بدأ العام الجديد بطرح العديد من المنتجات المدرسية المختلفة التي تتناسب مع كافة الأذواق، والتي من أهمها «الحقيبة المدرسية»، حيث يتعلق طلاب المرحلة الابتدائية بالشخصيات الكرتونية، الأمر الذي أجبر العديد من شركات تصنيع الحقائب على إيجاد هذه الصور على الحقائب، لجذب أكبر شريحة من الأطفال، وبالتالي الضغط على الآباء لشرائها رغم أسعارها المرتفعة. والمشاهد هذه الأيام هو أن الطفل يبدي رأيه باختيار حقيبته من خلال لونها وحجمها، بل والأهم أن يكون عليها صورة شخصيته الكرتونية المحببة، لترافقه كل يوم إلى مدرسته، بغض النظر عن نوع الشركة المصنعة أو خامتها. «الرياض» تُسلط الضوء على الموضوع لمعرفة أسباب تعلق الأطفال بهذه الشخصيات، مع مناقشة تأثير ذلك عليهم في المستقبل، إلى جانب أخذ آراء المتخصصين في ذلك. أمر محبب في البداية قالت «أم محمد» - أم لثلاثة أطفال جميعهم بالمرحلة الابتدائية -: منذ دخولي من باب المكتبة اتجه أطفالي إلى موقع الحقائب، واختاروا جميعاً الحقائب التي تميل ألوانها بالعادة للألوان الداكنة، مضيفةً أنها لاحظت اختيارهم لشخصياتهم المفضلة، والتي يقف على أهمها «سبونج بوب» و»ميكي ماوس»، بينما اختارت ابنتي حقيبة باللون الوردي وعليها صورة «فلّة»، مشيرةً إلى أننا في عصر الفضائيات ولم نعد نستطيع فرض آرائنا على أبنائنا، مؤكدةً على أن اختيار الأبناء أشيائهم الخاصة أمر محبب لديهم، خاصةً إذا كان سيرافقهم بشكل يومي. الشركات هي السبب وأوضح «محمد القحطاني» أنه لا يفضل أن يتعلق أبناءه بالرسوم المتحركة، إلاّ أنه أُجبر على ذلك جراء اصرارهم العجيب على شرائها، ذاكراً أن أحد أبنائه رفض الذهاب إلى المدرسة ما لم تكن حقيبته وأدواته تحمل مثل هذه الرسومات، ملقياً اللوم على الشركات التي غزت الأسواق بمثل هذه المنتجات، والتي أحرجت الأسر مع أطفالها كثيراً، مشيراً إلى أن بعض الأباء لا يمكنه شراء تلك الحقائب؛ بسبب ارتفاع أسعارها، كما أننا نعيش هذه الأيام أزمة مادية جراء مرور موسمين مهمين هما «عيد الفطر» و»بداية الدراسة»، واللذين أنهكا الآباء بكثرة التكاليف. صور جميلة وذكر «بندر العبدالوهاب» أن شخصيات أطفالنا أصبحت تتشكل عبر ما يشاهدونه عبر الفضائيات، مضيفاً أن أبناءه دوّنوا احتياجاتهم وكان من ضمنها أسماء لحقائب ك»حقيبة طيور الجنة»، و»فتيات القوة»، و»ستروبري»، و»بك بانثر»، بالإضافة إلى «توتي»، و»فلّة»، إلى جانب «لولو كاتي»، لافتاً إلى أنه فضّل أخذهم معه لجهله بصور هذه الشخصيات. وقال «أسامة علي» -طفل في السادس الابتدائي-: إنه يحب الشخصيات الكرتونية على أدواته المدرسية، مثل «يوقي يوق» و»الآليون المدمرون «، حيث يرى أنها صور جميلة تحببه في المدرسة، مضيفاً أن هناك بعض من زملائه يضايقون من يقتني مثل هذه الحقائب والأدوات بالكلام عنه على أنه مدلل، إلاّ أنه يرى أن كثيراً من زملائه يحرصون على اقتنائها بشكل واسع. موضة انتشرت وأوضحت «سميرة العسيري» أن الموضة دخلت على الحقائب المدرسية، فهذا العام وجدت الكثير من الحقائب التي تحمل صور «السفاري» للأولاد و»لولو كاتي» و»الاستروباري» للبنات، بعد أن تصدرت «باربي» و»فلّة» المواسم السابقة، وكذلك «سلاحف النينجا» و»سابق ولاحق» و»بي بليد»، إلى جانب «سبايدر مان» و»كونان» و»كابتن ماجد»، لافتةً إلى أن هذه الحقائب في كثير من الأحيان تضم «المقلميات» و»زجاجات المياه» و»حقائب الطعام»، مؤكدةً على أن الأسعار مبالغ فيها، حيث نجد أن الحقائب المدرسية للأطفال في المرحلة التمهيدية تتراوح أسعارها من (59) إلى (150) ريال، أما المرحلة الابتدائية فتبدأ من (150) إلى (250) ريالاً، وفي المرحلة المتوسطة يزيد السعر تبعا لخامة الحقيبة إذا كانت من الجلد أو غيره، وقد يصل سعرها إلى (500) ريال!. اختيار بعناية ومن الناحية التربوية قالت الأستاذة «منى اليتيم»: يحرص تلاميذ وتلميذات المدارس مطلع العام الدراسي على اختيار أشكال متنوعة من الحقائب، والتي ملأت الأسواق بأشكالها وخاماتها المتعددة، مبينةً أن الشركات المنتجة ركزت على الشخصيات الكرتونية، لجذب صغار السن، من خلال الشخصيات الكرتونية التي يشاهدونها عبر الفضائيات، ويحرصون على اقتنائها ويتفاخرون بها بين أقرانهم في المدارس، مؤكدةً على أن الشخصيات الكرتونية والصور على الأدوات المدرسية لمسة جميلة على الحقيبة، ولكن على الأسرة اختيار هذه الصور بعناية، كالشخصيات الكرتونية التي تعبر عن المرح واللعب والجمال، مشددةً على أن الطفل بالغ التأثر بشخصيته الكرتونية، لذا على الأهل الحرص على ألا تكون الشخصية المحببة من الشخصيات الشريرة، ذاكرةً أن منع الطفل من اقتناء مثل هذه الحقائب أو المستلزمات يؤثر على نفسيته، وقد تجعله يكره المدرسة، لذلك علينا أن نجعل من الأدوات المحببة سبيلاً لحب المدرسة. عرضة للتأثر ورأى «محمود كسناوي» -استشاري الطب النفسي- أن صور الشخصيات الكرتونية اكتسبت قيمة عالية، حيث أن الطفل في السن المبكرة يكون عرضة للتأثر البالغ بما يراه ويشاهده، مما يؤثر بعد ذلك على سلوكه وتصرفاته، والتي قد تكون «عدوانية» أو منافية لما جاء به الإسلام، مضيفاً أن العلاج يبدأ من تدخل الأهل في اختيار المنتج الأفضل لأبنائهم والذي لا يعود عليهم بالتأثير السلبي، وأن يختاروا ما هو جديد وليس ما هو جميل المنظر، كما أن على القائمين بصناعة هذه المنتجات أن يقوموا بابتكار أو صنع صور ل»رموز إسلامية» أو عربية ذات قيمة خلقية أو علمية أو وطنية، ليكونوا قدوة لأبنائنا، ولنغرس فيهم قيم الخير والصدق، ولتساهم في تنمية شخصياتهم ليكونوا أعضاء نافعين في مجتمعاتهم.