واشنطن - - أفادت الصحف الأميركية أمس ان البيت الابيض اعترف للمرة الاولى بأنه كان على الرئيس جورج بوش ألا يذكر في خطابه عن "حال الاتحاد" الذي ألقاه في 28 كانون الثاني يناير الماضي ان العراق سعى الى شراء اليورانيوم من افريقيا لاستخدامه في برنامجه للاسلحة النووية. فيما اعترف رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بأنه اتخذ قرار الحرب قبل موافقة البرلمان. ونشرت صحيفة "واشنطن بوست" ان اقرار البيت الابيض جاء عقب نشر لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني تقريرا أثار اسئلة جديدة حول صدقية المعلومات الاستخباراتية البريطانية التي استند اليها بوش في اطار جهوده لإقناع الكونغرس بأن برنامج العراق لاسلحة الدمار الشامل كان يشكل خطراً على أمن الولاياتالمتحدة. فيما نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن إقرار البيت الأبيض بالخطأ جاء غداة مقال نشرته الأحد لجوزيف ويلسون، السفير الاميركي لدى الغابون بين 1992 و1995، قال فيه انه سافر الى النيجر عام 2002 موفدا من وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي آي إي للتحقيق في هذه المعلومات، وعاد وقدم لها تقريراً ان الادعاءات كانت خاطئة ومن المشكوك فيه ان تكون مثل هذه الصفقة حدثت في اي وقت. الا ان الادارة الاميركية لم تعلن عن مهمة ويلسون. وأفادت الصحف ان الادارة أصدرت بيانا أمس اقرت فيه فعليا بان المعلومات الاستخباراتية التي استند اليها تصريح الرئيس في خطابه عن "حال الاتحاد" كانت خاطئة. ونقلت عن مسؤول بارز في الادارة انه "استنادا الى ما نعرفه الآن لم يكن يتوجب إدراج الاشارة الى محاولة العراق الحصول على اليورانيوم من افريقيا" في الخطاب. وكان بوش قال في خطابه ان "الحكومة البريطانية علمت ان صدام حسين سعى للحصول على كميات كبيرة من اليورانيوم من افريقيا". ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤول في الإدارة الأميركية أن المشكلة نابعة من أنها استندت الى معلومات مصدرها بريطانيا ليتضح لاحقا أن بريطانيا استندت في تقريرها الى معلومات حول الموضوع ذاته من "سي آي إي". وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ابلغت مجلس الأمن في آذار مارس الماضي ان الاشارة الى محاولة العراق الحصول على اليورانيوم من افريقيا تستند الى وثائق مزورة. ولم يتسن الحصول على رد من الناطق باسم البيت الابيض حول الموضوع. واحتدم الجدل في الولاياتالمتحدةوبريطانيا حول اتهام حكومتي البلدين بالتلاعب بمعلومات الاستخبارات عن أسلحة الدمار الشامل لتبرير الحرب على العراق. ولم تعثر قوات الاحتلال على اي دليل على وجود مثل هذه الاسلحة. وأشارت لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية البريطانية التي حققت في الأمر إلى أن حكومة رئيس الوزراء توني بلير التي أقرت بأن المعلومات عن شراء اليورانيوم من أفريقيا ليست دقيقة أبلغت اللجنة أن لديها معلومات من مصدر آخر عن محاولة الرئيس العراقي صدام حسين شراء اليورانيوم، لكن الحكومة لم تكشف بعد عن معلوماتها هذه، على رغم الضجة التي يثيرها المشككون بسلامة تعامل بلير وحكومته مع موضوع العراق وتلاعبهم بالمعلومات الاستخباراتية لتبرير قرار شن الحرب. من جهته أقر بلير أمس انه "قرر" قبل التصويت في البرلمان ان الحرب لا يمكن تجنبها. وقال أمام لجنة التنسيق في مجلس العموم البريطاني التي تضم نوابا بارزين ورؤساء مختلف اللجان البرلمانية الأخرى "قررت انه لا يمكننا تجنب النزاع في الايام القليلة التي سبقت التصويت في 18 آذار مارس لانه كان من الواضح حينذاك اننا لن نستطيع الحصول على قرار ثان من الاممالمتحدة بتوجيه