فجأة اختفت اللافتات التي كانت تروج لفاعليات مهرجانات جدة و"أفيشات" المسرحيات والاستعراضات، لتحل محلها لافتات اخرى تحمل في معظمها صوراً لحقائب مدرسية بألوان وأحجام مختلفة. ولم تقتصر الإعلانات على الشوارع وواجهات المحلات فحسب، بل امتدت لتشمل ايضاً مختلف وسائل الإعلام. وهي لا تروّج فقط للحقائب الجديدة، فكل شيء تقريباً يمكن ربطه بموسم "العودة" وصولاً الى الشوكولاته الذي يروّج على انه "غذاء جيد وملئ بالحيوية" للطفل الذي "يحتاج الى الطاقة" في يومه المدرسي الحافل. ومع هذه الجمل التسويقية المكثفة، يبقى الأهل، الخارجون للتو من موسم استهلاكي آخر هو موسم الاصطياف، حائرين ويتساءلون من اين سيبدأون عملية التبضع، وكم سيكلفهم تجهيز ابنائهم. وإذا كان الأبناء كثرة، "ينكسر الظهر"، على ما قالت امل قدورة أم لأربعة ابناء التي امضت الأسبوع الماضي كله في تهيئة ابنائها وشراء لوازمهم. وبتفحص لائحة الShopping الخاصة بأبنائها نجد انها تحتوي القرطاسية من اقلام وألوان ودفاتر و"علبة الهندسة" ابتداء من منتصف المرحلة الابتدائية. وبالطبع فإن ما يوفر الكثير على الأهالي هو ان الكتب المقررة توزع بالمجان على التلاميذ في مختلف الصفوف لكون الحكومة تتكفل بذلك. ثم يأتي دور الثياب، وبالنسبة للأبناء فإن ذلك يعني ما لا يقل عن ثلاثة "أثواب" بيض الزي الوطني والمدرسي الموحد في السعودية لاستخدامها على امتداد الأسبوع. ومن هذه "الأثواب" ما يكون جاهزاً للبيع بأقل من 90 ريالاً. لكن البعض يفضل تفصيل اثواب خاصة، لترتفع التكلفة الى 150 ريالاً. وتصل احياناً الى 500 ريال او اكثر للثوب الواحد، بحسب القماش والحجم. وهناك طبعاً "ملابس الرياضة" وهي غالباً ما تحمل ألوان فريق كرة القدم المفضل لدى الابن، إذا لم تفرض المدرسة عليه ألواناً معينة. اما بالنسبة الى الفتيات، فهناك "مريول" خاص موحد يحمل غالباً اللون الأزرق، ترتديه الفتاة فوق ملابسها وتحت العباءة السوداء. ومن ثم يحين وقت شراء الحقيبة والLunch Box وهذه تتفاوت اسعارها تبعاً لماركتها وجودتها. لكن بعد دخول الأبناء الى المرحلة المتوسطة يترك كثيرون منهم الحقيبة ويستخدمون "ربطة" لحمل الكتب. ويتجنبون حمل السندويشات من المنزل مفضلين شراء الطعام والعصير من ال"كافيتيريا" كما يفعل زملاؤهم، الأمر الذي يترتب عليه اخذ مصروف يومي او اسبوعي خاص من الأهل. اما بالنسبة الى المواصلات فهي النقطة الأهم، خصوصاً في ظل عدم قدرة الأم على اصطحاب ابنائها الى المدارس واعتماد الأسر في شكل كبير على السائق. العائلات الميسورة توظف سائقاً خاصاً يبقى مع الأولاد طوال اليوم... وإلا يقوم الأب بهذه المهمة في العائلات المحدودة الدخل. والأفضل عند الغالبية ان تقدم المدرسة خدمة المواصلات التي تعتبر الأقل كلفة 1500 الى 2500 ريال في السنة. ويلجأ البعض الى تكليف سيارة اجرة او سائق يملك سيارة خاصة بمسؤولية نقل الأولاد يومياً في مقابل مبلغ مقتطع متفق عليه يقارب ال600 ريال شهرياً. وتبقى الأقساط المدرسية هي الهم الأكبر، وفي السعودية كما في معظم البلدان، توجد المدارس الحكومية المجانية والخاصة او "الأهلية"، وهذه تتفاوت اقساطها بحسب الخدمات التي تقدمها، فمنها من يطلب قسطاً فصلياً يقارب ال7000 ريال ومنها من يصل قسطه السنوي الى خمسين ألف ريال في المراحل الثانوية. وإذا كان الطالب من النوع الذي "يحتاج الى مساعدة" فهذا يعني "قسطاً ثانياً" يتوجب على الأهل دفعه ويتمثل في رواتب المدرسين الخصوصيين، وهي مكسب كبير لهؤلاء المدرسين خصوصاً في فترة "المراجعة والاستذكار" التي تسبق موعد الامتحانات. وتقول والدة الشاب "بندر" انها دفعت ما يقارب العشرين الف ريال في مقابل دروس خصوصية في كل المواد لابنها خلال السنتين الثانويتين الأخيرتين، على رغم ذلك رسب "بندر" واضطر الى ان يعيد سنته الثانوية الأخيرة مرة ثانية.