«هل الفوندو، الطبق السويسري الأشهر، مجرد حساء أم أنه وجبة رئيسية؟»، سألتُ تانيا دوباس مديرة المبيعات والتسويق في هيئة السياحة بمدينة لوزان. التفتت إلي الشابة التفاتة كاملة، وفيما كانت تتوهج جمالا وسحرا راحت تشرح لي بأريحية بالغة كيف يعد هذا الطبق العريق. كان شرحها كافيا ووافيا، لكنها لم تكتف بذلك. في اليوم التالي بعثت لي إيميل مصورا عن هذا ال «فوندو»، وكانت لفتة اهتمام وكرم بالغين. كانت سألتني في المقابل «أي مدينة أعجبتك في سويسرا أكثر؟». وكانت الإجابة صعبة وسهلة في آن «كلها يا تانيا.. كلها بلا استثناء». حين غادرت سويسرا كان الأصدقاء يعيدون على مسامعي سؤال تانيا نفسه، وإن بصيغة مغايرة «أي مدينة في سويسرا تنصحنا بزيارتها؟». كانت إجابتي لهم كالتالي «هذه بلاد تذهب فيها إلى حيث يقف بك القطار. ستجد نفسك في إحدى جنان الله التي وضعها في الأرض. لن تندم أبدا على أي بقعة تختار حين تكون في حدود هذه البلاد الجميلة. سويسرا، يا أصدقائي، لصيقة الشبه بمواطنتها تانيا، كلاهما جميل، ساحر، متوهج، تشعر معه وفيه بالارتياح، وتعيش معه وفيه لحظات سعادة غامرة». كتب جوتة، أعظم شعراء ألمانيا، بعد مشاهدته لعبة الماء والهواء في شلالات «شتاوباخ»، وهي أكثر بقعة معروفة في «لاوتربرونن» الواقعة في المناطق المرتفعة الريفية من العاصمة السويسرية برن، أن «روح الإنسان مثل الماء، حيث تأتي من الجنة ثم تعود إليها ثانية». بعدها تحولت قصيدة الشاعر جوتة «أغنية الأرواح فوق المياه» في وقت لاحق، إلى قطعة موسيقية من تأليف الموسيقار شوبار. جذبت شلالات سويسرا العديد من الزوار، كما ألهمت الشعراء على مر السنين، وها هي حتى اليوم تقدم الدعم وتقوم بالترويج للسياحة السويسرية. لكن الشلالات، ليست كل شيء يراهن عليه السويسريون في اجتذاب السياح إلى بلادهم. صناعة التصدير الثالثة نشأ القطاع السياحي السويسري في القرن ال 19. لكن المشاهد السويسرية الخلابة كانت قد استقطبت منذ القرن ال 17، من خلال الكتب والفنون، نخبة من المثقفين والمشاهير الأجانب. ازدهر القطاع السياحي السويسري لدى نشأته خلال فصل الصيف، ومع ظهور النشاطات الرياضية الشتوية في أواخر القرن ال 19، تحولت العطل الشتوية إلى موضة. تتوافر سويسرا اليوم على منتجعات صيفية وأخرى شتوية، والعديد من المنتجعات التي يمكن الاستجمام فيها في كلا الموسمين. أما الفترة الفاصلة بين الشتاء والصيف، فتملأ بسياحة المنتجعات الفاخرة وسياحة المؤتمرات. وتمزج تلك العطل بين الراحة والرياضة والرشاقة والرعاية التجميلية في فندق واحد أو مجموعة من المؤسسات. وإجمالا، لا توجد منطقة في سويسرا لا تتطلع إلى ممارسة نوع من النشاطات السياحية. والكثير من المدن السويسرية منتجعات في حد ذاتها، حيث إنها تتوافر على مناطق ريفية عديدة، خاصة في جبال الجورا، كما تقترح نشاطات سياحية متنوعة. على أي حال، يتميز المجتمع السويسري بتنوع كبير لا يوفر الفرصة لتقديمه في صورة متجانسة. ويظل التكوين اللغوي للبلاد السبب الرئيسي في ذلك بحيث تنقسم سويسرا إلى ثلاث مناطق لغوية رئيسية: الألمانية والفرنسية والإيطالية، إضافة إلى الرومانش. أيام في لوزان رغم صغر مساحتها إلا أن لوزان مدينة كبيرة تملك كل شيء، ابتداء من موقعها المتميز حتى هوائها الجميل المنعش، ومن الأوصاف الشهيرة التي تطلق على لوزان، أنها المدينة الأصغر من بين مدن سويسرا الكبرى، ولا يبتعد هذا الوصف كثيرا عن حقيقتها، ويسهل مهمة الوصول إليها موقعها المتميز المتصل بجميع الطرق السويسرية، وهي لا تبعد سوى 50 كيلومترا عن جنيف ومطارها الدولي ويمر بها خط القطار الفرنسي السريع الذي يصل ما بين باريس ومدينة ميلانو الإيطالية، كما أنها تقع على شبكة