انذار نهائي لصدام". واضاف: "عندما اوضحت البلدان الاخرى انها غير مستعدة لدعم قرار يوجه انذارا نهائيا لصدام، اصبح مؤكداً ان كل ما سنحصل عليه هو تنديد ثان بصدام واتفاق على اجراء مناقشات اخرى ولم يكن ذلك كافيا". وكان بلير حصل قبل يومين من بدء الحرب على دعم البرلمان للحملة العسكرية. ونفى رئيس الوزراء الذي يكافح للحفاظ على سمعته السياسية مزاعم بانه ضلل البلاد في قضية الحرب على العراق، على رغم عدم ظهور اي اسلحة دمار شامل حتى الآن. وقال للجنة البرلمانية: "أدحض تماما اي زعم بأننا ضللنا البرلمان او البلاد. اعتقد بأننا فعلنا الصواب. اصر على ذلك مئة في المئة واعتقد ان اجهزة استخباراتنا زودتنا معلومات صحيحة في ذلك الوقت". كما نفى اثناء اجابته على سيل من الاسئلة من كبار اعضاء البرلمان مزاعم بأن قرار المشاركة في الحرب كان متفقا عليه من قبل مع الولاياتالمتحدة. وفنّد ما خلصت اليه لجنة الشؤون الخارجية من ان البحث عن الاسلحة في العراق انتهى قائلا انه لا يساوره شك بأن صدام كان يحاول اعادة تطوير اسلحة. وقال: "البحث عن الاسلحة لم ينته. لم ينته ابداً". وتعرض ملف الاستخبارات المشكوك في صحته الصادر في شباط فبراير الماضي والذي اتضح انه اقتبس من دراسة أكاديمية لطالب جامعي من دون الإشارة إلى ذلك وقال أنه سبق وأبلغ مجلس العموم الخطأ الذي وقعت فيه الحكومة بالاقتباس من هذه الدراسة وأنه كان عليها أن تشير إلى هذا الاقتباس. وأكد أن هذا الخطأ ليس خطيرا وأنه سبق واعترف به أمام البرلمان. وأظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة "ذي تايمز" أمس أن أكثر من نصف البريطانيين لا يثقون برئيس وزرائهم وان معظمهم يعتقد بأنه ليس اكثر امانة من بقية السياسيين. وافاد الاستطلاع أن حجم الثقة التي يحظى بها زعيم حزب المحافظين المعارض إيان دانكين سميث أصبحت أكبر من تلك التي يحظى بها بلير. وأشار الى إن التأييد الشعبي البريطاني للوجود العسكري البريطاني في العراق يتراجع مع كل عملية مقاومة تتعرض لها القوات الاميركية والبريطانية على حد سواء. ودافع وزير الدفاع البريطاني جيفري هون أمس في تصريح الى هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي عن فشل القوات البريطانية والأميركية في العثور على أسلحة دمار شامل في العراق بعد حوالى ثلاثة أشهر من انتهاء الحرب وقال ان الحكومة البريطانية كانت تدرك جيداً قبل الحرب أن صدام أخفى هذه الأسلحة جيداً، خصوصاً لدى إعلانه السماح بعودة المفتشين في أيلول سبتمبر الماضي. وأوضح أنه كان أمام صدام متسع من الوقت، ستة أو سبعة أشهر، ليفعل ذلك في بلد شاسع مثل العراق يتساوى في المساحة مع فرنسا تقريبا، وأن القوات الحليفة تحتاج هي الأخرى إلى ستة أو سبعة أشهر للعثور على هذه الأسلحة. وعلى الصعيد ذاته قال والد أصغر الجنود البريطانيين الذين قتلوا في الحرب على العراق ان الحرب غير مبررة ولا تستند الى شرعية قانونية. وكان الجندي القتيل أندرو كيلي 18 سنة من الكتيبة الثالثة من لواء المظليين قتل في حادث إطلاق نار عرضي في البصرةجنوبالعراق في 6 أيار مايو. واكد الوالد روبرت كيلي 53 سنة بأنه يخطط للكتابة الى بلير ليطلب منه ايضاحا خطيا لشن الحرب ويسأله: هل سيشن الحرب لو كان ابنه يشارك فيها. واضاف روبرت وهو جندي سابق شارك في حرب الفوكلاند في حديثه لوسائل الاعلام: "لم تكن هناك مبررات كافية لأخذ بلادنا الى الحرب. وقال: "خضنا حرب الفوكلاند ضد الارجنتين لانهم كانوا يريدون انتزاع ارض تابعة لبريطانيا ولهذا قبلنا المشاركة في الحرب. ولكن ما هي علاقتنا مع العراق واي مصالح لنا لشن الحرب. اشعر انه كان مخططاً اميركياً وكان علينا ألا نشارك".