يفترض ان يعلن الرئيس تشارلز تيلور اليوم رسمياً تنحيه عن السلطة، وان يغادر العاصمة مونروفيا اليوم او غداً الى منفاه الاختياري في نيجيريا. فهل يفي بوعده ويرحل فعلاً، ام يفرض شروطاً جديدة لرحيله، ما يعني استمرار الحرب الاهلية في ليبيريا؟ تيلور وعد كثيراً ووفى بالقليل مُذ كان نفسه زعيماً للمتمردين في 1989، وبعدما صار رئيساً في 1997 وحتى اليوم. اسمه ارتبط بالعنف المسلح والجريمة و"الماس الملوث بالدم" بسبب مقايضته الماس السييراليوني الذي كان يأخذه من المتمردين في ذلك البلد بالسلاح الليبيري، الذي اشعل حرباً أهلية استمرت عشر سنوات في سييراليون وراح ضحيتها اكثر من مئة الف قتيل. بدأ تيلور حياته السياسية محتالاً ودين باختلاس مليون دولار من الدائرة الحكومية التي كان يديرها في مونروفيا عام 1980، وكان عمره آنذاك 32 سنة. اخصامه يلقبونه ب"سوبر غلو" الغراء السريع الالتصاق ويقولون ان اصابعه تمتص الاموال بسرعة وتلتصق بها. ولد تيلور في ليبيريا عام 1948 لأم ليبيرية وأب يتحدر من الزنوج الاميركيين الذين اعتقوا في القرن التاسع عشر واستوطنوا في ليبيريا وعرفوا ب"الاميركيين الليبيريين". وتلقى تعليمه في الولاياتالمتحدة حيث حصل على درجة بكالوريوس في الاقتصاد من معهد بنتلي في ماساتشوسيتس. وهناك شارك في حملات احتجاجية ضد نظام الرئيس الليبيري آنذاك، وليام تولبرت، وكان ذلك بداية لبلورة طموحه السياسي. وعندما أطاح العريف صموئيل دو ينتمي الى السكان الاصليين نظام الرئيس وليام تولبرت ليبيري أميركي عام 1980، عاد تيلور الى مونروفيا حيث عينه دو مديراً لوكالة الخدمات العامة التي كانت بمثابة دائرة صغيرة للمشتريات، فأعاد هيكلتها في شكل باتت تتحكم في معظم المشتريات العامة لكل الوزارات، ومن خلال هذه الوكالة سرق نحو مليون دولار ودانته المحكمة بإختلاسها. لكن قبل تنفيذ الحكم بسجنه فر الى الولاياتالمتحدة حيث اعتقلته السلطات الاميركية، وسجن لأكثر من سنة في سجن ماساتشوسيتس قبل ان يفر من السجن في ظروف غامضة ليظهر في الغابات الليبيرية في 1989 زعيماً ل"الجبهة الوطنية القومية" التي أسسها ليقود الحرب على حكم دو وعلى الفصائل الليبيرية الاخرى. في ايلول سبتمبر 1990، وصلت ثلاثة فصائل من المتمردين الى مشارف مونروفيا، واستطاع فصيل منشق عن تيلور بقيادة الامير يورمي جونسون اعتقال الرئيس دو وتعذيبه حتى الموت. واستمرت الحرب الاهلية بين الفصائل المتنازعة على السلطة حتى اتفقت في 1997 على إجراء انتخابات فازت فيها جبهة تيلور بغالبية الاصوات وصار رئيساً للبلاد. قالت عنه منافسته في الانتخابات جينسن سيرليف:"ان فوزه في الانتخابات كان ثمن السلام"، وان تيلور حصل على دعم واسع لأن الليبيريين كانوا يعيشون في حال من الخوف ويعرفون انه سيواصل هجماته على العاصمة حتى يفوز بالرئاسة. استطاع تيلور فرض صورة نمطية عن نفسه بأنه قوي، وهو ذو شخصية كاريزماتية يحسن استخدامها بدهاء لمخاطبة مواطنيه والتأثير فيهم. واكثر ما يعرفه الليبيريون عن رئيسهم خرقه، في تشرين الثاني نوفمبر 2001، قوانين وزارة التربية، عندما نفذ شخصياً عقاباً على احدى بناته، إدينا، ذات ال13 ربيعاً امام اجهزة الاعلام، وضربها بمسطرة خشب عشر مرات بعدما علم ان ادارة مدرستها طردتها موقتاً بسبب سلوكها المشاغب. وقال تيلور امام عدسات التلفزيون وهو يضرب إدينا "ان هذه العقوبة ستكون رادعاً لكل الاطفال والتلاميذ المشاغبين". كذلك طلب تيلور من زوجته امام وسائل الاعلام ان تساعده في اختيار زوجات أخريات له، لكنها لم تستجب علناً لطلبه. ويتردد أنه يعاشر عدداً غير محدد من النساء في علاقات غير شرعية. وفي 4 حزيران يونيو الماضي، وجه المدعي العام في محكمة جرائم الحرب الخاصة بسييراليون، والتي تشارك فيها الاممالمتحدة، التهمة رسمياً الى تيلور "بالمسؤولية عن جرائم الحرب وجرائم ارتكبت ضد الانسانية والانتهاك الخطير للقانون الدولي الانساني في اراضي سييراليون منذ الثالث من تشرين الثاني 1996". وبذلك صار اول رئيس توجه اليه اتهامات اثناء وجوده في الحكم منذ توجيه اتهامات للرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوشيفيتش. لكنه يغادر السلطة اليوم من دون ملاحقة او اعتقال ليعيش في منفاه الاختياري في نيجيريا.