افاد تقرير صحافي في لندن امس، ان المزاعم عن قدرة النظام العراقي السابق على نشر أسلحة دمار شامل في ظرف 45 دقيقة، كانت تستند الى مجرد "إشاعات"، استخدمت لتبرير الحرب على العراق. وجاء في التقرير الذي نشرته صحيفة "ذي غارديان" في صفحتها الأولى، ان هذا الزعم المثير للجدل، كان أكثر ضعفاً مما اعتقد المسؤولون في رئاسة الوزراء البريطانية التي "تترنح" بعد الأسبوع الأول من جلسات التحقيق القضائي المستقل الذي يقوده اللورد هاتون في ملابسات انتحار خبير الاسلحة البريطاني الدكتور ديفيد كيلي. وجاء ذلك بعد اسبوع من جلسات التحقيق في ملابسات انتحار كيلي، كشف خلاله ان خبير الاسلحة تعرض لضغوط شديدة من وزارة الدفاع اثر اتهامه الحكومة بتضخيم القدرات العسكرية العراقية. وكانت الحكومة البريطانية تعرضت لهجوم شديد بسبب إدخالها المزاعم حول قدرة النظام العراقي السابق على نشر اسلحة بيولوجية وكيماوية، في ظرف 45 دقيقة، ضمن الملف الخاص بأسلحة الدمار الشامل العراقية في أيلول سبتمبر من العام الماضي، وذلك لمحاولة إقناع الرأي العام البريطاني بضرورة الحرب على العراق. وكشفت "ذي غارديان" ان مسألة ال"45 دقيقة" لم تكن سوى "مزاعم قديمة"، وذلك وفقاً لوثيقة داخلية خاصة بوزارة الخارجية البريطانية أذاعتها لجنة التحقيق التي يرأسها اللورد هاتون. وأشارت الصحيفة الى اعتقاد سابق بأن تلك المزاعم استندت الى أقوال ضابط عراقي كبير يعمل في إطار هيكل القيادة العسكرية للرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، لكن الحقيقة هي أن هذه المعلومات جاءت من طريق أحد العملاء التابعين لجهاز الاستخبارات الخارجية البريطانية أم آي 6. ولاحظت الصحيفة أن الحكومة البريطانية لم تعترف مطلقاً بأن تلك المعلومات المهمة كانت تستند إلى مجرد "إشاعات". وكان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير دافع في شدة في مجلس العموم البريطاني في 4 حزيران يونيو الماضي، عن صحة تلك المعلومات، قائلاً ان مصدر هذا الزعم لم يكن منشقاً عراقياً، ولكن كان مصدراً موثوقاً به ومعروفاً. واعادت "ذي غارديان" الى الأذهان ان حكومة بلير كانت شنت هجوماً شديداً على هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي لأنها أذاعت تقريراً مفاده أن ملف الحكومة البريطانية عن أسلحة الدمار العراقية الصادر في أيلول الماضي، تم تضخيمه والمبالغة في مضمونه. واستندت "بي بي سي" في ذلك الى "مصدر"، كشفت لاحقاً انه الدكتور كيلي العالم المتخصص في أسلحة الدمار العراقية. وكان أليستر كامبل مدير الاتصالات والإعلام في رئاسة الوزراء الذي سيدلي بشهادته أمام القاضي هاتون الأسبوع المقبل، أبلغ لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم انه يجد "من الصعب أن يصدق المرء أن بعض الصحافيين في وسعهم إذاعة تقارير تستند فقط إلى مصدر واحد وغير معروف الهوية ولم يتم التحقق من صحة معلوماته"، في اشارة الى كيلي. واستنتجت "ذي غارديان" ان الحقيقة هي أن مصدر مزاعم الحكومة عن أسلحة الدمار العراقية كان أكثر اهتزازاً . ونسبت الصحيفة الى الناطق باسم حزب الديموقراطيين الأحرار منزيس كامبل قوله ان "هذه الأسرار تلحق الدمار بصدقية الحكومة البريطانية"، لكن الخارجية البريطانية ردت على هذا الانتقاد بالقول ان اللجنة المشتركة للاستخبارات التي تقوم بتحليل وتقويم المعلومات السرية كانت "أصدرت حكمها الذي يتضمن المعلومات الخاصة بال45 دقيقة، وذلك على أساس معرفتها في كل الأمور المتعلقة بهذا المصدر وبمضمون الحقائق". وسيمثل أمام لجنة التحقيق الى جانب كامبل الأسبوع المقبل، عدد بارز من مساعدي بلير، بمن فيهم جوناثان باول رئيس أركان مكتب بلير وكبير مستشاري رئيس الوزراء للشؤون الخارجية ديفيد مانينغ وهو المرشح لتولي منصب سفير بريطانيا في الولاياتالمتحدة. ومن المقرر أن يمثل بلير ووزير دفاعه جيفري هون في وقت لاحق أمام لجنة التحقيق. وكانت ال"بي بي سي" هي محور التحقيق في أسبوعه الأول. وكشف الاسبوع الاول من جلسات الاستماع في اطار التحقيق في موت كيلي والوثائق السرية التي عرضت خلاله، الضغط الهائل الذي تعرض له الخبير البريطاني في الاشهر التي سبقت انتحاره في 17 تموز يوليو الماضي. وكشفت تلك الوثائق ان وزير الدفاع جيفري هون وبالاتفاق التام مع رئاسة الحكومة، اتخذ قرار اخضاع كيلي الموظف في وزارته لاستجواب لجنة برلمانية. وانتحر خبير الاسلحة بعد يومين من هذه الجلسة بقطع شرايين يده.