لم يكد يجف الحبر الذي سطر ارسال قوات افريقية الى مونروفيا في البيان الختامي لقمة "المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا" إيكواس في العاصمة الغانية اكرا مساء الخميس، حتى تجدد القتال بعنف صباح الجمعة أمس في العاصمة الليبيرية، وسجل مقتل تسعة اشخاص على الاقل في معارك ضارية تخللها سقوط قذائف. راجع الصفحة 7 وكانت قمة اكرا طلبت من الرئيس الليبيري تشارلز تايلور التنحي عن السلطة ومغادرته البلاد في غضون ثلاثة ايام من وصول قوات حفظ السلام، التي قررت القمة ارسال طلائعها بعد غد الاثنين. وكان تايلور وافق مطلع الشهر الماضي على عرض نيجيريا ضمان "ملجأ آمن له" بعد تنحيه، مشترطاً وصول قوات حفظ السلام الى منروفيا فبل ان يغادر العاصمة الليبيرية. لكن وزير الاقتصاد الليبيري صموئيل جاكسون قال لشبكة تلفزيون "سي ان ان" امس ان تايلور "سيغادر ليبيريا عندما يتم نشر القوات بالكامل" اي بعد ثلاثة اسابيع، وبعد انجاز "ترتيب سياسي" لتسليم السلطة الى نائبه او الى رئيس البرلمان "في اطار عملية دستورية". وقال صحافي ليبيري في اتصال هاتفي اجرته "الحياة" بمونروفيا أمس، ان حدة المعارك تصاعدت أمس واشعلت العاصمة الليبيرية بعد انتشار نبأ تمسك تايلور بالسلطة وعدم نيته التنحي ومغادرة العاصمة بحلول الاربعاء المقبل. ويبدو ان قمة أكرا لم تحل "أزمة الولاياتالمتحدة في ليبيريا"، بحسب تعبير الصحافي الليبيري نفسه، كما لم تحل في شكل نهائي مشكلة الحرب الاهلية المندلعة في ليبيريا منذ 14 سنة، والتي قتل خلالها اكثر من 200 ألف شخص، وتسببت في تهجير ربع سكان البلد البالغ عددهم 3،3 مليون شخص. إذ كانت واشنطن تعرضت اخيراً لضغوط شديدة للتدخل وانهاء الحرب، خصوصاً من "الليبيريين الاميركيين" الذين كان اباؤهم أتوا من الولايات الاميركية واسسوا قبل 156 دولة ليبيريا، والتي كانت في معظم تلك السنين شبه "محمية اميركية". ويعتبر هؤلاء ان ثمة "واجب اخلاقي" على واشنطن الوفاء به وانقاذ بلدهم من نار الحرب الاهلية فيه. الحل الذي عرضته واشنطن، والذي تبنته قمة اكرا الخميس، جاء ليضمن عدم تورط القوات الاميركية في الحرب الليبيرية بأي شكل من الاشكال، إذ طالب بتنحي الرئيس تايلور ومغادرته البلاد، وتثبيت وقف النار الذي وقعه قبل 45 يوماً مع الفصائل المسلحة المعارضة لحكمه، ثم ارسال قوات حفظ سلام افريقية تتحول قيادتها لاحقاً الى الاممالمتحدة. وفي كل ذلك، تبقى الولاياتالمتحدة في الساحة الخلفية تساهم بثلاث سفن حربية تقدم دعماً لوجستياً خصصت له عشرة ملايين دولار. وسترسو تلك السفن، المقرر ان تصل طليعتها السبت المقبل، قبالة ساحل منروفيا، من دون قرار بإنزال اي من ال 2300 جندي من على متنها الى بر مونروفيا. وبإنكفاء واشنطن عن الوجود المباشر على البر الليبيري عسكريا، وبعيداً عن رعاية حل يضمن تقاسم عادل للسلطة قبل إجراء انتخابات لاختيار رئيس جديد للبلاد، تكون وضعت وصفة جاهزة لحرب اهلية جديدة طويلة الامد في القارة الافريقية، حتى لو غادر تايلور مونروفيا او أجبر على مغادرتها. إذ تتنافس على السلطة اكثر من اربعة مجموعات عرقية رئيسية، وكل منها لديها امتدادات في دول الجوار، خصوصاً غانا وغينيا وساحل العاج وبوركينا فاسو. وتتنافس كل من هذه الدول على دعم مجموعة عرقية. وفي ذلك، لم تعرض واشنطن اي اقتراحات لما بعد رحيل تايلور، كما لم تتطرق قمة اكرا الى هذا الموضوع.