في عملية اغتيال هي الخامسة التي تنفذها قوات الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة خلال الايام العشرة الاخيرة، استشهد كادران من "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس بقصف صاروخي اسرائيلي استهدف السيارة التي كانا يستقلانها قرب مخيم البريج وسط قطاع غزة. جاء ذلك فيما كثفت الادارة الاميركية ضغوطها على الجانب الفلسطيني ل"انقاذ" حكومة محمود عباس أبو مازن من تصويت بحجب الثقة عنها خلال اجتماع المجلس التشريعي الفلسطيني حيث يسود الاعتقاد بوجود غالبية داعمة لموقف الرئيس ياسر عرفات الرافض التنازل عن صلاحيته في الاجهزة الامنية الفلسطينية او التدخل الاميركي في الشؤون الداخلية الفلسطينية. استشهد عبدالله عقل وفريد مياط وكلاهما من "كتائب عزالدين القسام"، الجناح العسكري ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس واصيب ثلاثة اخرون في هجوم صاروخي نفذته مروحيات من طراز "أباشي" الاميركية الصنع بعد ظهر امس واستهدف سيارة كانت تقل الشهيدين بين مخيمي النصيرات والبريج في المخيمات الوسطى، فيما اصيب عدد من السيارت المارة والمنازل القريبة بأضرار. وافاد شهود ان عقل تمكن من الخروج من السيارة، الا ان صاروخاً اسرائيلياً آخر لاحقه وقتله، علماً ان الطائرات الاسرائيلية حلّقت في سماء القطاع طوال ساعات النهار. وجاء الهجوم بعد ساعات قليلة فقط من تجديد اسرائيل تهديداتها بمواصلة مسلسل الاغتيال ضد الناشطين الفلسطينيين بضوء اخضر اميركي، مضيفة انها ستستمر في عملياتها في عمق قطاع غزة من دون ان تعيد احتلاله بالكامل. وباستشهاد عقل ومياط، يرتفع عدد الفلسطينيين الذين اغتالتهم اسرائيل منذ الخميس قبل الماضي الى سبعة شهداء، من بينهم اسماعيل ابو شنب القائد السياسي البارز في الحركة. السلطة تستنكر وتتهم واشنطن واستنكرت السلطة الفلسطينية امس الهجوم الاسرائيلي على السيارة الفلسطينية في غزة، وحملت واشنطن المسؤولية عن التصعيد العسكري الاسرائيلي. وقال وزير شؤون مجلس الوزراء الفلسطيني ياسر عبد ربه لوكالة "رويترز": "نعتبر هذه العملية محاولة لقطع الطريق على الجهود التي تقوم بها الحكومة الفلسطينية من اجل تهدئة الاوضاع، ونعتبر ان الحكومة الاسرائيلية تقوم بشكل متعمد بمحاولة اشعال النار على نطاق شامل". واضاف: "الادارة الاميركية مسؤولة مباشرة عن التغطية على هذه العملية". استمرار حظر التجول والتنكيل في غضون ذلك، ابقت اسرائيل لليوم الثالث على التوالي حظر التجول على مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين وعلى احياء في البلدة القديمة لمدينة نابلس، وواصلت عمليات التنكيل بالمواطنين وتخريب ممتلكاتهم، فيما اعتدت بالضرب على فتيات ومسنين فلسطينيين حاولوا منع الجنود من اعتقال اقربائهم. وافادت مصادر طبية فلسطينية ان شابا فلسطينيا 25 عاما ينازع بين الحياة والموت بعد ان اصيب برصاص مغلف بالمطاط اطلقه جنود اسرائيليون على مجموعة من راشقي الحجارة. يذكر ان الرصاص المغلف بالمطاط ليس معدا للقتل لكن تبين انه قاتل اذا اطلق من على مسافة قصيرة واصاب اجزاء حيوية من الجسم. الى ذلك، واصل الجيش الاسرائيلي عمليات الدهم والتفتيش التي ترافق حملات الاعتقال المستمرة بحق الشبان في اكثر من مدينة وقرية في الضفة، خصوصاً القرى المحيطة بمدينتي جنين ورام الله حيث اعتقل نحو سبعة فلسطينيين في الساعات الاخيرة. وشهدت ازقة جنين اشتباكات مسلحة بين جنود الاحتلال ومجموعات فلسطينية مسلحة. وذكرت مصادر امنية فلسطينية ان تبادلا لاطلاق نار وقع امس بعدما توغلت 15 