يعتبر الارشاد من أهم المساعدات التي تقدمها للمراهق ولوقايته من الوقوع في المشكلات ومساعدته على حلّها. ويقوم الإرشاد النفسي في مرحلة المراهقة على أساس قدرة المراهق على الإسهام في حل المشكلات التي يعانيها، بسبب ما وصل إليه من النضج العقلي والنفسي والجسمي والاجتماعي. ويستطيع المراهق أن يحل مشكلاته، ويحقق ذاته إذا ساعدناه في فهم ذاته فهماً صحيحاً. ومن المشكلات التي تعترض المراهقين مشكلة اختيار المهنة أو الدراسة المناسبة له ورغبته في تغيير المجتمع أو الانخراط فيه والتخلص من التوترات الجنسية والسعي لإيجاد علاقات طيبة مع الأسرة، إلى جانب مشكلات التأخر أو الضعف الدراسي، ومشكلة كراهية المدرسة؟ والهروب منها. ومن المشكلات الشائعة في المراهقة وجود صراعات بين قيم الطفولة وقيم الرجولة وصراع بين الرغبة في الإشباع الآني أو المباشر لدوافعه والإشباع المؤجل. وهنا يأتي دور الأهل كمرشد بتوجيه المراهق نحو الاختيار الموضوعي الصائب. ومن الخصائص النفسية للمراهق أنه يسعى للحصول على المساعدة من أشخاص في مثل سنه أكثر من سعيه للحصول عليها من الكبار عامة. ويتأثر المراهق في ذلك باتجاهه العام نحو مجتمع الكبار، ويمكن استغلال ذلك في حل مشكلاته من طريق مساعدة الجماعة التي ينتمي إليها. وتتطلب عملية الإرشاد معرفة آباء المراهقين بحقيقة مرحلة النمو هذه التي يمر بها المراهق وخصائصها وأن يعرفوا مثلاً أن سلوك التمرد أو العصيان جزء من النمو في هذه المرحلة، وأن رغبة المراهق في الاستقلال عن الأسرة، رغبة طبيعية. ومن شروط الإرشاد الجيد ألا نكلف المراهق أكثر من طاقته لأن ذلك سيزيد حاله سوءاً، ولذلك ينبغي مراعاة قدراته وإمكاناته، بحيث يقع الإرشاد في نطاق قدراته الطبيعية وخبراته. ويمكن الأهل أن يلعبوا دور المرشد، أو أن يستعينوا بمرشد نفسي في حال وجود فتور في العلاقة بين الأهل وطفلهم. ولكن على الأهل أن يراعوا بعض الصفات في المرشد للوصول إلى النتائج المرجوة. فعلى المرشد أن يراعي مبدأ الفروق الفردية بين المراهقين، إذ ان لكل مراهق شخصيته، وليسوا جميعهم نسخة واحدة، وإنما يختلفون في ما بينهم في كمية ما يمتلكون من ذكاء، وفي القدرات والاستعدادات والميول والسمات الشخصية والظروف الاجتماعية والاقتصادية. والمرشد الجيد يقيم علاقة ودية مع المراهق قوامها الثقة المتبادلة والاحترام بينهما، حتى تساعد هذه العلاقة أو تلك الرابطة العاطفية على إفصاح المراهق عما يجول في صدره من أسرار أو خبايا. ولا بد من أن يفهم المراهق أن المرشد يستهدف مساعدته، والأخذ بيده، ولا يهدف الى فرض سلطته عليه. ومن مبادئ الإرشاد الجيد مبدأ التدرج في سير خطوات المعالجة أو في العملية الإرشادية، فلا يصح أن تكون فجائية أو مفروضة بالقوة، ولكن لا بد من التسلسل والتدرج من مطلب إلى آخر، أو من مشكلة فرعية إلى أخرى. وتتطلب العملية إجراء تشخيص دقيق للحال قبل علاجها، بالاعتماد على الوسائل الموضوعية الدقيقة في جمع المعلومات، كالاختبارات والمقاييس والمقابلات.