ربما يكون اليوم السبت آخر موعد للكويتيين للاهتمام الخاص بذكرى الغزو العراقي الذي وقع في الثاني من آب اغسطس 1990، والذي تحلّ ذكراه الثالثة عشرة للمرة الاولى فيما اصبح نظام صدام حسين في كنف التاريخ، بعدما تسبب بكل هذا الألم والمعاناة للكويتيين. غير ان "النصر" ممزوج بالمرارة، وقليل من الكويتيين يحتفل به اليوم، فهم مشغولون بدفن المزيد من رفات لأكثر من 600 أسير ومعتقل من الكويتيين وغيرهم بات مؤكداً ان احداً منهم لم ينج من مؤسسة الموت الصدامية. فحتى الخميس الماضي تم دفن رفات 11 من هؤلاء الأسرى بعد ان أكدت فحوص الحمض الوراثي هويتهم، وكان آخرهم اللبنانية دعد عمر الحريري التي كانت ربّة اسرة في الثالثة والثلاثين من العمر عندما اعتقلها الجنود العراقيون في تشرين الاول اكتوبر 1990 بتهمة مساعدة مقاومي الاحتلال. كانت دعد التي لا يزال ابناؤها الثلاثة ووالدتها يعيشون في الكويت ضمن 62 جثة وُجدت في مقبرة جماعية جنوب مدينة السماوة العراقية ويعتقد انها جميعاً لأسرى كويتيين او عرب كانوا يقيمون في الكويت. وصار مؤكداً الآن انهم أُعدموا بطلقات في الرأس صيف عام 1991 اي بعد اشهر قليلة من هزيمة الجيش العراقي في الكويت. وطوال 13 سنة جاهدت الكويت لمعرفة مصير 605 من الأسرى، معظمهم كويتيون ويوجد بينهم سعوديون ومن جنسيات عربية اخرى، وكان نظام صدام حسين ينفي طوال الوقت وجودهم، وكان صادقاً في معظم الوقت في قوله انهم "غير موجودين"، إذ كانوا انضموا سريعاً الى عشرات الآلاف من العراقيين الذين التهمتهم آلة القتل الجماعي للنظام. والى جانب اعلان استشهاد دعد اللبنانية وتسعة كويتيين بينهم طالبة الجامعة انعام العيدان، كان هناك ناصر الخالدي وهو من "البدون" ووضعت رفاته التي أخذت من مقبرة السماوة في مثواها الأخير في الكويت بينما بدأت مساعٍ لمنح عائلته الجنسية الكويتية التي طالما حلم بها في حياته، لكنها جاءت بعد استشهاده. وصارت قضية الاسرى الكويتيين مسألة وقت الآن لكي يكمل خبراء الطب الشرعي وفريق البحث الامني الذي تفقّد عشرات المقابر الجماعية في العراق اجراءات العثور على الجثث وفحصها. وإلى 62 جثة استُخرجت من السماوة، جرى فحص لمزرعة في الحبانية يعتقد ان عشرات من الأسرى أُعدموا ودفنوا فيها في تموز يوليو 1991، وهناك معلومات جديدة عن مقبرة قرب الزبير القريبة من الحدود الكويتية وعن احتمال وجود 114 جثة لكويتيين الى جانب آلاف الجثث لعراقيين وغيرهم ممن استضافتهم فرق القتل الجماعي، وهكذا فإن اسماء المدن العراقية باتت لا تتردد في الكويت الا على اساس انها مقابر محتملة للأسرى. ولا يزال الرجل الذي خلق كل هذه المعاناة طليقاً، ولم يفعل قتل ولديه عدي وقصي على ايدي الاميركيين، ولا حتى العرض الاعلامي لجثتيهما، الكثير لتنفيس الغلّ في نفوس الكويتيين على صدام حسين في انتظار ان يقع هو نفسه حياً او ميتاً. وبغير ذلك سيبقى 2 آب ذكرى ثقيلة على نفوسهم مهما مرّت السنون.