في سويسرا يحبون أفعل التفضيل ويعشقونه الى درجة كبيرة الى حد يصبح هذا الوزن لازمة في حديث السويسريين اذا احبوا ان يتطرقوا الى ميزات بلادهم: هنا اكبر مركز صحي للمياه الساخنة بين الفنادق الفخمة في سويسرا في فندق "لوزان بالاس"، وهناك اكبر بحيرة للمياه العذبة في أوروبا الغربية عند بحيرة جنيف. هنا اصغر مترو في العالم في لوزان، وهناك في كانتون لوفاليه اقل مساحة للأراضي الزراعية لكانتون داخل سويسرا. هنا أبطأ قطار في العالم يمر في 91 نفقاً و291 جسراً، وهناك اقدم سفينة ركاب لا تزال تعمل في بحيرة داخلية في اوروبا. هنا لون البقر يميل الى البني في كانتون دو فوو، وهناك يميل الى الأبيض والأسود في كانتون فريبور وهناك، ايضاً، يميل الى العسلي الغامق في كانتون الجورا. هنا اكثر الدول حياداً في العالم وهناك اجمل الملاجئ الجبلية الخشبية لإيواء المتزلجين في أوروبا. هنا اكثر البلدان ديموقراطية في العالم وهناك اقدم مصدر للمرتزقة في الكرة الأرضية. هنا أغلى الاسعار في عالم السياحة وهناك افضل موئل مصرفي يتمتع بالسرية في العالم. هنا اجمل كانتون وهناك اكثر السكان دماثة... اللائحة طويلة وكلها تخص الصورة التي يحب السويسريون ان يشاهدهم الناس في الخارج من خلالها. لكنها صورة تقليدية تركز على مشاهد المراعي والبقر والحليب والجبنة والشوكولا والساعات والنظافة المفرطة في نواح كثيرة والانضباط الزائد عن الحد في مجتمع ترفع الشرطة فوق اقسامها ومخافرها عبارة "رقابة الشعب"، ويتذمر الكثيرون فيه من اضطرارهم الى ترك عملهم ومكاتبهم نحو ثلاثة اسابيع في السنة لأداء الخدمة العسكرية. أغلب معاني هذه الصورة المميزة يستحق الاحتفاظ به من دون تغير وبعضه الآخر يحتاج الى تعديل لتكون سويسرا اقدر على زيادة حصتها من السياحة الوافدة ومنافسة الوجهات السياحية المجاورة. سويسرا التي اعجب بها غوته وبنظامها واختارها كبار المشاهير في العالم مقصداً لرحلاتهم، وحل بها المسافرون العرب من الموسرين واصحاب الدخول المرتفعة، لا تزال اكبر بلد في العالم حاز سكانه على جوائز "نوبل" واول بلد في العالم من حيث عدد براءات الاختراع المسجلة لكل فرد من السكان. لا يمكن مقارنة سويسرا بأي بلد آخر في العالم فهي اقدم كونفديرالية دولية حرة مستقلة ولا يمكن تغيير روحها القديمة من دون تغيير طبيعتها نفسها. والسائح الذي يزور سويسرا عليه ان يدرك انه ليس هناك سويسرا واحدة بل سويسرات عدة. والزوار الذين يأتون، لا سيما اليابانيين، يحبون رؤية ما توقعوه مسبقاً ولكن هذا يعني، كما في حالة اغلب الوجهات السياحية العريقة، العودة مراراً وتكراراً. السياحة مدخول ثالث تحتل السياحة الدولية الوافدة المرتبة الثالثة بين مصادر الدخل في ميزان المدفوعات السويسري. ويمنح هذا الوضع أهمية خاصة لهذا القطاع الذي استطاع تسجيل ما يعادل 8،5 في المئة من إجمالي الناتج القومي وثمانية في المئة من إجمالي عوائد التصدير. وتعتمد سويسرا على علاقاتها مع العالم الخارجي، وهي