لا يعكس الحديث المتكرر والمتسع عن الاستعدادات لخوض الانتخابات الفرعية لملء المقعد الماروني الشاغر بوفاة النائب بيار حلو في دائرة عاليه - بعبدا تزاحماً بين المرشحين للنزول الى الساحة الانتخابية، إذ انهم، باستثناء المرشح الجدي حتى الساعة هنري بيار حلو، يحاولون القيام بعمليات جس نبض لدى الناخبين الكبار والقوى الفاعلة في الدائرة لمعرفة حدود قدرتهم على المنافسة، خصوصاً ان ما انطبق في السابق على الانتخاب الفرعي في دائرة المتن الشمالي لا ينطبق أبداً على عاليه - بعبدا، ولذلك أسباب، يمكن استنتاجها بإجراء مقارنة بين انتخابات الدائرتين والاعتبارات المناطقية والسياسية التي تحكمهما ومنها: - ان المعارضة، وهذا ما تعترف به هي ليست قادرة على الالتقاء على مرشح واحد لخوض المعركة ضد هنري حلو، نظراً الى وجود تباين في الرأي، وستكشف الأيام القريبة ان "لقاء قرنة شهوان" الذي يمثل أبرز قوى المعارضة ليس في وارد التفاهم على مرشح، خصوصاً أن هنري حلو الذي لا يزال يعتبر الأقوى ليس محسوباً على السلطة خلافاً لما كان عليه الوضع في انتخابات المتن، وبالتالي لن تكون قادرة على تجييش الساحة ضده. - ان دائرة عاليه - بعبدا تعتبر من الدوائر الانتخابية المختلطة على صعيدي الترشح والانتخاب وفيها قوى سياسية وطائفية متعددة بادرت الى إعلان تبنيها لترشيح هنري حلو، ولا يجوز إغفال قوتها الانتخابية. - ان المرشح هنري حلو انطلاقاً من المخزون السياسي لوالده لا يعتبر مرشحاً مجهولاً أو مفروضاً على المنطقة بل يتمتع بالقدرة التي تخوله الانفتاح على القوى السياسية الفاعلة. - ان بعض المعارضة ليست على استعداد لخوض المعركة تحت أمرة "التيار الوطني الحر" بقيادة العماد ميشال عون خصوصاً أن لديها تحالفات انتخابية في الدائرة لا يمكنها التفريط بها، لأجل خوض انتخابات تعتقد أن نتيجتها محسومة سلفاً. - ان البعض في الكنيسة المارونية لعب في انتخابات المتن الفرعية دوراً في خلق المناخ الداعم للمرشح غبريال المر بينما يدعم البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير مبدأ التوافق على مرشح تسوية. - لن يكون في وسع بعض المعارضة التيار العوني القيام بحملة تحريض تحت شعار أن قوى السلطة بأحزابها تدعم حلو لإيصاله الى الندوة لا سيما ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي يعتبر الأقوى في الدائرة لم ينفرد في الإعلان عن دعمه له. وقد حرص على أن يأتي موقفه منسجماً مع موقف البطريرك صفير وأوفد لهذه الغاية الى الديمان عضو "اللقاء الديموقراطي النيابي" النائب أكرم شهيب. - يجد "لقاء قرنة شهوان" نفسه أمام حائط مسدود في حال طلب منه تسمية مرشح يحظى بإجماع اللقاء الذي سارع عدد من أركانه بطرس حرب، نايلة معوض، بيار أمين الجميل "القوات اللبنانية" الى تأييد ترشح حلو، إضافة الى أن الغالبية في اللقاء، وان كانت لا تزال تتريث في اتخاذ موقف، فإنها في النهاية ستحذو حذو الآخرين. - ان نقيب المحامين السابق شكيب قرطباوي الذي هو عضو في "القرنة" يمكن أن يكون أكثر المرشحين جدية في حال قرر خوض الانتخابات، لكنه لن يغامر في إعلان ترشحه قبل أن ينتهي من دراسة الموقف سياسياً وميدانياً. - ان عون الذي سارع في إظهار استعداده لخوض المعركة يحاول أن يزايد على "لقاء القرنة" ويسعى الى استحضار أجواء ضاغطة لدفعه الى تبني وجهة نظره، على رغم انه يرفض الاعتراف بالمجلس النيابي وهذا ما يشكل له احراجاً لجهة كيفية التوفيق بين الرفض المطلق وبين التحريض على الانخراط في معركة من أجل مقعد نيابي شاغر. - ان معارضي عون يتمنون أن يتجاوز في دعوته الى خوض الانتخابات تسجيل موقف مبدئي الى اتخاذ قرار لا رجعة عنه، بخوضها، باعتبار ان هالته الإعلامية ستكون أمام اختبار جدي من شأنه أن يظهر حجم قوته الانتخابية. - وبالنسبة الى المرشحين الآخرين يأتي على رأسهم النائب السابق بيار دكاش الذي سيجد صعوبة في اتخاذ موقف يحتم عليه خوض الانتخابات طالما ان القوى المتحالفة قررت تأييد حلو. وما ينطبق عليه، يسري على مرشحين أمثال عماد الحاج، بينما ينتظر حكمت ديب الذي ينتمي الى "التيار الوطني الحر" القرار النهائي لعون، وهو في هذا الموقف يتقاطع مع حليفه شارل شرتوني ابن شقيقة الآباتي بولس نعمان. وعليه يمكن القول ان المرشحين ما عدا قرطباوي، سيكتشفون عاجلاً أو آجلاً ان حساب الحقل الانتخابي لن يكون مطابقاً لحساب البيدر. وقد يضطرون الى مراجعة موقفهم اذا ما أرادوا الانضمام لاحقاً الى "نادي المرشحين" في انتخابات 2005، خصوصاً أن القوى الفاعلة مسيحياً ليست في وارد تبني ترشيح أحدهم أو أن تسجل على نفسها خسارة معركة يستدرجها اليها عون.