الحديث عن تاريخ الطباعة والمطابع في المملكة العربية السعودية حديث ممتع يستوجب الإلمام بتفاصيله وما صاحبه من تطورات وإرهاصات على مدى عقود من الزمن منذ ما قبل قيام الدولة السعودية الحديثة. ومن هنا حظي كتاب «الطباعة في المملكة العربية السعودية 1300 1419» لمؤلفه الأستاذ عباس صالح طاشكندي عميد شؤون المكتبات بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة باهتمام بالغ لأنه يسلط الضوء على الكثير من جوانب النهضة العلمية التي سادت في الحجاز تحديدا، وما كان شائعا بين أهلها من اهتمام وحرص شديدين على اقتناء الكتب وتأليفها والاستفادة من وسائل الطباعة المتوافرة خارج البلاد ولاسيما في مصر والهند. يقول المؤلف في كتابه ما مفاده إن ظروف المجتمع المكي الثقافية الخاصة كمكان لتلقي العلم وتبادل الأفكار والمناظرات كانت من أهم العوامل التي ساهمت في دخول الطباعة إلى مكةالمكرمة لأول مرة وسط ترحيب العلماء والأهالي، وذلك في عام 1882 على يد الوالي العثماني نوري باشا. ثم يفصل فيخبرنا أن المطبعة التي أسسها الوالي كانت تحمل اسم «حجاز ولايتي مطبعة سي»، أي مطبعة ولاية الحجاز الحكومية، وهي التي عُرفت بين الناس ب«المطبعة الميرية» ولم يكن بها سوى آلة صغيرة تدار بالقدم قبل أن تزودها الدولة العثمانية بآلة متوسطة الحجم فآلة طباعة حجرية لاحقا. وخلال نحو 38 سنة من عمرها (ما بين عامي 1882 و1920)، وعلى الرغم من إمكاناتها البدائية، أصدرت هذه المطبعة مئات المؤلفات الدينية القيمة، علاوة على قيامها بطباعة عدد من الصحف مثل «سالنامة الحجاز» بالتركية، صحيفة «الحجاز» الأسبوعية، صحيفة «شمس الحقيقة» بالعربية، وصحيفة «شمس حقيقت» بالتركية، علاوة على المطبعة الميرية شهدت الحجاز في العهد التركي ظهور بعض المطابع الأهلية مثل «مطبعة الترقي الماجدية» التي تأسست في مكة على يد محمد ماجد كردي في عام 1909، ومطبعة «الإصلاح» التي شارك في تأسيسها بعض أهالي مدينة جدة في عام 1909 بغرض إصدار صحيفة الإصلاح التي توقفت عن الصدور بعد 6 أشهر. وإذا ما تجاوزنا الحقبة الهاشمية في الحجاز (1916 1924) التي لم تشهد أي تطورات جديرة بالذكر لجهة الطباعة والمطابع سوى انتقال ملكية المطبعة الميرية إلى الحكومة الهاشمية التي جعلتها مطبعة رسمية مخصصة لطباعة الأوراق وطباعة صحيفة «القبلة»، دون أي تحديث للآلات والطاقات البشرية، الأمر الذي انعكس سلبا على أدائها وإنتاجها، خصوصا مع انقطاع الدعم المالي من إسطنبول، فإن ما يجدر بنا التوقف عنده هو التطورات التي حدثت بُعيد قيام الدولة السعودية، والتي تغير فيها اسم المطبعة الميرية في مكة إلى مطبعة «أم القرى»، مع تخصيصها لإصدار صحيفة «أم القرى» كصحيفة رسمية أسبوعية تنشر الدولة فيها بلاغاتها ونظمها وتعليماتها وبياناتها، ناهيك عن الحرص الشديد للمغفور له الملك عبدالعزيز على أمرين، أولهما الاستعانة بالإمكانات الطباعية المتوافرة خارج البلاد، ولاسيما في الهند ومصر، لطباعة ونشر وتوزيع الكتب الدينية