قبل بضعة أشهر، أطلق شبان لبنانيون فكرة انشاء منطقة حرة للتكنولوجيا المعلوماتية وتجارتها في منطقة الدامور، وهي بلدة ساحلية قريبة من العاصمة اللبنانيةبيروت. وحوّل هؤلاء فكرتهم الى مشروع منظم وشرعوا في الترويج له. وسرعان ما أثار مشروعهم جدالاً واسعاً لم يخل من السياسة وآثارها. وسبق ل"المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات" "ايدال"، ان طرحت هذا المشروع التكنولوجي نفسه، وفي المنطقة نفسها، قبل سنوات عدة. واستعانت بدراسة أعدتها الشركة الاستشارية الأميركية "غرابر اند كراون" Graber Simmons and Crowen بتمويل من "الوكالة الأميركية للتجارة والتنمية" USTDA. وأجرت هذه الشركة مسحاً لقطاع التكنولوجيا في لبنان، أظهرت نتائجه وجود تسعة أنواع من المشاريع الاستثمارية المتعلقة بالتكنولوجيا والمناسبة لموقع لبنان التكنولوجي في المنطقة. وتتوزع هذه المشاريع بين تكنولوجيا المعلومات وبرامج الانترنت وخدماتها والالكترونيات، والتجميع والتوضيت والاختبار في مجال الكومبيوتر. ما هي طبيعة المشروع؟ وأشارت مصادر من "ايدال" الى ان المشروع هو عبارة عن تجمع مصانع. على مساحة مليون و300 ألف متر مربع يتم فيه تجميع الصناعات الالكترونية، وتقديم خدمات انترنت بأسعار زهيدة. كما سيتضمن مراكز أبحاث وتطوير للخدمات المعلوماتية ومحطات للبث الفضائي واستوديوات للانتاج التلفزيوني والإذاعي. اضافة الى المطاعم والفنادق، التي ستكون ضمن قرية تمتد على مساحة 150 ألف متر مربع من المساحة الأصلية. وأضافت المصادر عينها انه "بعد موافقة مجلس الوزراء على المشروع، يلزم انشاء المرحلة الأولى منه نحو عام ونصف العام، تشاد خلالها البنية التحتية للمشروع. ويعد المشروع بدور اقليمي واسع للبنان في مجال صناعة المعلوماتية. التي لا تزال في خطواتها الأولى في الاقتصاد المحلي، وتنحصر المبادرات بالقطاع الخاص دون سواه. ويرى غبريال ديك عضو "جمعية المعلوماتية المهنية" ان "أهمية المشروع التكنولوجي تكمن في خلق فرص عمل غير تقليدية، واستقطاب اللبنانيين الذين يبحثون عن عمل في الخارج". ويوضح ان "التصور الذي وضعته الجمعية منذ سنوات يصب في خدمة الشركات المحلية أولاً وتليها الأجنبية. ولا مانع لدينا في أن تنافسنا الشركات الأجنبية، بل نحن بحاجة الى حوافز لاستقطابها. مما سيجعل من لبنان مركزاً اقليمياً للشركات المعلوماتية العالمية". وأوضح ديك ان شركات أميركية وأوروبية عدة أبدت رغبتها في الاستثمار في المشروع التكنولوجي. السياسة تفسد التكنولوجيا! ويثير مشروع الدامور جدالاً سياسياً واسعاً في لبنان، حتى قبل أن تتضح معالمه كاملة. ويعتبره البعض تهديداً باستباحة الهوية الديموغرافية لبلدة الدامور الساحلية، وبتحويل واحاتها الزراعية الى مساحات من خرسانة اسمنتية صماء. وأبدى النائب وليد جنبلاط استعداده لخوض معركة اقامة هذا المشروع، الذي من شأنه توفير نحو ألفي فرصة عمل. ومن جهته، شن النائب السابق سمير عون، حملة عنيفة على بلدية الدامور والمشروع المطروح. وصرح الى "الحياة" بقوله: "ان العقار الذي سيقام عليه هو لأهالي الدامور وليس مشاعاً بلدياً. فالبلدية نقلته الى اسمها عام 1973 تحت ضغط ظروف معينة في تلك الآونة.