البلد المنغلق جغرافياً والمنفتح دولياً، حيث تركز صناعة السياحة والسفر العريقة لديها على فئات السياح المرتفعي الدخل، وبينهم السياح العرب، لا سيما القادمين من بلدان الخليج. وكان الأثرياء الأميركيون بمعدل إنفاقهم الباذخ حلوا حتى مطلع السبعينات وحدوث الحظر النفطي الأول محل السياح الأوروبيين، وفي طليعتهم البريطانيون، ممن أقبلوا منذ القرن الماضي على زيارة سويسرا وربوعها، التي تلتقي فيها عناصر مناخية وطوبوغرافية وعرقية ولغوية متنوعة اتحدت في كيان كونفديرالي ظهر الى الوجود قبل أكثر من 700 عام. وشكلت سلسلة جبال الألب نقطة جذب رئيسية للزوار الراغبين في قضاء وقت ممتع، ضمن من اعتادوا العودة سنوياً، وفي شكل منتظم، الى المصايف التي تعرفوا اليها وأنسوا بها، وذلك قبل أن يُشرّع في تنويع المنتجات السياحية السويسرية مع استهداف أسواق جديدة. ومع بداية القرن الجاري، وحتى عشية اندلاع الحرب العالمية الأولى، احتل الألمان المرتبة الرئيسية بين السياح الذين كانوا يفدون الى سويسرا لقضاء عطلاتهم السنوية. وتشير التقديرات الى ان الزوار الاجانب كانوا يشكلون آنذاك زهاء 75 في المئة من اجمالي حركة السياحة السويسرية. الا انه كان من الصعب الحصول على معلومات دقيقة عن صناعة السياحة المحلية حتى العام 1943 حين تم تأسيس نظام احصائي لجمع المعلومات في هذا الخصوص. ولا يزال السياح الألمان والأميركيون، وإن بدرجة أقل، يتصدرون السياح الأجانب الى يومنا هذا. واحتل السياح الآسيويون، وفي طليعتهم اليابانيون، مكان الأميركيين في ارتياد المنتجعات والمنشآت السياحية الفخمة والباهظة. وتغير الأمر بعض الشيء حينما لقي هؤلاء السياح مزاحمة واضحة من السياح العرب. وتعتبر سويسرا من أول البلدان التي عرفت صناعة السياحة في العالم. وتخص وظيفة واحدة من أصل كل 11 وظيفة في سويسرا قطاع السياحة والسفر، مباشرة أو غير مباشرة. ويصل عدد العاملين في هذا القطاع إلى 208 آلاف مقابل نحو 92 ألفاً يعملون في قطاعات مرتبطة بالسياحة بطريقة أو بأخرى. وتدرك السلطات في 12 منطقة سياحية أن عليها أن تطور خدماتها لتصمد في وجه المنافسة الضارية التي تشكلها الوجهات والمقاصد السياحية في النمسا وألمانيا وفرنسا وايطاليا وبعض المقاصد الأوروبية والأميركية الأخرى. وأنفقت شركات الفنادق الفخمة مئات الملايين من الدولارات على مدى الأعوام الأخيرة في محاولة منها لتطوير مستوى خدماتها ومواكبة التقدم في قطاع الأعمال، بعدما تجاوزت قيمة إنفاق السويسريين في الخارج على رحلات الأعمال والاجازات 5،8 بليون فرنك مقابل 6،6 بليون فرنك أنفقها الزوار الأجانب في سويسرا. وتشكل سياحة الأعمال ثلثي حجم السياحة الوافدة في لوزان. وتضم سويسرا اليوم زهاء 5900 فندق ونزل ضيافة وموتيل ومنتجع سياحي استشفائي تحوي مجتمعة 1،261 الف سرير وتعد الشاليهات والشقق المفروشة قرابة 360 الف سرير في حين يضم 80 نزلاً للشبيبة 7300 غرفة. وبوسع مخيمات العطلات استيعاب 226 الف نزيل