انتشرت في الآونة الاخيرة في دمشق ظاهرة المجلات الآتية من الخارج، وغالباً ما تكون لبنانية الترخيص او اميركية او يونانية، ويشكل اصحاب تلك المطبوعات على عادة كادراً اعلانياً نسائياً قبل كل شيء، اما المواد المنشورة فيها فتؤخذ من صحف ومجلات عربية من دون اي اذن او اشارة الى المصدر بما يتنافى مع التقليد الصحافي المعروف، وعلى رغم ذلك لا تستطيع تلك المجلات الصدور في شكل دوري، فهي متقطعة ويمكن ان تغيب الى ما شاء الله ريثما يتمكن "كادرها" من اصطياد اعلان ما يساعد اصحابها على طباعة مئة نسخة على الاقل، وقد يسألك احد المعنيين بتلك الصحف اذا صادفتهم عن "بنات يشتغلن بالاعلان وبراتب مغر"، او ينشرون في الصحف الاعلانية السورية اعلاناً فحواه "مجلة بحاجة الى موظفين وموظفات وبراتب جيد. للاستعلام اتصلوا على الرقم..." ومن اجل هذا الاعلان تتقدم عشرات الفتيات ممن يبحثن عن فرص عمل الى تلك المجلات معتقدات ان واقع عمل اعلامي قائم ربما يستطعن من خلاله الحصول على فرصة عمل مغرية وذات سمعة اجتماعية طيبة، غير انهن غالباً ما يكن ضحايا "الصحافة" بحسب ما قالت منى ح. وعندما سألناها كيف بدأت عملها، وماذا كانت طبيعته، وأيضاً هل هذه المجلات تشتغل صحافة حقاً، كذلك هل القائمون عليها هم من الصحافيين...؟ اجابت: "كنت ابحث عن عمل محترم، وعلمت ان احدى المجلات في الحي الشعبي الذي اسكن فيه بحاجة الى موظفات، فقصدتها وقابلت رئىس التحرير ووافق على عملي، فكنت في الغرفة المستأجرة التي يسمونها هم مكتباً مع زميلات لي، وأخبرنا ذاك الذي يسمى رئىس التحرير أننا بحاجة الى تدريب، كي نكون صحافيات، وأيضاً حتى نتعلم كيف نحصل على الاعلان، فوافقنا وبدأ التدريب ولكن مع الزمن اكتشفنا أن رئىس التحرير هذا لا يجيد الكتابة، ويكتب بأخطاء املائية على رغم انه اخبرنا بشهرته الواسعة في لبنان وفي الصحف اللبنانية، وبدافع الفضول سألته عن الراتب فأجابني مباشرة بأننا في طور التأسيس ويجب ان نكون "اسرة واحدة" وبالصدفة شاهدت احدى صديقاتي فأخبرتني بأن هؤلاء ليس لهم علاقة بالصحافة وهناك كثيرات وقعن في شركهم. وعندما سألت احد معارفي من الوسط الصحافي عن رئىس تحرير مجلتنا وشهرته في لبنان، قال لي إن المذكور ليست له علاقة بالمهنة وكان سائق تاكسي في لبنان ثم اشترى ترخيص المطبوعة التي يملكها، بعد هذه المعلومات شعرت بأنني مخدوعة فتركت العمل ولم احصل على رواتبي". ربيعة م. م. تعمل في احدى المجلات اللبنانية المسماة "فنية اجتماعية شاملة" والتي دخلت سورية بطريقة نظامية، اخبرتنا "قرأت اعلاناً عن تلك المجلة في صحيفة اعلانية وتوجهت قاصدة العمل، فأخبرني رئىس التحرير أنني اصلح لعمل "الريبورتاجات" وأخبرته فوراً أنني لا اعرف عن مهنة الصحافة شيء، فقال لي الشغلة سهلة ولكنها بحاجة الى انتباه، ولكنني بعد فترة وجيزة اكتشفت أن رئىس التحرير اميّ لا يعرف القراءة ولا الكتابة وهمه فقط ان نجلب له اعلاناً او نعمل لقاء مع ممثلة صاعدة ونطلب منها مبلغاً من المال كي نضع صورتها على الغلاف، ونصحني بأن اتوجه الى ملاهي دمشق كي ألتقي المطربات هناك وأعمل معهن لقاءات، وبالفعل حصلت على نقود وأخذنا صورهن لكن المجلة لم تصدر وكل يوم نسأل فيه رئىس التحرير يقول لنا العدد في المطبعة. ولكن منذ ستة اشهر والعدد في المطبعة وكنت ايضاً موعودة بنسبة على ما اجلبه من نقود، ولم يعطني شيئاً بذريعة طباعة العدد اولاً". وأضافت ربيعة: "على رغم كل ذلك شعرت ان هناك كذباً في كل شيء. وعلى سبيل المثال كتبوا على لافتة على باب المكتب وحتى على الصفحات الاولى من المجلة بأن المكتب الرئىس في بيروت المنطقة الفلانية ووضعوا ارقام هواتف، ولكن هذا الكلام ليس صحيحاً، ويدعون ان لدينا محررين يعملون ومكاتب في دول عربية ط، وكثيراً ما اسمع تعليقات من الباعة بقولهم ساخرين "يا هيك الصحافة يا بلا". أما هنادي ع. فأوضحت أن غالبية ضحايا تلك المجلات ممن كنّ بحاجة ماسة الى العمل وأغراهن الاسم والشهرة. وأضافت: "بدأت مشكلتي عندما استدان مني رئىس التحرير مبلغ 50 ألف ليرة سورية ألف دولار اميركي من اجل طباعة العدد وكان هذا المبلغ بالنسبة اليّ تحويشة العمر، ولم يعده لي".