انتقد خبراء ومسؤولون أفارقة، أمس السبت، اقتراحاً مشتركاً من الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي يهدف الى إصلاح السياسات الزراعية العالمية. وأعربوا عن قلقهم في الوقت نفسه، من أن يؤدي افتقار القارة الأفريقية الى القوة التفاوضية، الى استمرار الدعم الحكومي الغربي للمنتجات الزراعية والذي يُلحق الضرر بالمزارعين الفقراء. وأشار الخبراء الى انه في ظل الاقتراح الذي عرضه العملاقان التجاريان على منظمة التجارة الدولية يوم الأربعاء الماضي، فإن الأفارقة قد يضطرون الى الكفاح في الأسواق العالمية لمنافسة محاصيل الغرب الرخيصة المدعومة، مثل السكر والقطن ولحوم البقر. وقال ممثل جنوب أفريقيا، كبير المفاوضين التجاريين فيها، خافيير كاريم، ان "نتيجته الاقتراح الأميركي - الاوروبي مخيبة للآمال". وكان الأفارقة أشادوا بتعهد قطعه في وقت سابق وزراء التجارة من دول العالم بإلغاء إحدى فئات الدعم الزراعي المرتبطة بالصادرات، والتي كان يُنظر إليها على انها أكثر أصناف الدعم ضرراً بالدول النامية. غير ان الاقتراح الذي عرضته الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي الأسبوع الماضي، والذي يهدف الى إحياء جولة الدوحة المتعثرة للمفاوضات التجارية، قبل اجتماع القمة المقرر في كانكون في المكسيك الشهر المقبل، يتحدث عن إلغاء بعض أنواع الدعم للصادرات، وعن تخفيضات لم يحدّدها للبعض الآخر. وشكا المسؤولون أيضاً من ان الاقتراح لم يتطرق الى مسألة تحديد مستويات الدعم الزراعي أو تشديد معايير هذا الدعم الذي تُقدمه الدول الغنية، ويبلغ أكثر من 300 بليون دولار سنوياً. وعلى رغم ان الدول الفقيرة كانت في الفترة الأخيرة أكثر نشاطاً في تحدي الدول الصناعية مما كان عليه الحال في جولة اوروغواي السابقة للمفاوضات التجارية، إلا ان الخبراء يشيرون الى ان افتقار أفريقيا الى الموارد والتكامل الاقتصادي ما زال يعوق ذلك الجهد. وقال رئيس "اتحاد أصحاب الصناعات التحويلية" في كينيا، مانغا موجوي: "اعتقد اعتقاداً راسخاً ان أفريقيا سوف تستغلها القوى الكبرى"، فيما لفت الخبير الاقتصادي المستقل، روبرت شو، الى ان غياب الخبرة في المفاوضات التجارية في كينيا، أكبر اقتصادات شرق افريقيا، يمثّل "مشكلة اخرى". وقال: "عندما تنظر الى عدد أعضاء فرق التفاوض من الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي وخبراتهم، فإن المقارنة لا تكون في صالح وفود دول مثل كينيا". من جهته، أعرب المحلل ايكي اينغوالي من "مدرسة لاغوس للأعمال"، عن تشاؤمه بأن "يتمكن الأفارقة من رؤية أي تغييرات ملموسة في أي اتفاق تجاري جديد". وقال: "ما دام الاختلال في العلاقة بين الدول النامية والمتقدمة قائماً، فإنه سيكون من الصعب علينا تأكيد وجودنا. الأمر لا يعدو ان يكون مثل الكلاب تنبح لكن القافلة تسير". ومهما يكن من أمر، فإن أحد النشطاء يرى بارقة أمل في بعض التنازلات التي عرضها العملاقان التجاريان في الاقتراح، وتُعتبر استجابة للاستياء المتزايد بين الدول الفقيرة. وقال المدير العام ل"المعهد الدولي لأبحاث السياسة الزراعية"، يواكيم فون بارون: "الدول النامية غضبت غضباً شديداً… وتراكم هذا الغضب، الذي شعر به الناس على الأرجح في اوروبا وأميركا الشمالية". ومن التنازلات الاخرى، فإن الاقتراح الأميركي - الاوروبي يعرض احتمال إلغاء بعض أصناف الدعم للصادرات في عدد محدود من السلع "التي تهم على وجه الخصوص الدول النامية". ويضر الدعم الذي تُقدّمه الدول الغنية لمنتجاتها الزراعية بالمزارعين الأفارقة، خصوصاً منتِجي السكر والقطن ولحوم البقر والفاكهة والخضروات. وقال كاريم: "بعض أهالينا في سوق الاتحاد الجمركي لجنوب قارة أفريقيا، ولاسيما منتِجي اللحوم تضرّروا بشدة من جراء اللحوم المدعومة من الاتحاد الاوروبي". ويعتقد "المعهد الدولي لأبحاث السياسات الزراعية"، الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، ان أفريقيا جنوبي الصحراء الكبرى أفقر مناطق العالم، ستحقّق مكاسب سنوية مقدرها 3.3 بليون دولار، إذا كفّت الدول الغنية عن الدعم المحلي لحاصلاتها الزراعية.