طغى ملحم زين مساء أول من أمس وأمس على كل الأحداث في لبنان: صار هو الحدث، خروجه من الحلقة قبل الأخيرة من برنامج "سوبر ستار" على تلفزيون "المستقبل" أثار غضب محبيه في لبنان، فخرجوا في تظاهرات ليل الإثنين عقب إعلان النتيجة، وتجمع عدد كبير منهم في منطقة الحمراء أمام فندق "البريستول" حيث ينزل المشاركون، وراحوا يهتفون حتى ساعات الصباح الأولى بأن ملحم هو الأفضل، وسُجلت حالات إغماء وبكاء شديد بين المتظاهرين والمتظاهرات في شكل خاص، وتحلق شبان وشابات حول والدة ملحم لمواساتها وإعلان حبهم الكبير لابنها، ومن الهتافات التي ترددت "واحد، اثنين، تلاتة: ملحم يا حياتي"، و"بدنا نقول عالمكشوف غير ملحم ما بدنا نشوف"، وجالت سيارات في العاصمة اللبنانية عليها صور كبيرة الحجم لملحم زين. لماذا تعطل موقع البرنامج على شبكة الانترنت في لبنان، لماذا تعطل إمكان التصويت عبر الخلوي في معظم الأوقات من يوم الإثنين: سؤالان يترددان في كل المناطق اللبنانية. الشاب اللبناني العشريني كان المرشح الأبرز للفوز باللقب، وخروجه غير المتوقع أثار عدداً من الأسئلة، وكثرت الأخبار والشائعات حول "دعم" تتلقاه كل من المشاركتين رويدا عطيه وديانا كرزون. وما ضاعف الاعتقاد بوجود مؤامرة دعوة ملحم نفسه عقب إعلان النتيجة كل من يصوت له الى أن يصوت في الحلقة الأخيرة لرويدا عطيه. كما أنه لم يزل الشكوك في المقابلة التي أجريت معه ظهر أمس على شاشة تلفزيون "المستقبل"، اذ بدا شديد التوتر، يردد ان خروجه لا يعني انتهاء مسيرته. واتصلت عضو لجنة تحكيم البرنامج تونيا مرعب تعبر عن غضبها من خروج ملحم، وتسأل ! هي أيضاً تفسيراً لما جرى، وأنهيت مكالمتها بطريقة تزيد الشكوك. خرج ملحم من مبنى تلفزيون "المستقبل" وأُعلن أنه وقع عقداً مع المحطة للإهتمام بأعماله. تجمع عدد كبير من المعجبين به أمام مبنى التلفزيون في بيروت، حملوه وصفقوا له وأبدوا دعمهم الكبير للشاب الذي نجح في الإستئثار بقلوب عدد كبير من اللبنانيين والعرب، وإذ وصفه بعض وسائل الإعلام اللبنانية بأنه "سوبر ستار لبنان"، إلاّ أن التأثر والغضب اللذين عبر عنهما مشاهدون في غير دولة عربية يعنيان أن شعبية ملحم تخطت الحدود اللبنانية إلى كل الدول العربية. لماذا خرج ملحم أو أُخرج من المسابقة، التفسيرات كثيرة إذاً، تبدأ عنن الأخبار من دعم سياسي كبير لكل من المرشحتين كما ذكرنا - وجاء في بعض وسائل الإعلام إن الملك الأردني عبد الله أصدر أمراً لأعضاء الجيش بالتصويت للأردنية ديانا كرزون. وتفيد التفسيرات عن هذه النتيجة إن كلاً من رويدا وديانا تلقيان في بلادهما دعماً مؤسساتياً، فجمعية تجار دمشق على سبيل المثال تعلن دعمها لرويدا وتساهم في مساعدة الناس على التصويت لها. أما ملحم فهو على رغم التأييد الشعبي الكبير له لا يلقى دعماً من جهة أو مؤسسة ما، حتى وسائل الاعلام المحلية تتعاطى معه بحياد. خرج ملحم من المسابقة ولكن ردة فعل محبيه بيّنت إنه يتمتع بشعبية كبيرة جداً، فماذا حدث في "بيروت هول" وفي الحمراء عقب إعلان خروج ملحم؟ حركة غريبة خرقت المشهد الاعتيادي الأسبوعي ل"بيروت هول" عشية كل اثنين. عناصر قوى الأمن انتشروا عند مداخل الاستوديو الثلاثة. الوجوه المألوفة من الجماهير ومعظمهم من مؤيدي ملحم زين لم تتبادل هذه المرة خبراتها في نظم الشعارات وخطّ اللافتات، كانت تقف خارجاً معترضة على الموقف الجديد الغريب الصادر عن إدارة تلفزيون "المستقبل" بمنعها من الدخول باستثناء بعض افراد عائلته. "الإجراءات المستحدثة روتينية وضرورية في هذه المرحلة من البرنامج تخوفاً من حصول اي شغب" يبرر المنسّق العام للبرنامج بسام حليمة، وعدا عن ذلك "كل شيء بعدو طبيعي". لكن كيف تحوّل "الطبيعي" الى هستيري في اللحظات الأخيرة من "سوبر ستار"؟ مع بدء إعلان النتائج كان يمكن تقدير التوتر المخيم في الأجواء على مقياس ريختر. بقاء رويدا في دائرة الأمان وضع ديانا في دائرة الخطر، هكذا خيّل للجمهور الحاضر والمشاهد، لفريق العمل وحتى لديانا نفسها. ملحم كان خارج اي توقع وأي احتمال. الأحداث تسارعت دفعة واحدة لحظة إعلان خروج ملحم من البرنامج. وبالتالي تأهّل رويدا وديانا للحلقة الأخيرة. والدة ديانا كانت اولى الضحايا، وقعت فور إعلان النتيجة مغشياً عليها. الجمهور لم يستوعب ما يسمع، كان ينتظر انتهاء هذه "المزحة الطويلة". حينما شارف البرنامج على الانتهاء بدأت شقيقة ملحم بالصراخ، والدته لم تحتمل ما يحصل فوقعت هي الأخرى مغشياً عليها. التوتر تحوّل صراخاً وبكاءً واندهاشاً وتهديداً. والد ملحم تائه بين زوجة مطروحة ارضاً وابنة تصرخ من دون وعي... وملحم، واقف هناك يشكر الجمهور وينظر بارتياب وقلق لما يحصل لعائلته على المدرج وللجمهور الغاضب خلفها. حينها فقد ابو ملحم صبره، نزل عن المسرح ساخطاً، غاضباً، شاتماً، متوعداً. حاول اجتياح منطقة التصوير فمنعه شبان التلفزيون ومدير المسرح طالبين منه العودة الى مكانه لحين انتهاء البرنامج. حاول إبعادهم من طريقه فأعادوه الى مكانه، نزل مجدداً يدعمه عشرات الشبان من الجمهور. حاول الأمن تطويقهم فسيطر على الوضع لبعض الوقت. لكن مع لحظة إعلان انتهاء البرنامح تحوّل "سوبر ستار" الى واحد من افلام الإثارة والتشويق. هبوط جماعي ساخط لجمهور المسرح باتجاه المشتركين. الهجوم كان أقوى من إمكانات شبان تلفزيون "المستقبل" في "بيروت هول"، فالانتقام "للريّس" اطاح كل معترض يقف في طريق الجمهور. ايمن قيسوني كان اول الفارّين، تلته رانية الكردي. ديانا ورويدا لا تزالان تراوحان مكانيهما، لم يستوعبا حجم ما هو مقبل. بعض من جمهور ملحم حاول التهجّم على رويدا فسقطت ارضاً من وطأة الصدمة، في اللحظة نفسها كان شقيق ملحم ومجموعة من الشبان يحاولون التعرض لديانا، فانقضّ عليهم شبان المستقبل وأحاطوا بديانا من كل جانب وأبعدوها خلف منصة التصوير. آخرون لم يتمكنوا من نقل رويدا نحو قاعة الاستقبال في الاستوديو لإنعاشها الى حين دخول قوى الامن. بعد اخراج كامل الجمهور خارج المسرح، تسللت عائلات المشتركين