اعلن مسؤولون عراقيون في محافظة السماوة 300 كيلومتر جنوببغداد انهم اكتشفوا اخيراً مقابر جماعية في عدد من مناطق المحافظة، مشيرين الى انهم ينتظرون انخفاض درجات الحرارة للبدء في عملية نبشها. وقال المسؤول الاعلامي في محافظة السماوة عدنان حسن طاهر: "منذ سقوط النظام في التاسع من نيسان ابريل الماضي، اكتشفت اكثر من عشر مقابر جماعية للاكراد في ناحية البصية وحدها القريبة من الحدود العراقية - السعودية، وخمس مقابر جماعية في قضاء السلمان ومقابر اخرى في الوركاء لعلماء الدين، وفي المشعل والحضر للمعارضين السياسيين ومقبرتان في مركز المدينة". واشار الى ان المقبرة الجماعية الاخيرة التي اكتشفت كانت "في بستان آل سعودي قرب مستشفى السماوة في وسط المدينة"، مضيفاً: "اصبحنا نعتقد بأن هناك مقابر جماعية تحت بيوتنا ومنازلنا". واضاف: "تلقينا اوامر بعدم نبش هذه المقابر بالطرق البدائية وأبلغونا ان فرقاً اجنبية متخصصة في البحث ستأتي من الخارج للتحري والتقصي ونبش المقابر اعتباراً من الخامس عشر من ايلول سبتمبر المقبل، لأن الجو حينها سيبدأ بالتحسن وستبدأ درجات الحرارة بالهبوط تدريجاً". وتصل درجات الحرارة في العراق هذه الايام الى خمسين درجة مئوية في احيان كثيرة. وتابع المسؤول العراقي ان بعض اهالي القرى والبدو في المنطقة يحرسون هذه المقابر، و"وضعنا علامات عليها كي نعود اليها لاحقاً". وقال: "في احدى المقابر عثرنا على مئة شهادة وفاة لأكراد مرضوا في السجون ومن ثم توفوا ودفنوا، وفي اخرى عثرنا على خمس جثث في متر مربع واحد". ومن الجثث التي تم العثور عليها جثث عائدة لاطفال ونساء، والعديد منها مصاب بالرصاص. ورأى نائب المحافظ خالد عزاره من جهته ان: "المحافظة تمتلىء بالمقابر الجماعية كونها بعيدة ونائية وصحراوية". ويعتقد بأن غالبية الاشخاص الذين دفنوا في هذه المقابر هي من الاكراد الذين تعرضوا للاضطهاد في عهد الرئيس المخلوع صدام حسين. ويروي عزاره "رواية يعرفها جميع ابناء المدينة"، على حد قوله، ومفادها ان "طفلاً كردياً نجا من القتل وهو من السليمانية واسمه تيمور. قتلوا عائلته العام 1983 لكنهم لم يصيبوه إصابة قاتلة فزحف من تحت التراب من احدى المقابر". ويضيف: "عائلة حسين فالح البدوية عثرت عليه وربّته من دون علم احد وأسمته علي الى ان كبر ثم قاتل ضد النظام في انتفاضة 1991 وبعدها هرب الى الخارج عن طريق الشمال وهو يقيم الآن في الولاياتالمتحدة". ويروي سكان البصية ان باصات محمّلة بالعائلات الكردية وقد عُصبت أعين افرادها وقُيّدت أيديهم، كانت تمر في المنطقة يرافقها عدد من رجال الامن المسلحين وتتجه الى الصحراء، ثم تعود بعد ساعة وهي خالية من الركاب. ويقول الشرطي فؤاد فوناس ان: "الاهالي سألوا مرة رجال الامن بعدما توقفوا من اجل شرب الماء الى اين تتوجهون، فقالوا الى الناصرية، التي تبعد ما لا يقل عن ساعتين. لكنهم عادوا بعد ساعة وعندما سألهم الاهالي عن كيفية انهائهم الرحلة في ساعة واحدة فقط، انهال عليهم رجال الامن بالضرب". واضاف ان: "الجميع علم بعد ذلك ان هؤلاء الناس انما كانوا يُساقون الى الموت". واعرب بختيار امين، الامين العام لمنظمة "التحالف الدولي من اجل العدالة" غير الحكومية التي تتخذ من باريس مقراً لها، عن امله "بالا يمس احد المقابر الجماعية قبل ان يبدأ العمل عليها بطريقة علمية"، مشيراً الى انها تمثل "جرائم بحق الانسانية وليس ضد ابناء الشعب العراقي فقط"، مشدداً على ضرورة تسليط الاضواء عليها وتوثيقها. واشار الى ان عائلات الضحايا لا تملك "النفقات الكافية ووسائل البحث عن الذين قتلوا ودفنوا في هذه المقابر". ورأى ان "الحل يكمن في اقامة مؤتمر دولي للبحث في مسألة المقابر الجماعية واقامة صندوق خاص لمساعدة العائلات والعمل بشتى الوسائل لرد الاعتبار الى هؤلاء الضحايا الابرياء".