يتذكر ادوين شوكر بشغف السباحة وقت الفجر في مياه نهر دجلة الباردة في بغداد، مسقط رأسه، لكن الذكريات تتلاشى عندما يعيش من جديد الخوف الذي شعر به كونه يهوديا. وقال مسترجعا الذكريات في لندن حيث هو الان "افتقد النهر. في المساء كنا نتناول سمك المسكوف التقليدي الذي اصطيد من النهر ونلتقي مع اصدقاء... لكنها ذكريات يغلفها الرعب". وشوكر 48 عاماً غادر بغداد الى بريطانيا عام 1971 وهو من بين آلاف من اليهود المولودين في العراق الذين فروا او طردوا من البلاد مع تدهور الاوضاع، وزادت الجماعات اليهودية في الاشهر الاخيرة من دعوتها للاعتراف بمأساة هؤلاء اليهود المشردين. وينوي شوكر ان يزور بغداد مرة اخرى هذا الشهر ويشن حملة لتأسيس لجنة "الحقيقة والمصالحة" في العراق، على غرار اللجنة التي تأسست في جنوب افريقيا بعد انتهاء نظام الفصل العنصري. وقال ان كنعان مكية ينوي انشاء متحف في العراق يسجل يوميات القمع في عهد الرئيس السابق صدام حسين وانه يعمل معه لإنشاء قسم يهودي في المتحف. ويرجع تاريخ الجالية اليهودية في العراق الى 2600 عام، وبلغ عددها 150 ألفاً في عام 1947 لكنها تلاشت الى اعداد قليلة اليوم. وقدر المؤتمر اليهودي العالمي ان حوالى 900 الف يهودي أرغموا على ترك ديارهم في بلدان عربية مثل الجزائر ومصر والعراق وليبيا وسورية واليمن. وذهب نحو 620 الفا منهم الى اسرائيل بينما تبحث البقية عن ملاذ في فرنساوبريطانيا والولايات المتحدة ودول اخرى. وتأسست هيئة تدعى "المنظمة العالمية لليهود من دول عربية" في السبعينيات وهي جزء من "تحالف العدالة من أجل اليهود" وتقدر ان اليهود خسروا أكثر من مئة بليون دولار في شكل اصول شخصية وعامة بسبب مصادرات حكومات عربية مختلفة لهذه الاصول. وبينما اقام بعض الافراد دعاوى قضائية للمطالبة بالممتلكات المفقودة، لا يوجد الى الآن جهد منظم لجماعات يهودية للمطالبة بتعويضات. وتقول وزارة العدل الاسرائيلية انها تجمع وتسجل شهادات واقرارات بممتلكات. وانها تلقت آلاف المطالبات الى الان. وقالت ادارة حقوق اليهود من الدول العربية في الوزارة في بيان "ان استخدام استمارات المطالبات هذه في المستقبل متروك للحكومة الاسرائيلية". وعلى رغم ما ساهم به اليهود في المنطقة، يقول المعلقون العرب ان ربط هذه المسألة بالقضية الفلسطينية غير صحيح. و قال شبلي ملط المحامي المقيم في لبنان "اؤيد حق العودة لليهود العرب بالاضافة الى الاعتراف بمعاناتهم التي تم نسيانها غالبا والتعويض عنها". وزاد: "هناك عنصر رئيسي منسي هو نشاط المنظمات الصهيونية لاقناع اليهود العرب واجبارهم احيانا على ترك دولهم والهجرة الى اسرائيل. كيف يمكن للمرء ان يقدر تلك السياسة الواقعية اللعينة في ما يتعلق بالتعويضات". وقال عباس شبلاق وهو كاتب فلسطيني مقيم في لندن ومؤلف كتاب عن يهود العراق انه جرى تحريف القضية. وأضاف: "لسنا مسؤولين كفلسطينيين عما حدث لليهود العرب في العراق وفي دول عربية اخرى. هذا امر تسويه اسرائيل مع كل دولة عربية". وتابع: "ان مطالبة اليهود من دول عربية صحيحة. لكن المؤسسة السياسية الاسرائيلية تربط بين المسألتين معا في وقت لا تقدم فيه حلا جديا لقضية اللاجئين الفلسطينيين".