منذ إعلان انتهاء الهدنة من قبل الفصائل الفلسطينية الى يوم 7/9، استشهد 20 مواطناً فلسطينياً، منهم 15 قائداً سياسياً وميدانياً، بصواريخ "الأباتشي" الإسرائيلية، الأميركية الصنع والتكاليف. وإلى ذلك ارتكبت اسرائيل مئات الخروقات للهدنة، وثلاث عمليات اخرى فاشلة، اهمها الغارة على الشيخ احمد ياسين، الزعيم الروحي ل"حماس". فأصبحت الهدنة لاغية. ولم يطل الانتظار، فهو قبل كل شيء عملية وقت لا غير. وهذا ما اكدته الدقة في اختيار الأمكنة والأهداف في عملية الصرفند، قرب تل ابيب التي نفذت ضد مجموعة من الجنود الإسرائيليين المدججين بالسلاح بالقرب من احدى قواعدهم المهمة والأساسية. لكن الغريب في الأمر هو حدة الكلام الإسرائيلي والتصريحات النارية التي اطلقها قادة اسرائيل. اننا امام توجه عنصري، فاشي، استعلائي ذي نزعة ظلامية لا ترقى فعلاً إلا لمستوى العقلية الصهيونية، الاقتلاعية، الاجتثاثية، التي جاء بها التفكير الهمجي العدائي الذي لا يعترف بسقمه وعقمه. فالرئيس ياسر عرفات منتخب من قبل شعبه الفلسطيني. وهو قاد عملية "سلام الشجعان" مع الجانب الإسرائيلي، وتحمل مسؤولية اتفاقات اوسلو وما تلاها من تفاهمات واتفاقات. وأثبت، في مراحل التفاوض، انه وحده يمسك العصا مسكة الراعي المخضرم. وكلنا نذكر كيف تعامل ابو عمار مع قضية الذين اغتالوا الإرهابي رحبعام زئيفي، وكيف قام باعتقالهم وسجنهم، وما زال يعتقلهم حتى يومنا هذا. وكلنا نتذكر صفقة كنيسة المهد التي أشرف عليها الرئيس عرفات شخصياً. وكذلك قضية لجنة تقصي الحقائق في مخيم جنين. وإسرائيل، كما اميركا، كلاهما تعرفان انه من دون عرفات لن يستطيع اي كان تحقيق السلام. فهذا "الختيار" ما زال الممسك بالأمور، حتى من عزلته، ومن وراء اسوار "المقاطعة" المهدم، المدمر، المتهاوي والمتداعي بفعل الضغط والقصف والحصار. أكد ذلك الوزير الأميركي كولن باول قبل ايام حين طلب من الرئيس عرفات التدخل لوقف العمليات المسلحة ودعم حكومة ابو مازن التي كانت تتهاوى ما ادى في ما بعد لاستقالتها. وأبو عمار يعرف ان لا شريك له في عزلته وحصاره، سوى شعبه المحاصر ومقاومة هذا الشعب المستمرة. وقال بوضوح، نعم لاستقالة ابو مازن وهذا معناه: لا لبوش وإدارته، وضغطها المستمر، ولا لتهديدات شارون وجيشه المحتل، ونعم لترتيب البيت الفلسطيني. وهذا انتصار معنوي وعملي لعرفات، ولو لبعض الوقت. لكن كيف سيتم ترتيب البيت الفلسطيني، وبأي اشكال وأصناف من البشر؟ هنا يكمن الخلاف مع الرئيس عرفات، إذ لا يمكن ترتيب البيت الفلسطيني بعد كل العواصف التي عصفت به، بمجموعة من البشر كانت عاملاً او سبباً من عوامل وأسباب خرابه وتهديمه. فالشخصيات التي ساهمت في تخريب البيت وهدمه، وتسليم بنيانه لأعدائه، لن تكون شخصيات قادرة على صوغ سياسة امنية قومية ووطنية فلسطينية، ولا تستطيع الدفاع عن مصالح الشعب الفلسطيني العليا. هل يعي الرئيس ابو عمار خطورة التعيينات الجديدة؟ ودقة المسؤوليات التي يتمتع بها بعض اركان حكمه؟ نأمل ان يكون الرئيس عرفات يعرف ماذا يفعل. فلم يعد مقبولاً تعيين الذين لا ينفعون في الأماكن التي لا تناسبهم، والتي لا يستحقونها. ونذكر السيد الرئيس ان هذه التعيينات لن تساعد في فك حصاره وعزلته. وقد تكون نتائجها عكسية، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. نضال حمد [email protected]