مقابل 238 الفاً تستوعبهم معسكرات الخيم والكرافانات. وتعتبر غالبية المرافق الايوائية في سويسرا صغيرة الحجم لا تتجاوز سعة 41 في المئة منها 20 سريراً وتراوح سعة 34 في المئة منها بين 20 و50 سريراً. ويصل عدد المطاعم والمقاهي وصالونات الشاي والمقاصف الريفية الى نحو 26 الفاً وبمعدل منشأة ترفيهية لكل 270 مواطناً وهي نسبة عالية بالمعايير الدولية. وتقدم هذه المنشآت التي تحقق عوائد سنوية تبلغ 15 بليون فرنك 7،11 بليون دولار مليوني وجبة يومياً أو ما يعادل 700 مليون وجبة في السنة. وتفوق قيمة الاستثمارات في القطاع الفندقي وبقية المرافق الايوائية في سويسرا 30 بليون فرنك، يتم تطويرها سنوياً من خلال انفاق اكثر من نصف بليون فرنك عليها. وتضم سويسرا 60 مصعداً منزلقاً على سفوح الجبال وقرابة 600 مقطع لعربات التلفريك لنقل السياح الى قلب المناطق الجبلية. وقال احد مسؤولي "مكتب السياحة السويسري" وهو الهيئة الكونفديرالية الرسمية إن السنة الماضية سجلت ارتفاعاً في عدد السياح بمقدار خمسة في المئة حسب الاحصاءات الأخيرة المتوافرة. وأضاف: "هذا يشير إلى أننا نجحنا في استلحاق بعض التأخر الذي سبق أن سجلناه وهو أمر يعود الفضل فيه إلى المنتجات التي نقدمها". ورأى أن المنتجات السياحية التي سيتم تقديمها في موسم الشتاء المقبل ستتضمن أسعاراً تشجيعية تجعلها في متناول الزوار "وهذه العروض سمحت حتى الآن بالحصول على حجوزات مباشرة في محطات تزلج عدة مما يبشر بشتاء جيد". وزاد: "خلال موسم الصيف الماضي قمنا بالترويج لمنتجاتنا لا سيما الدراجات الهوائية والمعابر والدروب المخصصة لها، ولبرامج الترويح عن النفس والمهرجانات الصيفية الكثيرة التي غطت مناطق عدة في سويسرا لا سيما المهرجانات الموسيقية في سويسرا الألمانية والفرنسية والايطالية". وأشار إلى أن "المنطقة الفرنسية ليمان هي الأكثر شهرة في العالم العربي وستبقى دائماً رائدة في السوق السويسرية وهذا عامل مهم جداً لدى الزوارالعرب". وأكد أن منطقة ليمان التي تستحوذ على نحو 27 في المئة من إجمالي الحركة السياحية في سويسرا هي الاكثر قدرة على اجتذاب السياح والزوار العرب نظراً الى امتلاكها اكبر كثافة من حدائق الترفيه والالعاب والمهرجانات في سائر انحاء اوروبا. وذكر مسؤول في "هيئة السياحة في لوزان" أن السياح العرب "يأتون أساساً إلى جنيف التي يمضون فيها 100 ألف ليلة ثم يتوجهون بعدها إلى لوزان، التي يمضون فيها مع مدينة مونترو 20 ألف ليلة، مما يمنح المدن الثلاث 90 في المئة من إجمالي حركة السياحة العربية". وقال ان منطقة الشرق الأوسط تعتبر، على رغم محدودية حصتها من اجمالي حركة السياحة الوافدة الى سويسرا، منطقة ذات امكانات عالية للنمو. وأشار إلى أن الاحصاءات تظهر أن 50 في المئة من الليالي السياحية التي يمضيها العرب تعود إلى السعوديين مقابل20 في المئة للكويتيين و20 في المئة لرعايا دولة الامارات. أما العشرة في المئة المتبقية فيتقاسمها بقية الزوار العرب.