إنهمك أمس وفدان عسكريان يمثلان الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية لتحرير السودان"، في رسم معالم اتفاق على الوضع العسكري في البلاد خلال الفترة الانتقالية، بعد اختراق مهم في مفاوضات السلام في كينيا. واعتبر ناطقون باسم طرفي النزاع السوداني ان محادثات نائب الرئيس علي عثمان محمد طه وزعيم الحركة العقيد جون قرنق عالجت معظم قضايا الخلاف التي عرقلت السلام في البلاد طوال 13 شهرا، وأكدوا ان الطرفين قدما تنازلات كبيرة. راجع ص 6 وعلمت "الحياة" أن الوسيط الاميركي في المفاوضات السفير جيف ملنغتون أبلغ الجانب الحكومي ان "الحركة الشعبية" وافقت على اقتراح يسند منصب نائب الرئيس لقرنق على ان يتمتع بصلاحيات حقيقية، في مقابل تخصيص منصب نائب رئيس وزراء لحزب المؤتمر الوطني، مما يعني ان الرئيس عمر البشير سيصبح رئيس الوزراء، على أن يشغل نائبه الاول منصب نائب رئيس الوزراء بعد اخلائه منصبه الحالي لقرنق. وتحل هذه المعالجة اصعب المشاكل التي واجهت عملية السلام، اذ طالبت الحكومة بمنصب رئيس الوزراء لطه، في حين رفض المتمردون ذلك بشدة واعتبروا انه يحد من صلاحيات نائب الرئيس قرنق. ويبقي هذا الحل على رجلين قويين فقط في البلاد هما قرنق والبشير بدل صيغة رئيس ونائبه ورئيس وزراء والتي تجعل القيادة تتألف من ثلاث شخصيات، لكنها تعالج في الوقت ذاته بصورة عملية مسألة السلطة الفعلية في الحكومة المركزية، اذ سيكون نائب رئيس الوزراء هو رئيس الوزراء الفعلي خصوصا في ظل نفوذ رجل مثل طه يعتبر احد الصناع الرئيسيين لحكم الانقاذ ومديريه خلال الاعوام ال 13 الماضية. وأبلغت مصادر في الوفدين "الحياة" أن معالجة مقبولة للطرفين تمت في قضية وضع الجيشين، لكنها بحاجة الى بحث في التفاصيل، الامر الذي تولاه وفد عسكري - أمني حكومي وصل الى نيروبي أمس بقيادة وزير الدفاع بكري حسن صالح مع مسؤولي "الحركة الشعبية". وتفيد المعلومات في هذا الشأن ان ما تم الاتفاق عليه يشمل احتفاظ الجانبين بقواتهما خلال سنوات الفترة الانتقالية الست، مع تشكيل وحدات عسكرية مشتركة من 21 ألف جندي تنشر منها 4 ألوية في الشمال وثلاثة في الجنوب. وتشمل نقاط الاتفاق ايضا اجراء انتخابات عامة عند منتصف الفترة الانتقالية، واطاراً عاماً لاقتسام الثروة والسلطة يستند على منح الولايات نصيباً من السلطات والموارد حسب ثقلها السكاني، وان تحكُم المناطق المهمشة نفسها بإدارة ذاتية.