسعيد توفيق وهو يؤكد من خلاله أن خبرتي "الجميل والمقدس" كانتا في الاصل ملتحمتين ومرتبطتين بوشائج قُربى عدة ولكنهما لأسباب تاريخية وسياسية بُوعِد بينهما وأصبحتا منفصلتين بل ومتصارعتين. ومقال ريشار جاكمون حمل عنوان "ثورة التخييل وتخييل الثورة" وهو بمثابة قراءة جديدة في رواية الاديب نجيب محفوظ "اولاد حارتنا" التي اثارت منذ نشرها في العام 1959 مناقشات حادة بين المثقفين التقليديين وعلى رأسهم علماء الازهر، والمثقفين التحديثيين، إذ ان معظم ما كتب عنها في ذلك الوقت يتسم بالانحياز. ويكتب احمد طاهر حسنين عن "بردة" البوصيري فيصف البردة بأنها تحتل إحدى عشرة صفحة في ديوان البوصيري وتقع في 160 بيتاً شعرياً، وتتألف من قسمين رئيسين تسبقهما مقدمة القسم الأول: مدح النبي، أما القسم الثاني فيشمل غرضين هما: مناجاة النبي وعرض حاجات. وفي العدد مقال للناقد السوري بطرس الحلاق وهو بمثابة قراءة في سِفر الجسد، إذ كتب في اوائل الثمانينات في مرحلة اشتدت التساؤلات عن اهمية الجسد وموقعه في حياة الفرد والجماعة، ويؤكد هذا النص ربما من حيث لا يشاء العلاقة الجدلية العميقة بين النص الديني والنص الأدبي ليوظفها في مشروع تحرري خلاق يتجاوز الخلافات المصطنعة والعقيمة التي يسعى البعض الى فرضها على كلا النصين في عصر التقهقر الحضاري الذي نشهده. ويكتب ماركوس درسلر والحاصل على درجة الدكتوراه في الدراسات الدينية عن الشعر التركي العلوي في القرن العشرين، ويركز على تداخل الأبعاد السياسية في الشعر الديني التقليدي عند هذه الجماعة، فيذكر أن التحليل النصي والسياقي للشعر العلوي يناقض ما يفترضه الجميع من وجود حدود مميزة بين الدين والسياسة. ومن خلال البحث الذي قدمته هبة مشهور بعنوان "قراءة في نهج القرآن انطلاقاً من سورة العلق" تسعى الى قراءة النص القرآني برؤية جديدة في محاولة لرؤية النص عن قرب من خلال تركيباته وألفاظه ومعجمه. وبدأ هذا البحث الذي كتب باللغة الانكليزية في التدقيق في كلمة "القراءة" عند ظهورها للمرة الاولى في الوحي القرآني "سورة العلق" من خلال فعل الامر "اقرأ" إذ يرتكز الكتاب في بدايته وفي انطلاقه على فعل القراءة.