بين العدد الاول الذي لم يتجاوز عدد صفحاته الثماني في عام 1976 وبين العدد المئة الذي فاقت صفحاته المئة والخمسين عام 2003، نجحت مجلة "الرائدة"، التي تصدر عن معهد الدراسات النسائية في العالم العربي التابع للجامعة اللبنانية - الاميركية، في احتلال مكانة خاصة وسط كم المطبوعات العربية التي تعالج قضايا المرأة. فالمجلة اختطت لنفسها اهدافاً تميزها عن غيرها، اذ سعت منذ انطلاقتها الى التركيز على البحث الاكاديمي الموضوعي في دراسة اوضاع النساء العربيات، والسعي الى وصل ما انقطع بينهن، فشكلت الملفات التي عالجتها على صفحات اعدادها مرجعاً ثميناً للباحثات في احوال النساء. ومواضيع الملفات ما تركت قضية ساخنة إلا وسلطت الضوء عليها. فثمة عدد عن المرأة والعنف وآخر عن علاقة المرأة بالسياسة وعناوين اخرى مثل المرأة والفقر وأوضاع النساء في السجون، وعلاقة المرأة بالاعلام وعلاقتها بالمجتمع المدني. ولاحقت "الرائدة" المرأة في الزراعة، والمرأة الفنانة والنساء العربيات والسينما، والمرأة والإعاقة، والنساء والحرب والمرأة في العمل وفي العائلة والمرأة والجنس. وبحثت المجلة في موضوع الحركات والمنظمات النسائية في العالم العربي، المقالات والتقارير المرفوعة الى المؤتمرات التي على علاقة بالمرأة والمقابلات ومراجعة الكتب. كانت الجامعة اللبنانية - الاميركية، الجامعة الاولى في الشرق الاوسط لتعليم الفتيات ابتداء من عام 1924. وكذلك كان معهد الدراسات النسائية الاول من نوعه من المنطقة، والذي تأسس في العام 1973، لخدمة النساء انطلاقاً من رؤية اكاديمية ثقافية بحثية وتوثيقية بعيداً من السياسة وتجنباً لتحويله منبراً للمطالبة بحقوق المرأة. اذ كانت القيمات عليه يعتقدن ان الحركات المستقلة قد تكون اكثر قدرة على النجاح في تحقيق هذا الهدف، على ان يحصر المعهد مهمته في زيادة وعي الرأي العام تجاه قضايا المرأة. فهل نجحت "الرائدة" في تحقيق هدف المعهد؟ لا شك في ان المجلة اسهمت في سد ثغرة كبيرة في معرفة حجم ازمات النساء في مجتمعاتهن العربية. فجاءت الابحاث فيها مدمجة بالأرقام والاحصاءات والحقائق وليست مبنية على مواقف شخصية. وقد يكون تطرقها الى مواضيع لم تكن لتثار في العلن، وقبل الطفرة الاعلامية لوسائل المرئي والمسموع ومن ثم "انترنت"، سبباً في تضييق الخناق عليها. فإصدار نسخة عربية من المجلة التي كانت تطبع باللغة الانكليزية وسّع دائرة قرائها حتى شمل عيون الرقابة في الدول العربية، وأدى الى جانب العنصر المادي الى توقيف هذه النسخة في نهاية الثمانينات بحجة ان المجلة تتطرق الى مواضيع تعتبر جريئة او من "المحرمات". اكثر قراء "الرائدة" من المشتركين او المكتبات في الجامعات الغربية ومراكز الدراسات النسائية والمنظمات غير الحكومية وباحثين افراد. ومنذ 2002 صارت "الرائدة" متوافرة على شبكة "انترنت" [email protected] وعادت النسخة العربية الى الظهور مجدداً لكن فقط عبر "انترنت" التي ربما وفرت لها حرية لم تكن لتحظى بها على الورق. ومن ابرز المواضيع التي تمكنت المجلة من معالجتها اخيراً المشكلات الجنسية بكل تشعباتها وأوضاع النساء في السجون العربية. في العدد المئوي الذي اشرفت على اصداره الى جانب مديرة المعهد السيدة منى خلف، هيئة تحرير تضم مريام صفير وعبير همدر ومجموعة من المستكتبات والمستكتبين، اكثر من تحقيق ومقابلة ورأي وملف. فكتبت الباحثة روز-ماري صايغ عن "الحركات النسائية العربية: الموضوع المتأخر في التاريخ"، ومديرة الاعلام الخارجية في وزارة الخارجية السورية بثينة شعبان عن "الكاتبات العربيات الاوليات: تعبيد الطريق"، والاستاذ المشارك في التاريخ والعلوم السياسية فواز طرابلسي عن "دليل الرجل الذكي الى قضايا المرأة العربية المعاصرة" والاستاذة في جامعة الرباط ربيعة الناصري عن "الحركة النسائية في المغرب العربي"، والناشطة سابقة محمد النجار البحرين عن "الحركة النسائية في الخليج العربي"، والباحثة الفلسطينية اصلاح جاد عن "تأطير الحركات النسائية العربية ضمن المنظمات غير الحكومية". وتضمن العدد مجموعة مقابلات لتقويم الحركات النسائية العربية وتحديد التحديات الحالية التي تواجهها. وخصص ملف العدد لعرض الحقائق الاساسية لواقع النساء في كل دولة من دول الجامعة العربية، ومن المصادر التي اعتمدت مواقع عربية متخصصة بشؤون المرأة وتبين، بحسب مقدمة الملف ان هذه المواقع استقت معلوماتها من مصادر خارجية وفي شكل اساسي من الأممالمتحدة وحتى من وزارة الخارجية الاميركية ومكتبة الكونغرس وبعثة حقوق الانسان ووكالة الاستخبارات الاميركية! ولفتت مقدمة الملف الى ان هذه المعلومات تجعل الملف غير نهائي ولا حاسم. ودعت المعنيين الى مدها بالمعلومات الصحيحة اذا وجدوا اخطاء، والباحثين الجدد وكل مهتم الى البحث في هذا المجال وتقديم اي معلومات مختلفة الى المعهد.