الأرجح ان تدخل خدمة الرسائل النصية القصيرة الى تاريخ الاتصالات الحديثة محاطة بأبهة كبيرة. ليس فقط انها شيء ما لم يكن متوقعاً ابداً، بل تحولت الى ظاهرة عالمية. دخلت الى تفاصيل الحياة اليومية وصارت جزءاً من العلاقات الاسرية ومشكلاتها. بالامس فقط، ثار خلاف فقهي في ماليزيا عن جواز الطلاق اسلامياً عبر رسائل الخلوي. وفي لبنان، جعلت بعض الوزارات رسائل الخلوي وسيلة اساسية للتعامل مع الجمهور. ابتدأ الامر بوزارة الداخلية التي ارسلت اول رسالة خلوي "رسمية" عن عدد وفيات حوادث السيارات نتيجة للسرعة. وراهناً تشرح وزارة الاتصالات تفاصيل الخطوط الجديدة ورسومها عبر SMS. فضائيات على الخلوي ماذا عن الامارات؟ في هذه الدولة التي لا يفتر سعيها للحاق بالتكنولوجيا الحديثة، اقبل الجمهور بقوة، على مايبدو، على خدمة جديدة لها علاقة بالخلوي ورسائله. ويدور الامر على نقل اخبار بعض الفضائيات العربية عبر SMS. وكانت قناة "الجزيرة" القطرية اول من اطلق هذه الخدمة الخلوية. ويبدو ان قبعة "الجزيرة" لا تفرغ. استعراضات القناة الجدلية لا تلبث تنطنط من ساحة الى أخرى، من خشبة الى أخرى، و في البال تجاوز عتبة 35 مليون مشاهد في العالم العربي. هي أيضا الرغبة، ثم الحاجة، الى تجاوز عتبة الجمهور "التلفزيوني" والدخول الى حلبة التفاعلي بكامل اللياقة المهنية التي تستوجبها متطلبات الثورات التقنية العصرية المتلاحقة. بالأمس، ولدت النسخة الانكليزية ل"الجزيرة نت": "أن تأتي متأخراً خير من ألاّ تأتي أبداً"، تهافت على الموقع جمهور يعرف القناة جيدا ًويجهلها في الوقت ذاته. أخيراً، تمكّن الملايين حول العالم من قراءة مضمون رسائل القناة الاخبارية المألوفة على شاشات تلفزتهم، بعد ان اكتفوا لسنوات مضت بحفظ شكل الشعار والصورة. لم يمض وقت طويل قبل أن يتعرض الموقع لمحاولة اغتيال استهدفته وزميله العربي. انها ضريبة البث الانترنتي ومواقف القناة بالطبع. "الموبايل": نصاً وصوتاً! سريعاً أيضاً جاء الرد: "الجزيرة موبايل". ارسلت القناة رسائلها بالعربية والانكليزية الى هواتف الراغبين من مقتني الهواتف المحمولة لقاء خمسة دولارات شهرياً. لاقت هذه الخدمة التي وفّرتها تقنياً شركة "المجاز" الخليجية لتقديم خدمات التكنولوجيا رواجاً كبيراً حول العالم. دخلت "الجزيرة" بذلك عصر الSMS ومهووسيه وجلّهم بالطبع من الشريحة الشبابية التي تولي القناة مزيداً من الاهتمام لجذبها. مكّنت "الجزيرة موبايل" المشتركين من تلقي أهم الاخبار العاجلة من سياسية واقتصادية ومالية ورياضية وصولاً الى أحوال الطقس واخبار الفنانين وعارضي الازياء. ولكن، برزت مشكلة عانى منها تحديداً اولئك الذين قد لا يرغبون بالانصات عشرات المرات يومياً الى طنين الرسائل الوافدة الى اجهزتهم. ثم تمضية الوقت بعد ذلك بازالة الرسائل المستهلكة من سلة المهملات الافتراضية. سريعاً، مرة أخرى، جاء الحل. طرحت "الجزيرة" خدمتها الجديدة: "الجزيرة الصوتية" أو ما يعرف بخدمة المعلومات المسموعة عبر الهاتف. في أي وقت يختاره بوسع المشترك أن ينفذ الى الاخبار التي يريدها ويستمع اليها بالقدر الكافي الذي يحتاجه وتتيحه ظروفه. كل ما عليه فعله هو دفع بدل الاشتراك وامتلاك جهاز خلوي. هذا الوقت. ماذا عن المكان؟ الى اليوم، لا تزال خدمة "الجزيرة الصوتية" مقتصرة على الاجواء الاماراتية. لماذا؟ "لأسباب عدة، اهمها وجود الشركة التي طورت هذا النظام في الامارات. وايضاً بسبب تطور شبكة الاتصالات وجاهزية البنية التحتية الضرورية في هذا البلد" يشرح ساسين مزرعاني، مدير عام الشركة المطورة للنظام Technologies E-merging. يضيف ساسين أن لا اسباب اخرى، سياسية أو ما شابه، تقف وراء اطلاق الخدمة من الامارات تحديداً "فالاسباب تقنية بحتة، وقد قمنا باستخدام احدث تقنيات التعريف الصوتي لتنفيذها. والعمل جار كي يتم تعميم هذه الخدمة قريبا في العالم العربي والخارج". تقول مصادر الشركة المطورة للمشروع ان بعد مرور شهرين على الاطلاق فاقت نسبة المشتركين التوقعات، "علماً أن جمهورنا المستهدف هو ذوو الدخل الذي يفوق ستة آلاف درهم شهرياً 1634 دولاراً والمهتمون بالاخبار حول العالم. وفئاتهم العمرية تتراوح بين الخامسة والعشرين والخمسين".