دبابة اسرائيلية ترافقها سيارات جيب في جنين بهدف اعتقال ناشط. وقال المصدر ان الجيش الاسرائيلي اعتقل خلال العملية ناشطا من "كتائب شهداء الاقصى" المنبثقة عن حركة "فتح" التي يراسها ياسر عرفات. استشهاد طفلة في خانيونس وفي وقت لاحق، استشهدت طفلة فلسطينية في الثامنة من عمرها برصاص جنود اسرائيليين في مخيم خانيونس للاجئين جنوب قطاع غزة مساء امس. واكدت مصادر طبية لوكالة "فرانس برس" ان آية محمود فياض اصيبت بنيران اطلقها جنود متمركزون عند حاجز قريب من مستوطنة "نيفيه ديكاليم" القريبة من المخيم، فيما اصيب ثلاثة فلسطينيين بجروح. ولم يتسن الحصول من الجيش على تبرير لقيام الجنود باطلاق النار على الفلسطينيين. واعاد الجيش الاسرائيلي مساء امس فتح طريق صلاح الدين، الطريق الرئيسية التي تصل شمال قطاع غزةبجنوبه. وازاح الجيش الكتل الاسمنتية التي اعاد وضعها في موقعي حاجزي ابو هولي والمطاحن، قرب دير البلح وسط القطاع، وخانيونس في الجنوب. يأتي ذلك كله في الوقت الذي دخلت فيه اسرائيل وبقوة على خط الخلاف بين الرئيس ياسر عرفات ورئيس وزرائه محمود عباس من خلال تصريحات رأى الفلسطينيون ان اسرائيل تسعى من خلالها الى تقويض الثقة بحكومة عباس بدل "مساعدته"، كما تدعي المصادر الاسرائيلية. "عزل عرفات"... مرة ثانية وفي هذا الاطار، قال نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي، وزير التجارة والصناعة ايهود اولمرت في تصريحات للاذاعة الاسرائيلية ان ابعاد الرئيس الفلسطيني "مسألة معقدة ومثيرة للمشكلات، لكن يمكن ان نقوم بالاستيلاء على المقاطعة مقر الرئيس الفلسطيني في رام الله حيث ما زال محاصراً منذ سنة وتسعة اشهر وعزل عرفات نهائياً عن العالم الخارجي ومنعه من لقاء واستقبال زائرين". وذكرت الاذاعة الاسرائيلية ان مكتب شارون عقب على تصريحات اولمرت بالقول ان "هذه الفكرة معروفة، لكن لم تناقش". واستبعدت المصادر ان تكون لدى الحكومة الاسرائيلية نية في ابعاد عرفات في هذه المرحلة. حجب الثقة عن ابو مازن وتزامنت تصريحات اولمرت التي القى فيها مسؤولية عدم التقدم في العملية السياسية على عرفات نفسه مع ما سربته مصادر اسرائيلية عن ضغوط وجهود تبذلها الولاياتالمتحدة "لانقاذ حكومة ابو مازن. وذكرت صحيفة "يديعوت احرونوت" على موقعها في الانترنت ان مسؤولين اميركيين اكدوا لاعضاء في المجلس التشريعي الفلسطيني من كتلة "فتح" انهم "تصويتهم لصالح حجب الثقة عن ابو مازن سيعتبر تصويتا ضد الرئيس جورج بوش!". وكان عدد من النواب في المجلس التشريعي الفلسطيني اكدوا ل"الحياة" ان نائب القنصل العام الاميركي التقى عددا كبيرا منهم "للاستماع الى وجهات نظرهم"، ونقل اليهم رسالة من وزير الخارجية الاميركي كولن باول مفادها ان الادارة الاميركية "قلقة" على مستقبل العملية السياسية وحكومة ابو مازن وان ثمة تخوفاً اميركيا من مغبة حجب الثقة عن هذه الحكومة. "صيغة توفيقية" لإنهاء الأزمة وفي الاطار ذاته، علمت "الحياة" ان رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني احمد قريع ابو علاء التقى مطولاً عباس في مكتبه امس بحضور عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" صخر حبش وعدد من الوزراء الفلسطينيين. وقالت مصادر فلسطينية ل"الحياة" ان غالبية اعضاء التشريعي وكذلك كبار المسؤولين الفلسطينيين، يدفعون باتجاه اقناع عباس بتجاوز الخلافات والقبول بصيغة توفيقية في شأن السيطرة على الاجهزة الامنية بينه وبين الرئيس الفلسطيني. واشارت الى ان موعداً لعقد جلسة للتشريعي لن يحدد قبل التوصل الى حل لهذا الخلاف.