يثير إقرار الحكومة الإسرائيلية إطار الموازنة العامة للعام المقبل ردود فعل غاضبة في أوساط نقابات العمال ومختلف الأحزاب الإسرائيلية، على مختلف ألوانها السياسية، وان اختلفت دوافع ومسوغات كل منها فبعضها يرى أن تقليص موازنة وزارة الدفاع يمس باحتياجات إسرائيل الأمنية ويحول دون توفير الاجوبة للتحديات التي تواجهها، فيما ترى أخرى ان تقليص موازنة كل الوزارات بنسبة 19 في المئة سيطال أساساً الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية ومخصصات دعم الفئات الضعيفة والفقيرة التي تتعرض لسيف التقليص للسنة الثالثة على التوالي. وأقرت الحكومة تقليص الموازنة ببليوني دولار في إطار خطة معالجة الوضع الاقتصادي التي وضعتها قبل عام للنهوض بالاقتصاد المتهاوي واستجابة للضغوط الأميركية في مقابل منح الدولة العبرية ضمانات مالية بقيمة تسعة بلايين دولار. وتدخل رئيس الحكومة ارييل شارون لحسم الخلاف بين وزيري المال والدفاع في حكومته بنيامين نتانياهو وشاؤول موفاز، الذي لم يخل من البعد الشخصي على خلفية تطلعهما لكرسي زعامة ليكود بعد شارون، وانحاز إلى موقف موفاز الرافض تقليص موازنة وزارة الدفاع بثلاثة بلايين شيكل نحو 660 مليون دولار وحدده ب1.1 بليون شيكل 240 مليون دولار، ما اضطر نتانياهو إلى فرض مزيد من التقليصات على موازنة الوزارات الأخرى ليصوّت تسعة وزراء ضد الموازنة العامة في مقابل تأييد 15 وزيراً. ودعا شارون وزراءه إلى "امتصاص الضربات الاقتصادية" والتقليصات المؤلمة "التي يصعب احتمالها" وذلك "للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي ودعم النمو والحيلولة دون زعزعة الأسواق". وكان موفاز وأركان الجيش قادوا حملة إعلامية أساساً اعتمدت التهويل من أن التقليصات في موازنة الدفاع "تدخل إسرائيل إلى خطر غير معقول" وراحوا يلوّحون ب"التهديد الإيراني" وخطر الصواريخ غير التقليدية على الدولة العبرية. ولفت معلقون إلى أن قادة الجيش لجأوا دوماً، مع بدء مناقشة الموازنة العامة، إلى اشهار "تهديد مخيف" لمنع التقليصات. وأمس انضم إليهم رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية يوفال شتاينتس الذي اعتبر التقليص في موازنة الدفاع قراراً خاطئاً "ازاء التهديد المتربص بإسرائيل من إيران"، مضيفاً ان من السابق لأوانه القول إن "التهديد العراقي" زال نهائياً وانه ينبغي الانتباه إلى تسلح دول عربية بعتاد عسكري غربي، في اشارة إلى مصر، "ما يحتم علينا الاهتمام بالحفاظ على تفوقنا العسكري والتكنولوجي في السنوات الخمس المقبلة". ودعا الأمين العام لحزب "العمل" اوفير بينيس وزعيم حركة "شاس" الدينية ايلي يشاي حزب "شينوي"، الشريك في الائتلاف الحكومي والمعارض للتقليصات، إلى توحيد الجهود لاسقاط الموازنة اثناء التصويت عليها في الكنيست بعد اسبوعين. في غضون ذلك، أشارت أرقام دائرة الاحصاء الإسرائيلية إلى أن نسبة البطالة في إسرائيل وصلت إلى 6.10 في المئة من مجمل الأيدي العاملة.