الطرق السريعة في سويسرا. كما تتمتع هذه المدينة بقربها من العديد من أشهر المعالم السياحية في سويسرا، مثل مدينة مونترو - فيفي وقلعة شيون ومنتجعات زرمات وساس في وكران مونتانا ولو كيرباد وجبال الماترهورن واليونجفراو ومدينة لوسيرن والمنتجع الفرنسي الشهير شامونيز، حتى مدينة إيفيان الفرنسية لا تبعد عنها سوى ساعة عن طريق البحيرة. تتمتع لوزان وهي عاصمة مقاطعة «فود» بتاريخ غني يعود إلى العصر الروماني. ومن أشهر معالمها التاريخية كاتدرائية نوتردام التي بنيت في القرن ال 13 على النمط الغوطي، وكذلك قلعة أوشي الصغيرة على شاطئ البحيرة. ويأتي فوق ذلك موقعها في أحضان الطبيعة في منطقة توصف بأنها تحوي أجمل المشاهد الطبيعية في أوروبا، كأنها مدينة تعيش في الريف، حيث تقع على بحيرة جنيف من جهة وبين مزارع العنب وغابات أشجار التنوب من جهة أخرى، ما جعلها أكثر مدن أوروبا خضرة وجمالا. وبصدق، تعد الإقامة في هذه المدينة الصغيرة ذات الروح العالمية متعة لا تضاهيها متعة أخرى، فهي مدينة ذات طابع إنساني وجو آسر من الألفة والمودة، ويستمتع جميع زوارها بأصول الضيافة السويسرية، كما يستمتعون بجمال المنظر وجمال المعمار، وبهدوء المدينة القديمة ممتزجا بحيوية المدينة العصرية. وتضم لوزان مجموعة متنوعة من الفنادق من جميع الدرجات تحيط بها تشكيلة فريدة من المحال الصغيرة والكبيرة والبوتيكات والمطاعم والمقاهي والملاهي الليلية، ما يجعل الإقامة فيها مريحة وسهلة وملبية لكل متطلبات ضيوفها وزوارها. من هذه الفنادق فندق بوريفاج بالاس الذي يتمتع بموقعه المثالي على ضفاف بحيرة جنيف وعلى بعد خمس دقائق من منطقة التسوق في قلب لوزان. ويفخر فندق «بوريفاج بالاس» بعمره البالغ 150 عاما في عالم الضيافة ويتباهى بحديقته الخاصة التي تحيط به على مساحة عشرة أفدنة. ويتكون الفندق من 134 غرفة و 34 جناحا في غاية الأناقة، أثاثا وديكورا، وكلها مجهزة لكي توفر أعلى مستوى من الراحة. كما تم تحديث جميع الغرف والردهات وقاعات الحفلات والمؤتمرات ال 12. أما المنتجع الصحي الحاصل على أعلى الجوائز العالمية «سانك موندز» فيقدم مجموعة متنوعة من المعالجات من جميع أرجاء العالم للاهتمام بالصحة والجمال. خيارك الآخر هو فندق «لوزان بالاس آند سبا». فدائما تسبق الأسطورة العصور والأزمنة، هكذا يفعل هذا الفندق الأسطوري في العاصمة الأولمبية، الذي يتم تجديده وتحديثه باستمرار منذ بنائه عام 1885 وحتى الآن حيث تم افتتاح ويندو كلوب، وهو امتداد للمنتجع الصحي على مساحة 600 متر مربع، هذا بالإضافة إلى غرف الفندق ال 141 المميزة وأجنحته ال 73 الفاخرة وأربعة مطاعم ومركز للمؤتمرات مجهز بأحدث تكنولوجيا العصر وناد خاص وهو النادي الأحمر والمنتجع المائي الصحي. مدينة الثقافة ولوزان ليست مدينة جميلة بما حباها الله من طبيعة رائعة فحسب، بل هي جميلة أيضا بما أضافه إليها أهلها من جمال، فهي مدينة للثقافة إذ تضم أكثر من 20 متحفا بما فيها المتحف الأولمبي، الوحيد من نوعه في العالم، والكثير من دور السينما والمسارح ودار للأوبرا والمئات من المكتبات العامة والخاصة، ويمكن القول إن لوزان واحدة من أهم معاقل الثقافة والفنون في سويسرا. ولا يقتصر الأمر على الثقافة والفنون، بل بدأت لوزان تلمع وتشتهر في مجال الدراسة، حيث تجتذب مدارسها وجامعاتها الآن الكثير من الطلاب في جميع المراحل الدراسية وفي العديد من المجالات، وتضم لوزان، إلى جانب جامعتها الشهيرة التي تحمل اسمها، معهد البوليتكنيك الفيدرالي والمعهد الدولي لإدارة الأعمال ومدرسة لوزان للفنادق. اثنان في واحد عندما تزور لوزان للمرة الأولى، فلا بد أن تعرج على مدينة صغيرة، تسورها جبال مكسوة بالثلوج وتطل على بحيرة مياهها