أكدت وزارة الخارجية الاميركية امس انها اعترضت على خطة جديدة اقترحها وفد اسرائيلي لبناء جدار امني فاصل داخل الاراضي الفلسطينية بسبب "عدم استجابتها شرط عدم ضم اراض فلسطينية داخل الخط الاخضر وتأثيرها السلبي على حياة الفلسطينيين". ومن جهتها أبدت اسرائيل ارتياحها لما وصفته ب"عدم معارضة واشنطن" للخطة التي قدمتها بشأن مسار الجدار الفاصل في محيط مستوطنة "ارييل" المقامة في عمق أراضي الضفة الغربية. قال ناطق بإسم وزارة الخارجية الاميركية ل"الحياة" ان الحكومة الاميركية تتابع عن كثب النقاشات داخل مجلس الوزراء الاسرائيلي قبل ان تتخذ قرارا بشأن احتمال اقتطاع جزء من ضمانات قروض اميركية لإسرائيل في حال قررت تل ابيب المضي قدما في بناء الجدار بحسب الخطة المقترحة. واوضح المسؤول الاميركي ان اسرائيل "تصر على ان يكون السياج سلسلة متواصلة من دون انقطاع، فيما اقترحنا بناء الجدار على الخط الاخضر مع اعتماد اسرائيل خطة لتقديم حماية مستقلة لمستوطنات آرييل وكارنل شومرون وكيدوميم". ونفى المسؤول ان تكون واشنطن وافقت على الخطة المعدلة كما اقترحها الوفد الاسرائيلي برئاسة دوف فايسغلاس، مدير مكتب رئيس الوزراء آرييل شارون، خلال المحادثات التي جرت اول من امس. وكانت مستشارة الرئيس الاميركي لشؤون الامن القومي كوندوليزا رايس التقت فايسغلاس واعضاء الوفد الاسرائيلي بمن فيهم المدير العام لوزارة الدفاع آموس يارون وسفير اسرائيل في واشنطن داني ايالون. واعتبر مسؤولون اميركيون ان واشنطن لا تستطيع ان توافق على السماح لإسرائيل بفرض سياسة الامر الواقع من خلال بناء جدار يصادر اراضي فلسطينية داخل الخط الاخضر ويقوض اسس التسوية السلمية النهائية وفق مرجعية عملية السلام. وكانت الادارة الاميركية تدخلت الاسبوع الماضي لمنع ابعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات او تصفيته فضلا عن وقف بناء المرحلة الثانية من الجدار الفاصل داخل اراضي الضفة الغربية. وجدد الرئيس جورج بوش عقب لقائه العاهل الاردني الاسبوع الماضي التزامه تحقيق تسوية سلمية في المنطقة وفق "خريطة الطريق" على رغم اعترافه بأنها تعطلت، محملاً عرفات مسؤولية احباط جهود رئيس الوزراء السابق محمود عباس. واعتبر انه لم يعد بالإمكان تنفيذ "خريطة الطريق" من دون خلق اوضاع امنية مؤاتية، من دون الاشارة الى مسؤولية الحكومة الاسرائيلية في هذا الإطار. وطالب الملك عبدالله الادارة الاميركية بتفعيل نظام الرقابة الدولية الذي نصت عليه "خريطة الطريق" لضمان التزام الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني تنفيذ الخطوات التي نصت عليها "الخريطة" والحؤول دون استمرار عملية تبادل الاتهامات بين الطرفين من دون جدوى. غير ان المسؤولين الاميركيين لم يبدوا حماسة لفكرة اعطاء دور لمراقبين دوليين بإشراف الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وروسيا في إطار اللجنة الرباعية. وكان السفير الاسرائيلي في واشنطن داني ايالون قال ان اجتماع فايسغلاس ويارون، في واشنطن مع رايس كان "طيباً للغاية" وأرسى الأسس لتفاهمات بين تل ابيب وواشنطن حول مسار الجدار. وادعى في حديث لإذاعة الجيش الاسرائيلي، امس ان مسألة خفض تكلفة البناء لم تطرح على بساط البحث، مضيفاً ان الطرفين اتفقا على استئناف الاتصالات، على خلفية معارضة واشنطن مسار الجدار في منطقة القدس وغور الأردن. وقال مراسل الاذاعة العبرية العامة في واشنطن ان فايسغلاس ويارون طرحا على مضيفتهما خطة بناء "جدار مع ثغرة" في منطقة "ارييل" تجاوباً مع الموقف الاميركي المعارض اقامة جدار متواصل. وذكرت اذاعة الجيش ان رايس لم ترفض الخطة المقترحة التي تقوم على بناء "جدار متنقل" يتشكل من مجموعة من الجدران المحيطة بالمستوطنات، غرب نابلس يكون بالإمكان تحريكها لتشكل جداراً واحداً متواصلاً مع الاجزاء الاخرى من "الجدار الفاصل" حين تتوافر انذارات بهجمات مسلحة واعادة فتحها مع عودة الهدوء. وكانت رايس قالت للصحافيين بعيد لقائها المسؤولين الاسرائيليين، انها تدرك أن لدى الاسرائيليين مخاوف أمنية، وأضافت ان "من المهم للغاية ألا يقتحم الجدار، اذا كان سيجري بناؤه، حياة الفلسطينيين، بقدر الإمكان وألا يبدو كما لو كان يحاول استباق نتيجة اتفاق سلام". وتابعت انها نقلت لضيفيها مخاوف الإدارة الاميركية "بشأن هذا السور الذي لا ينسجم حقاً مع رأينا للشكل الذي يجب ان يكون عليه الشرق الأوسط يوماً ما... دولتان تعيشان جنباً الى جنب في سلام". ونقلت الاذاعة العبرية عن أوساط سياسية في اسرائيل اشادتها بتصريحات وزير الخارجية الاميركي كولن باول في مقابلة تلفزيونية رفض فيها الضغط على اسرائيل في قضية المستوطنات "قبل ان تتحرك السلطة الفلسطينية في محاربة الفصائل المسلحة"، وان واشنطن تنتظر حتى ترى الحكومة الفلسطينية التي سيشكلها رئيسها المكلف أحمد قريع. ورأت هذه الأوساط في هذه الأقوال "دعماً للموقف الاسرائيلي الرافض استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين قبل تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة وقيامها بتنفيذ الشرط الاساسي لأي مفاوضات، بمحاربة الارهاب وتفكيك بناه التحتية". الى ذلك، كشفت صحيفة "معاريف" في عددها امس ان "الخلية الارهابية اليهودية" التي اعتقلت اجهزة الاستخبارات افرادها قبل نحو شهر خططت لسلسلة من العمليات التفجيرية في عدد من المساجد في انحاء البلاد وفي مقدمها الحرم القدسي الشريف. ووفقاً لاعترافات أحد أفراد الخلية، وجميعهم من غلاة المستوطنين، فإنهم خططوا لتجنيد خلايا، تقوم في أحد أيام الجمعة بتنفيذ عمليات ارهابية عدة في المساجد في آن واحد. وكانت اجهزة الاستخبارات كشفت عن مخازن ضخمة لأسلحة تعود لأعضاء الخلية اعدت لتنفيذ مخططاتهم الاجرامية ضد الفلسطينيين. ونسبت اليهم تهم قتل ثمانية فلسطينيين عزل بدم بارد. لكن المثير انه تم اطلاق سراح معظمهم بزعم عدم توافر أدلة تدينهم.