والتراثية، وثانيهما هو تشجيع ذوي رؤوس الأموال على تأسيس المطابع الأهلية وفق نظام خاص للمطابع والمطبوعات تم إصداره في عام 1928 بهدف طباعة الكتب والكراريس والصحف والمنشورات والمجلات والدوريات بأنواعها المختلفة. ومما لاشك فيه أن تقنين أوضاع الطباعة والمطبوعات وتشجيع المستثمرين المحليين على خوض المجال كانت لهما انعكاسات إيجابية على أكثر من صعيد. فمن ناحية ظهر في تلك السنوات أو حولها المزيد من المطابع الأهلية مثل: مطبعة طيبة الفيحاء بالمدينةالمنورة (أسسها عام 1927 أحمد فيض آبادي وعبدالحق النقشبندي)، المطبعة السلفية في مكةالمكرمة (أسسها في عام 1927 محمد صالح نصيف وعبدالفتاح قبلان)، المطبعة العربية بمكةالمكرمة (أسستها في عام 1935 شركة عامة هي الشركة العربية للطبع والنشر)، مطبعة المدينةالمنورة (أسسها عثمان حافظ سنة 1936 بعد أن اشترى مطبعة طيبة الفيحاء وطورها ودعمها بآلات اشتراها من مصر ونقلها بحرا إلى جدةفالمدينة)، مطبعة فضل الرحمن الأدبية بجدة (أسسها محمد رضا حسين سلامة سنة 1951). ومن ناحية ثانية ازدهرت حركة التأليف وإصدار الكتب في علوم الأدب والدين والتراجم والتاريخ من تلك التي أحدثت تغييرات إيجابية ثقافية واجتماعية. ومن ناحية ثالثة نشطت حركة الصحافة المحلية التي استفادت من النهضة الطباعية في ربط أرجاء المملكة بعضها ببعض من خلال نشر المقالات لأبناء الوطن الواحد حيثما انتموا، على أن النهضة الكبرى والحديثة في عالم الطباعة بالسعودية بدأت في عام 1952، بانتقال أنشطة الطباعة والمطابع من مكة إلى جدة، إذ شهدت الأخيرة قيام «مؤسسة الطباعة والصحافة والنشر» على يد أحمد عبيد كشركة مساهمة محدودة، فكانت هذه الشركة أول مطبعة تعتمد في عملها على آلات حديثة مستوردة من بريطانيا وألمانيا، وأول مطبعة تستخدم طريقة صف اللينوتيب بدلا من الصف اليدوي للحروف. وفي عام 1954 ظهرت «دار الأصفهاني للطباعة والزنكوغراف» التي استخدمت أيضا أسلوب اللينوتيب في الطباعة، لكنها كانت الأولى لجهة إدخال مطابع وآلات الأوفست، وهو ما مكنها من إحداث نقلة نوعية فنية وبصرية في النشر المحلي، فتعاقدت الحكومة معها على طباعة مقرراتها المدرسية وطوابعها البريدية داخليا بدلا من الاعتماد على المطابع الأجنبية، لذا فإن المطبعة الأخيرة رغم أنها الثانية في الترتيب إلا أنها الأكثر شهرة بسبب تقنيتها المتقدمة ومصاحبتها للنهضة الأدبية والصحفية والتعليمية في المملكة، علاوة على تخصصها في أمور لم تكن المطابع الأخرى توليها الاهتمام مثل أعمال الزنكوغراف وتصميم الإعلانات والعلامات التجارية، ومهمات التغطيات المصورة للأحداث، وتوزيع الصور الرسمية والأهلية على الصحف، وطباعة التقاويم السنوية وبطاقات الدعوات للمناسبات السعيدة وغيرها. إن الحديث عن «دار الأصفهاني للطباعة والزنكوغراف» يجرنا للحديث المفصل عمن وقف وراءها وكافح من أجل بلوغها مبلغا لم تصله دور الطباعة المحلية الأخرى في الحجاز، وهو الشيخ محمد حسين أصفهاني المولود في جدة عام 1920 