تُقدر هيئات مستقلة حجم الانفاق العربي في سويسرا الصيف الجاري باكثر من 250 مليون دولار بعدما اجتذبت اكثر من 250 الف شخص ويمكن ان يرتفع العدد الى اكثر من 400 الف شخص في نهاية الصيف. واجتذبت سويسرا العرب في الموسم الجاري بسبب ثبات الاسعار فيها واستقرار سعر صرف الفرنك وعدم تأثرها بالغلاء الذي اعقب ارتفاع سعر صرف اليورو و"لحيادها اثناء الأزمة العراقية". لدى مدينة جنيف هذا الصيف اسباب عدة للابتهاج… فعلاوة على الطقس الصيفي غير المألوف في حرارته فإن اعداداً كبيرة من العرب تدفقت اليها ما سيُحقق للمدينة دخولاً مالية كبيرة تُقدر بمئات الملايين في الفرنكات السويسرية خصوصاً خلال فترة مهرجانها السنوي. وراوحت اعداد السياح العرب خلال فترة المهرجان وحده، التي امتدت 10 ايام بين 31 تموز الماضي و10 آب الجاري، بين 150 الفاً و250 الف سائح عربي. ويمكن مشاهدة الكثيرين منهم في وسط المدينة. وعلاوة على حقيقة ان السائح العربي يفضل هذه المدينة الوادعة لطبيعتها الجميلة التي تشمل بحيرة ليمان وجبالها المثيرة الا انه يعرف ايضاً ان سويسرا لا تتعاطى السياسة مطلقاً فهي محايدة دائماً في كل الازمات الدولية ومن بينها الحرب الاخيرة على العراق. ويقر المسؤولون السياحيون في جنيف بان الزيادة الملحوظة في اعداد السياح العرب الى سويسرا هذا الموسم ربما ترجع الى حد كبير الى تفضيل الزائر العربي لها على حساب لندن وباريس بسبب ابتعادها تماماً عن ازمة العراق التي ادت الى انقسام اوروبي وكذلك على جانبي المحيط الاطلسي. وقال بيت دراير نائب مدير السياحة في جنيف مسؤول التسويق في مهرجانها السنوي ل"الحياة": "إن المهرجان يحظى بشهرة خصوصاً بين العرب لانه نقطة جذب للكبار والصغار على السواء". ورأى ان ثبات قيمة الفرنك السويسري شجع ايضاً السائح العربي مع الارتفاع الملحوظ اخيراً في قيمة اليورو. وأقر دراير في حديثه الى "الحياة" ان الحياد التقليدي السويسري كان نقطة جذب كبيرة للسائح العربي السنة الجارية بعد الحرب على العراق والخلافات الاوروبية الاميركية في شأنها. واشار الى ان التقديرات النهائية للسياح العرب لهذا الموسم لم تستكمل بعد لكنه لاحظ ان جنيف استقبلت اعداداً اكبر منهم وربما تجاوز عدد الزوار العرب لجنيف وكامل الاراضي السويسرية 300 الف او 400 الف شخص نهاية فصل الصيف. ويطلق اهل جنيف على مهرجانهم اسم "مهرجان المهرجانات" لانه يحظى بشهرة عالمية يشمل الفقرات الفنية والموسيقية والسباقات المثيرة للمرح التي يتم تنظيمها على شواطئ بحيرة ليمان وفوق سطح مياهها واختتم المهرجان بأكبر عرض للالعاب النارية في العالم واستمر ساعة كاملة على ضفاف البحيرة. وجنيف عاصمة المصارف عينها دائماً على الدخل من السياحة علما ان تقديرات الانفاق العربي لموسم الصيف الجاري قد تزيد على 250 مليون دولار على الاقل . وعن الغلاء الفاحش الذي يجتاح معظم انحاء اوروبا قال دراير: "ان سويسرا حافظت على معدلات اسعار فنادقها ومطاعمها، بحيث اصبحت اقل غلاء من بريطانيا وفرنسا الى حد كبير ولا تفرض ضريبة القيمة المضافة". لكن احدى نقاط الضعف التي يعترف بها المسؤولون عن السياحة السويسرية ان قوانينها لا تسمح بتملك الاجانب في مناطق عدة خصوصاً في جنيف لكن بعض اعضاء الجاليات العربية الثرية من الكويتيين والسعوديين ودولة الامارات العربية المتحدة يملك العقارات في مدن سويسرية جميلة مثل مونترو وديفون او في مناطق الريف السويسري المشهورة بهدوئها الكبير وبالطبيعة الخلابة. وللعرب استثمارات كبيرة خصوصاً في قطاع المصارف. ويقول المسؤولون عن السياحة في جنيف ان نحو 40 قرية تحيط بالمدينة السويسرية اصبحت تجذب اليها نوعاً خاصاً من السياح العرب والاجانب عموماً الذين يقصدون الهدوء والبعد عن صخب المدن الكبيرة. وتتوافر في عدد كبير منها فنادق حديثة وتسهيلات عدة للسياح. ويقصد عدد كبير من السياح العرب ايضاً منتجع "فيلارز" الذي يبعد ساعتين فقط بالقطار من جنيف او نصف ساعة من مونترو. ويقع المنتجع في قلب جبال الألب السويسرية الفرنسية. ومن بين مظاهر الترحيب البالغ بالسائح العربي في سويسرا ان رئيس بلدية مونترو وجه الدعوة هذا الصيف الى اكثر من 600 أسرة عربية تقيم في موسم الاجازات في المدينة لحضور حفل تكريم، في اطار تقليد بدأ منذ سنوات وتم العام الماضي استصدار بطاقات هوية محلية للمصطافين العرب وعائلاتهم لتسهيل اقامتهم وتحركاتهم داخل المدينة. ويتردد على مونترو سنوياً المزيد من العائلات العربية وذلك في تقليد بدأ قبل عشرين عاماً. في الوقت نفسه يقدر المسؤولون عن السياحة في جنيف عدد الزائرين لها خلال فترة المهرجان بنحو مليوني شخص من الاجانب والسويسريين من بينهم 400 الف شخص سكان جنيف يمثلون 157 دولة في العالم ويعملون في المنظمات الدولية فيها. وتشتهر سويسرا ايضاً بتوفير مصحات ومستشفيات خاصة حديثة تعالج أمراضاً مختلفة مثل الاجهاد العصبي والضغط وأمراض القلب والأوعية الدموية والبدانة والسمنة. وتقع هذه المصحات في أماكن هادئة على ضفاف بحيرة ليمان. ويتم في احيان كثيرة مزج الرعاية الصحية الشاملة مع الاقامة الفندقية.