تجرى اليوم الانتخابات النيابية اللبنانية الفرعية في دائرة بعبدا - عاليه، وسط استنفار سياسي وشعبي يتجاوز المنافسة بين أربعة مرشحين، هم هنري حلو وحكمت ديب التيار الوطني الحر - العماد ميشال عون وعماد الحاج ومنير بجاني، لملء المقعد النيابي الماروني الشاغر بوفاة النائب بيار حلو، الى المبارزة على الزعامة المارونية التي يتوقع لها أن تعجل في رسم "خريطة طريق" جديدة للتحالفات في الشارع المسيحي. ووقع بعد ظهر امس اشكال امني، عندما دخل مناصرون للمرشح الحاج الى بلدة عالية رافعين صورا للرئيس الراحل بشير الجميل واشتبكوا مع محتجين عليهم من ابناء البلدة. وافادت مصادر امنية ان اثنين من الحزب التقدمي الاشتراكي جرحا، احدهما من جراء الضرب والآخر بالرصاص، فتدخلت قوة من الجيش واعتقلت الفاعلين وسيرت دوريات للحفاظ على الامن. وعلى رغم ان المنافسة محصورة بين حلو وديب، وان نتائجها تتوقف على كثافة الاقتراع لدى المسيحيين، فإن الترجيحات الأولية تعتبر حلو أوفر حظاً من منافسه، في حال بقي "المزاج الانتخابي" في حدود السيطرة ولم تدخل عليه عوامل جديدة، أسوة بما حصل في الانتخابات الفرعية في المتن الشمالي. راجع ص 6 ومع صعوبة التكهن بحجم كثافة الاقتراع، فإن التحضيرات كرست ما يشبه الطلاق السياسي بين الرئيس السابق أمين الجميل وابن شقيقه نديم بشير الجميل الحليف الأساسي للعماد عون. ودعا نديم الجميل في خطاب ألقاه مساء أمس لمناسبة الذكرى ال21 لاغتيال والده الى "الاقتراع لمرشح التغيير ديب"، واصفاً المعركة بأنها بين السلطة والمعارضة، في إشارة مباشرة الى عمه الداعم لحلو، الى جانب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي و"حزب الله" وحركة "أمل" وأحزاب سياسية أخرى. وفي تقدير الأوساط السياسية أن أهم ما في المعركة تسليم عون بطي صفحة مقاطعة الانتخابات إضافة الى أن الانتخابات بصرف النظر عن النتيجة ستؤدي حتماً الى إعادة خلط الأوراق في الساحة المسيحية، بدءاً بقواها المعارضة، والى إفساح المجال أمام حصول انقلاب في التحالفات لن تبقى آثارها عند حدود بعبدا - عاليه بل ستمتد الى كل جبل لبنان. ولفتت الى أنه ستكون لجنبلاط لاحقاً قراءة سياسية يحدد فيها موقفه من قانون الانتخاب الجديد، إضافة الى ضرورة الترقب نظراً لما يصيب تيار "القوات اللبنانية" من إشكالات لخروج بعض رموزه عن اطلاق الحرية للناخبين الى الانخراط في الماكينة الانتخابية لديب. وتعتقد الأوساط نفسها أن المعركة ستؤثر في مستقبل العلاقة بين أركان لقاء "قرنة شهوان" المعارض، مشيرة الى أن عون يطمح الى تسجيل رقم عال في صفوف المسيحيين، ظناً منه ان هذا الرقم سيمهد له الطريق أمام تقاسم الزعامة مع نديم الجميل. وهذا ما يخشاه الذين يقفون على الحياد أو اعتبروا أنفسهم غير معنيين. وإذ يراهن عون على قدرته على حصد نحو 20 ألف ناخب مسيحي فإنه في المقابل يسعى الى تحقيق اختراق رمزي بين المسلمين وهو ما يفسر حرصه على "تنعيم" خطابه الانتخابي.