والمتوفى بها عام 1993. الشيخ أصفهاني، المنحدر من عائلة جداوية معروفة سكنت داخل سور جدة القديم قبل هدمه سنة 1948 (طالع الفصل الثالث الخاص بحواري جدة في كتاب «جدة حكاية مدينة» لمؤلفه الدبلوماسي السعودي السابق محمد يوسف طرابلسي)، وكانت تعمل في مهنة إضاءة وصيانة المصابيح (الأتاريك) في طرقات جدة القديمة، تلقى دراسته في مدرسة الفلاح المعروفة التي كان قد أسسها تاجر اللؤلؤ الحاج محمد علي زينل. وبعد تخرجه من هذه المدرسة، التي كانت وقتذاك بمثابة مصنع لإعداد الشباب المؤهل للوظائف في القطاعين العام والخاص بمنطقة الحجاز وتهامة، التحق بالعمل في وزارة الصحة موظفا، لكن يبدو أن طموحاته كانت أكبر من وظيفة حكومية عادية، فاستقال من عمله ليعمل موزعا للصحف، إذ بادر بإنشاء بسطة في ساحة البُنط أمام مسجد عكاش القديم (مسجد تاريخي داخل شارع قابل غربا تم بناؤه قبل عام 1200 للهجرة على يد عكاش أباظة)، وذلك لغرض بيع الكتب والصحف والمجلات التي كان معظمها يأتي بحرا من مصر. وفي هذا السياق يخبرنا الأديب السعودي أحمد محمد باديب في حوار أجرته معه صحيفة «البلاد» السعودية عام 2015 ما مفاده أن بسطة أصفهاني كانت بجوار دكان العطارة التابع لوالده محمد باديب، وأنها كانت تعمل جيدا، لأن «أهل جدة شغوفون بالأدب والقراءة ولم يكن يوجد تلفاز مثل اليوم فكان الناس يقرأون الجرائد والكتب التي ترد للأصفهاني من الجلدة للجلدة، وبعضهم يستعيرها ولا يستطيع الشراء». أما محمود عبدالغني صباغ فيخبرنا في مدونته الإلكترونية الخاصة بتاريخ جدة وأهلها أن أصفهاني تدرج في مهنة توزيع الصحف القادمة من الخارج حتى أصبح وكيلا في جدة لمجلة المختار (Reader's Digest) الأمريكية المعروفة، مشاركة مع أحمد ملائكة وعبدالرزاق بليلة وصالح جمال. كما يطلعنا عن جوانب من شخصيته فيقول إنها لم تكن شخصية رائدة في مجال الصحافة والإعلام فحسب، وإنما كان أيضا رجل مجتمع من الطراز الرفيع وصاحب بر وإحسان وناشط في لجان جدة الدائمة وعضو في مجلس إدارة نادي الاتحاد الرياضي، (بهذه الصفة تمكن من عمل توأمة بين نادي اتحاد جدة ونادي الزمالك القاهري)، علاوة على كل ما سبق، عُرف أصفهاني بحبه للسفر ومجالسة كبار رجالات الأدب والصحافة والفن والمجتمع في الداخل والخارج. فقد كان له مجلسه الخاص لهذا الغرض بمنزله ومجلس آخر بدار الطباعة، كما أن أصفهاني -طبقا لما ذكره المؤرخ والباحث في تاريخ جدة «محمد درويش رقام» في حديث له منشور بصحيفة «المدينة» (4/6/2010) عن أبرز المقاعد والجلسات التي انتشرت في جدة القديمة خلال منتصف القرن الهجري الماضي- كان من ضمن رواد مقعد الشيخ رفيع لنجاوي في حارة مظلوم المجاورة لمدارس الفلاح، وهو مقعد كان يرتاده نخبة من كبار الشخصيات الرسمية ورجالات الدولة. من بسطة كتب وصحف إلى مالك دار طباعة! لكن كيف تمكن أصفهاني من الانتقال من صاحب بسطة لبيع الصحف إلى مالك لدار طباعة حديثة؟ الحقيقة أن الأمر لم يكن سهلا، وتطلب قدرا كبيرا من الطموح والإرادة والعزيمة والعمل المتواصل. لقد لاحظ أصفهاني بعينه الثاقبة أن بلاده تعيش مرحلة نهضة وتطور إلى الأمام تشمل كافة المرافق، ومن ضمنها الصحافة المحلية التي بدأت تنتشر ويتزايد عدد قرائها يوما بعد يوم بفضل انتشار التعليم وجهود الدولة في محو أمية أبنائها. ومع تولي المغفور له الملك سعود مقاليد الحكم خلفا لوالده المؤسس طيب الله ثراه، وظهور توجه لمنح تراخيص إصدار الصحف في عموم مناطق المملكة من جهة، وتوسع مدينة جدة وازدياد عدد سكانها والمقيمين بها من الوافدين من جهة أخرى، ظهر العديد من الصحف المحلية مثل «الأضواء» و«الرائد» و«عرفات» و«عكاظ» وغيرها. هذه التطورات استدعت وجود مطابع حديثة قادرة على طباعة تلك الصحف. أدرك أصفهاني حاجة جدة والمدن القريبة الأخرى لهذه الصناعة المدرة حتما للأرباح فنفذ فكرتها عام 1954 شراكة مع محمد سليمان التركي وعبدالله الخريجي ومحمد سرور الصبان. وهكذا ظهرت دار طباعة بالمواصفات الحديثة تحت اسم «دار أصفهاني للطباعة والزنكوغراف»، وتقرر أن يديرها الشريك محمد حسين أصفهاني الذي قام بدوره باختيار رجل ذكي وقدير وصبور لمشاركته في العمل الإداري هو «عبدالله باعكضة»، فيما اعتمد في أعمال الطباعة الفنية على عمالة وافدة من مصر وسورية. ومن جهة أخرى كان أصفهاني نفسه وراء جلب مطابع الأوفست لأول مرة إلى السعودية، ووراء الاهتمام بفنون الخط العربي المطبوعة من خلال استثمار جهود الخطاط والمصمم «أحمد غنيم المكرمي» الذي عُرف اختصارا باسم «غنيم». ومع مرور الأيام، ونجاح أصفهاني ومساعده باعكضة في الانتقال من نجاح إلى نجاح، توافرت لدى أصفهاني الأموال اللازمة لشراء حصتي شريكيه محمد التركي وعبدالله الخريجي في المطبعة، وفي الوقت نفسه تنازل الشيخ محمد سرور الصبان (رحمه الله) بكرمه المعهود عن حصته في المطبعة للأصفهاني، وبهذ انفرد الأخير بملكية دار الأصفهاني، كما انفرد بصناعة الطباعة والدعاية والإعلان في المملكة، على اعتبار أنها كانت تطبع أهم الصحف والمجلات السعودية الصادرة من جدةومكة وقتذاك مثل: صحف «البلاد» و«عكاظ» و«الرائد» ومجلتي «الأسبوع التجاري» و«المنهل»، علاوة على صحيفة «الخليج العربي» الصادرة من الخبر. قاوم «إضراب المصريين» ب«السواعد الوطنية».. ودحض مزاعم عبدالناصر ولا يكتمل الحديث عن رائد صناعة الطباعة في المملكة العربية السعودية المرحوم محمد حسين أصفهاني صاحب المقالب الطريفة إلا بالتطرق إلى المقلب الساخن الذي تعرض له من قبل نظام الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر أثناء خلافه مع السعودية حول اليمن. وهو مقلب تغلب عليه أصفهاني وأفشله دون أن يحقق عبدالناصر مبتغاه منه. وتفاصيل الحكاية أن أصفهاني اعتمد كثيرا في الوظائف الفنية داخل مطبعته على العمالة المصرية، وحينما خلقت الحرب اليمنية بين الملكيين والجمهوريين أزمة في العلاقات السعودية المصرية في الستينات، عزم عبدالناصر على شل الصحافة السعودية ومنعها من الظهور كالمعتاد، فأوعزت أجهزته في الأسبوع الأول من يناير 1962 