"مسكين ايها المخرج، يزعمون انك قائد العمل الفني، لكني هنا انا "النجم" الذي يبقى في ذاكرة المشاهد، وحينما يغيب اسمي الحقيقي يتذكر الناس اسم دوري". يحدث الفنان النجم ذاته، مطمئناً الى سيادة نجوميته وتربعها في عرش ذاكرة المشاهد. يعتقد المخرج والمؤلف السوري علاء الدين كوكش ان هذه الظاهرة سرقة الأضواء من الجميع لمصلحة الفنان النجم، موجودة في السينما العالمية ايضاً ولكن حالياً "هناك محاولات لرد الاعتبار لبعض المخرجين" ليصيروا "نجوماً". وسبب هذه الظاهرة بحسب رأي كوكش، هو ضعف الثقافة الفنية عند العامة، ما يجعلهم يجهلون ان العمل الفني عمل جماعي يسهم فيه جميع المشتغلين، ولهؤلاء جميعاً الفضل في نجاح هذا العمل او ذاك. في تاريخ الدراما التلفزيونية السورية الكثير من الأمثلة عن ممثلين سرقوا الأضواء من المخرجين، ففي السبعينات من القرن الماضي عرض التلفزيون السوري ايام الأسود والأبيض مسلسل "اسعد الورّاق" ومنه بقي في الذاكرة على مدى السنين دور هاني الروماني، ودور منى واصف فيما غاب اسم المخرج علاء الدين كوكش وأسماء بقية العاملين في العمل نفسه. وفي هذا المجال ايضاً نأخذ المثال البارز المعاصر من المسيرة الفنية للفنان صاحب المشروع الفني ياسر العظمة فخلال 15 عاماً أو أكثر بفضل برنامجه الكوميدي "مرايا" الناقد والساخر الذي تغير اسمه اكثر من مرة "شوفوا الناس" - "مرايا" - "حكايا المرايا"، بقي العظمة اميناً لنقده وسخريته الفنية. نقول بقي ياسر العظمة الأول في حضوره في ذاكرة المشاهد على رغم تبدل اكثر من خمسة مخرجين على إخراج هذا البرنامج. وحينما يسأل ياسر العظمة في آخر حوار صحافي عن التطوير المحتمل على مشروعه الفني يجيب: "لن يكون مرايا كالمياه الساكنة، احاول إدخال المويجات التي قد تسبب الحركة، وتدب النشاط وذلك من حيث اختياري للمواضيع التي يشاركني في كتابتها بشكل رئيس الزميل الأستاذ نور الدين الهاشمي ومن حيث "انتقائي" للممثل الشاب "سيف الدين السبيعي" لإخراج هذا الجزء من "المرايا"، وسبق له ان عمل في ميدان الإخراج مع الزميل هيثم حقي، وأنا متفائل به وبأسلوبه". ويكفي ان نلاحظ كلمات العظمة "انتقائي" للمخرج لنعرف حجم حضوره على حساب المخرجين الذين عملوا معه! وفعل ايمن زيدان الشيء نفسه حينما سحب الأضواء في مسلسله "يوميات مدير عام" من المخرج هشام شربتجي الذي بالكاد تنبه احد الى انه مخرج العمل. وفي مسلسل "ورود في تربة مالحة" سحبت الممثلات الشابات الأضواء لمصلحتهن ونخصّ بالذكر رندة مرعشلي وسلاف فواخرجي وفي الدراما المصرية الأمثلة كثيرة ويكفي ذكر اي عمل مسرحي او سينمائي للنجم عادل إمام لنعرف حجم حضور هذا النجم على حساب المخرج. وفي السينما السورية الأمثلة كثيرة، فالفنان فايز قزق جذب الأضواء عليه في دوره اسماعيل في فيلم "رسائل شفهية" من تأليف عبداللطيف عبدالحميد وإخراجه. لكن هناك سؤالاً للوجه الثاني من الظاهرة: ألا يوجد مخرجون سرقوا الأضواء لمصلحتهم؟ نعم هناك مثل هؤلاء، ويكفي ذكر اسم المخرج نجدة انزور وهيثم حقي في سورية لنفتح باباً آخر يقلب المعادلة لمصلحة المخرج. في النهاية يبقى المخرج سيد العمل ومبدعه الفني مهما لمع هذا النجم او تلك النجمة...