نحو الغرف الداخلية للاستوديو بحماية عناصر الامن. في الغرفة الأولى، رويدا لا تزال مرتمية ارضاً بعد مضي اكثر من ربع ساعة ومحاولات ايقاظها لم تتوقف. الغرفة الثانية تكاد ان تطير من مكانها، عائلة ملحم برجالها ونسائها لا تستكين، ووالد ملحم يخطط لمؤتمر صحافي... وملحم لا يزال هادئاً. هو الضحية الأولى والمعترض الأول، ليس لخروجه الظالم من البرنامج وإنما للوضع المسيء والموقف المحرج الناتج من تصرفات عائلته والجمهور المؤيد له. في الغرفة الثالثة ديانا وعائلتها يسترجعون ما حصل في الخارج، يتساءلون عن حال الحرب التي تعمّ الخارج. تمكّن ملحم من النفاذ بعيداً من ضجيج عائلته والأمن، فدخل غرفة ديانا، حضن الجميع من دون ان تفارقه ابتسامة عذبة. يسجّل لشبان "المستقبل" وفريق العمل في البرنامج نقطة ايجابية لاتمامهم مهماتهم على أكمل وجه. مسؤول العلاقات العامة بلال اللبان يركض من ناحية الى اخرى ومن اتصال الى آخر متفقداً احوال الصحافيين في الخارج والمدعوين. المنتج المنفذ كريستين تدعو فريق عملها والمشرفين على البرنامج لوضع الخطط اللازمة لكيفية خروجهم والمشتركين من الاستوديو المحاط بجمهور غاضب، في الوقت الذي حوصر ايضاً فندق البريستول - حيث يقيم المشتركون الثلاثة - بجماهير حاشدة، متظاهرة محتجة على خروج ملحم "الظالم" من البرنامج. وبالتالي لا بد من ايجاد مأوى آخر للمشتركين لحين هدوء الاجواء المتشنجة وايجاد وسيلة مواصلات اخرى بعد استحالة استخدام باص "ليبتون/سوبر ستار" نظراً لتعرضه الى هجمات الحشود الغاضبة... فارغاً! احداث ليل الاثنين فاقت توقعات إدارة المستقبل، إلا ان ذيولها لن تنتهي عند هذا الحد، خصوصاً بعد المعلومات التي تسرّبت وشاعت قبل حفلة ليلة الاحد. فحسام حسن زوج رويدا كان اكد ل"الحياة" يوم السبت الماضي عن تكاتف جمعية التجار في سورية لدعم رويدا عبر تخصيص عشرات الرحلات الى لبنان مجاناً بهدف التصويت المستمر طوال ليلة الاحد ويوم الاثنين لمواطنتهم على حسابهم الخاص، اضافة الى الدعم الكبير الذي تلقاه رويدا من بعض كبار المسؤولين في سورية. ديانا لم تنج ايضاً من المعلومات المتسربة او الإشاعات. التساؤلات المطروحة في الكواليس كثيرة: هل لجأت "المستقبل" الى افتعال Scoop خروج ملحم زين بعد مضي ثلاث حلقات بنتائج روتينية متوقعة؟ هل تعطّل موقع تلفزيون "المستقبل" الإلكتروني الذي يشهد اعلى مستوى تصويت، خصوصاً لملحم زين، عمداً؟ هل صحيح ان حلقة الاثنين شهدت تدخلات للتلاعب بالنتائج؟ وأخيراً، هل فعلاً كان حضور قوى الأمن امراً بديهياً وضرورياً في مرحلة حساسة من البرنامج، ام ان خروج ملحم كان "مقرراً" سلفاً، فحاولت ادارة "المستقبل" تخفيف ما يمكن توقعه من حالات شغب عبر تغيير جمهور ملحم، فمنعته من الدخول واستبدلته بجمهور آخر اختارته الإدارة وأحضرته في مقابل سعر معين. إلا ان السحر انقلب على الساحر وتعرّض البرنامج والمشتركون وفريق العمل وإدارة المستقبل لهجوم جماهيري ممن اختارتهم ... بعناية!