عذبة وفيها كل مأكولات العالم وتنبض بموسيقى الجاز، وتنبعث منها رائحة الشوكولاتة. هذه المدينة ليست إلا مونترو - فيفي. مونترو مدينة صغيرة جدا وهي موصولة مع مدينة فبفي في الكانتون الفرنسي إلى الغرب من سويسرا. وتقع هذه المدينة الساحرة على الساحل شمال شرقي بحيرة جنيف، ويعيش فيها عدد من المشاهير والأثرياء ويأخذ منها عدد من الفنانين العالميين قاعدة ثانية لهم، لجمالها الأخاذ وهدوئها وطابعها الفرنسي الأنيق والفريد في نوعه. إذا اخترت القطار للوصول إليها فستصل إلى محطة فيفي، لتأخذ بعدها حافلة للنقل العام من أمامها، إذ لا تستغرق المسافة الفاصلة ما بين فيفي ومونترو أكثر من خمس دقائق. تتميز مدينة مونترو، بكونها تشرف على بحيرة جنيف، ومناخها مميز جدا، ما يجعل منها وجهة سياحية مناسبة لجميع الفصول، وتتميز عن باقي المدن والمناطق السويسرية كونها تضم ريفييرا تعبق بكل ما هو متوسطي، سكانها يتكلمون الفرنسية، وبالتالي تجدهم أنيقين، ومميزين يشبهون الفرنسيين بطبعهم وطباعهم. ويرتبط اسم مونترو بأسماء كبيرة سكنتها، أمثال أرنست همينجواي وجراهام جرين وتشارلي تشابلن وبربرا هندريكس وشنايا تواين، إضافة إلى أسماء أخرى، من الفنانين والرسامين والسينمائيين والمغنين العالميين الذين وقعوا في شباك غرام تلك المدينة الساحرة، فصنعت لهم نصبا تذكاريا في كل أرجائها. تعد مونترو ترجمة حقيقية للثقافة والرقي، ففيها المتاحف التي تروي التاريخ ومنشآت سياحية قادرة على استيعاب جميع الجنسيات، وفيها العديد من المراكز المتخصصة في تقديم الراحة والاستجمام وعلى رأسها مصحة ««كلينيك لا بريري» التي تستقطب النجوم والأثرياء من مختلف بقاع العالم بهدف العلاج والاسترخاء والتجميل. ومن أهم الزيارات التي يمكنك القيام بها، زيارة قصر شيون الذي يتميز بموقعه على تلة صخرية تطل على مناظر خلابة. لا بد من الإبحار أيضا في مياه بحيرة جنيف التي تعرف باسم Leman الصافية بواسطة مراكب سياحية تقوم برحلات دائمة تأخذك إلى مناطق أخرى مجاورة مثل لوزان. السحر الحلال في مونترو سحر خاص بها يشعر به كل من تشده سياحة الريفييرا الراقية، فعلى طول امتداد البحيرة في مونترو إلى فوفي مرورا ب Entre deux villes التي تقع ما بين المنطقين ستجد عددا كبيرا من الفنادق القديمة والأثرية وتنتشر في المنطقة مقاه في الهواء الطلق وهناك رصيف عريض جدا بمحازاة البحيرة مخصص للمشاة. كما توجد بمحازاة الريفييرا حدائق عامة مناسبة للعائلات والأطفال. ومحبو التسوق يمكنهم التوجه إلى شوارع مخصصة للمشاة في قلب مدينة فوفي القديم وحول ساحة السوق Place Du Marche، ولا بد أن تشتري كمية من الشوكولاتة، ولو كانت متوافرة هي نفسها في بلدك، فيقول السويسريون إن الشوكولاتة التي تشتريها من سويسرا «أطيب». وللإقامة في فوفي يمكنك النزول في فندق Hotel Du Lac المطل على بحيرة جنيف، الذي يتميز بتصميمه القديم رغم التطويرات التي شهدها أخيرا، ويقع ما بين منطقتي فوفي ومونترو وهو على مسافة قريبة من المنطقتين. هذا الفندق يتميز أيضا بقاعة على الطراز العربي إضافة إلى مركز ال spa المتطور الذي يفخر بتقديم خدمات مذهلة للنزلاء، كما أنه يعلم نزلاءه المسلمين باتجاه القبلة ويوفر نسخ المصحف الشريف عند الطلب. أما في مونترو فلا بديل أبدا عن فندق فيرمونت الشهير. يقع فندق ومنتجع فيرمونت لو مونترو بالاس على ضفاف بحيرة جنيف في سويسرا، ويطل على جبال الألب. وبني هذا الفندق العريق، الذي يوصف بأنه جوهرة العمارة الحسناء عام 1906. وفيرمونت لو مونترو بالاس، الذي رشح كأفضل فندق في المدينة عام 2010، عضو في العديد من الفنادق الرائدة في العالم. ويتوافر على 236 غرفة وجناحا، خضع جزء منها للترميم عام 2009