يؤكد أكثر من ناقد فني ان ألبومات المطرب اللبناني عاصي الحلاني الأخيرة وجماهيريته، لم تعد بقوة انطلاقته، وهذه من الأمور التي تطال كل فنان ومطرب. يذكر الجميع كيف كان صوت جورج وسوف "السلطاني" المتعالي وصار أجش بامتياز، يجذب وينفر في آن معاً، وربما يذكر غلاة "الأغنية الملتزمة" يوم كان مرسيل خليفة يصدح للجماهير الثورية في المهرجانات الحزبية ثم ما لبث ان انطوى على التأليف الموسيقي. التبدل في المسيرة الفنية للمطرب هو من الأمور البديهية، قد يكون ذلك من علامات الزمن، وقد ينتج من فعل تطوري، وربما يكون مرآة للنسيج السائد في المجتمع. المطرب عاصي الحلاني الذي يصدر عمله الجديد "فرصة عمر" خلال ايام، بدل في "سيستامه" الفني خلال مسيرته، فهو خلع ثوب الهوارة البعلبكية والأغاني البدوية التي اشتهر بها. وانتقل الى الأغاني الإيقاعية و"الديسكو". او انتقل من "الجرد ونهر العاصي" الى "بحبك وبغار". وكان الحلاني نجح صدفة شأن الكثير من المطربين، والصدفة في حياته كانت عندما ظهر على التلفزيون وغنى الهوارة، ومسيرته الغنائية تشمل ألواناً عدة قدمها. تبدأ من الفولكلور، ثم الأغنية البدوية العاطفية، فالأغنية المصرية، ثم الأغنية اللبنانية. لكن يبدو ان ألبوماته الأخيرة "الديسكو" لم تحظ بالقدر ذاته من الاهتمام الذي حظيت به ألبوماته الأولى "الفولكلورية". لا ندري لو كان في إمكان عاصي الحلاني تطوير تراث الهوارة، وجعله حديثاً على النحو اللازم. نعلم ان رواد الطرب في لبنان، بعد الاستقلال، تأملوا في الأحوال ووجدوا انه يمكنهم ان يستنبطوا من تراثهم الريفي الجبلي، ما يمكن تسميته بنية فنية. تمكن الملحن زكي ناصيف من تحويل تراث "الدلعونا" الريفي الى مديني حداثوي، وأيضاً الرحابنة اقاموا حواراً مع تراثهم القروي وأخذوه الى مكان غير متوقع. لكن عاصي الحلاني لا يبدو انه يريد تطوير الهوارة، فأكثر ما نجده يكون فيها مستسلماً للسائد الغنائي، وهذا جعل البعض يتهمه بتقليد الآخرين. في بداياته قالوا انه يحاول تقليد راغب علامة، وعندما نجح لبنانياً وانطلق عربياً، قيل انه يقلد عمرو دياب، وصولاً الى تقليده كاظم الساهر في أدائه كلمات نزار قباني. نجد ان عاصي الحلاني في بعض فيديو كليباته يمثل دور العاشق المنتصر على غريمه، والأرجع انه يحب هذا الدور، سواء في شريط "يمامة" ام "عذبوني"، وصولاً الى الفيديو كليب الأخير الذي تبثه محطة روتانا. والملمح التبدلي الذي نراه في عاصي هو انه كان على صهوة حصان وصار يقود سيارة فارهة، او يستعمل المسدس بدل السينما، او انتقل من الغرام البدوي الى الحب المكسيكي الساذج.