إلى العاملين المصريين في دار الأصفهاني بالإضراب عن العمل. أما النتيجة فلم تتعد بعض الإرباك الذي لم يتسبب في احتجاب أي من الصحف السعودية اليومية. ولما شعرت الأجهزة الناصرية بمرارة الهزيمة لم تجد أمامها سوى الادعاء بأن المصريين العاملين في طباعة الصحف السعودية محتجزون رغما عن إرادتهم وأنهم مجبرون على العمل قسرا دون منحهم حقوقهم المالية. وحتى هذه المزاعم لم تنطل على العالم، إذ سارعت صحيفة «الرائد» التي كان يرأس تحريرها عبدالفتاح أبومدين إلى نشر صور على صدر صفحتها الأولى يظهر فيها العمال المصريون يتجولون ويخرجون ويعودون بحرية ويتسلمون رواتبهم كاملة. لكن كيف استطاع أصفهاني أن يتعامل مع ذلك المأزق الذي لم يتوقعه، ويحافظ بالتالي على انتظام الصحف في الصدور؟ الإجابة نجدها عند المدون «محمود عبدالغني صباغ» الذي كتب في مدونته أن أصفهاني «شمر عن سواعده، وواصل الليل بالنهار، وأخذ يعمل طيلة 16 ساعة يوميا.. جند فيها نفسه وشبانه العاملين من الوطنيين الذين كانوا لا يزالون في مطلع حياتهم المهنية». ونجد الإجابة أيضا في كتاب «مشواري على البلاط» (منشورات عبدالمقصود خوجة، الطبعة الأولى 2009)، لمؤلفه الأديب الأستاذ عبدالله الجفري الذي كان وقتذاك في بداياته المهنية بصحيفة عكاظ، حيث ذكر الجفري ما مفاده أن أصفهاني عشية إضراب العمال الفنيين المصريين كان يقف على رأسه (رأس الجفري) في مكاتب عكاظ لاستلام ماكيتات الصحيفة وأخذها للمطبعة بنفسه كي تصدر في موعدها. كما أخبرنا الجفري أن أصفهاني سارع لسد الفجوة من خلال تدريب الشباب المحليين على العمل على آلات الطباعة الحديثة، آتيا على ذكر اسم شابين من أهل الباحة هما أحمد حامد الغامدي (رئيس النادي الأدبي في الباحة فيما بعد)، وسعيد أحمد مصلح الغامدي (مدير جريدة الندوة المكيّة ومطابع رابطة العالم الإسلامي في مكة فيما بعد). كتب محمود صباغ (مصدر سابق) حول هذه الأزمة في عالم الصحافة السعودية قائلا: «مرّت الأزمة بسلام، خسر عبدالناصر الباقي من تعاطف الصحافة السعودية التي كانت كمن طُعن في شرفها الصحفي، وذهبت افتتاحيات الصحف المحلية إلى ضرورة تطوير صناعة الطباعة وتدريب وتأهيل الوطنيين لسد الفراغ وانعدام الحاجة إلى الغير». وبعبارة أخرى ينطبق على ما حدث مقولة «رب ضارة نافعة»، حيث دفعت الأزمة التي تسبب فيها الرئيس المصري أصحاب المطابع السعودية، وتحديدا تلك المكلفة بطباعة الصحف مثل دار الأصفهاني إلى الاعتماد على سواعد أبناء الوطن. في عام 1992 خرج اسم دار أصفهاني من التداول نهائيا باستحواذ المجموعة السعودية للأبحاث والنشر عليها، فكان ذلك نهاية قصة مثيرة رافقها الطموح والإصرار والإخلاص، ومعه الكرم الذي تجلى في قيام المرحوم أصفهاني في أكثر من مناسبة بتحمل تكاليف طباعة كتب لبيعها وجمع ريعها لصالح أسر إعلاميين غيبهم الموت فجأة كما حدث في حالة الإعلامي المرحوم علي القرعاوي الذي داهمه الموت فجأة في سنة 1966 على سبيل المثال. * أستاذ العلاقات الدولية مملكة البحرين