عودة الى المحافظين الجدد 2 أكمل مترجماً عن كلام النائب الأميركي رون بول عن المحافظين الجدد واتهامه لهم بالاستيلاء على السياسة الخارجية الاميركية، لشن حروب امبريالية بهدف بناء امبراطورية أميركية، وهو يقول بعد ذلك باختصار: المحافظون الجدد موجودون في الولاياتالمتحدة منذ عقود، ومن الغريب ان لهم علاقات بأجيال سابقة مغرقة بعداً، وحتى ماكيافلي. غير ان المحافظين الجدد بشكلهم المعروف طلعوا في الستينات، ولهم استراتيجية مفصلة، وفلسفة حكم تجمع بين افكار تيودور روزفلت وأيضاً ودرو ولسون. وقد جاء المحافظون الجدد في السنوات الأخيرة من أقصى اليسار، وبصفتهم تروتسكيين سابقين وانضم الليبرالي كريستوفر هيتشنز رسمياً اليهم أخيراً، ويقال انه مستشار في البيت الأبيض. وقد تأثر كثيرون من المحافظين الجدد بأفكار لو شتراوس، الأستاذ في جامعة شيكاغو ومؤلف كتاب "أفكار ماكيافلي" الذي لا يدين هذه الافكار. وحصل بول وولفوفيتز على الدكتوراه باشراف شتراوس، الذي أثر كذلك في ريتشارد بيرل وايليوت ابرامز وروبرت كاغان ووليام كريستول. وهؤلاء جميعاً لاعبون اساسيون في رسم الاستراتيجية الأميركية الجديدة عن الحرب الاجهاضية. وبين الآخرين مايكل من معهد اميركان انتربرايز، وجيمس وولزي، الرئيس الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية ووليام بينيت وفرانك غافني وديك تشيني ودونالد رامسفيلد ولعل القارئ يذكر انني تحدثت عن هؤلاء جميعاً، وقدمت نبذات عن حياة بعضهم والمؤسسات والمعاهد التي ينتمون اليها. النائب رون بول يكمل: عرّاب المحافظين الجدد المحدثين هو إرفنغ كريستول، والد وليام كريستول، الذي مهد لهم سنة 1983 بكتابه "تأملات محافظ جديد". ويتبع ذلك ملخص لما يعتقد النائب ان افكار المحافظين الجدد، وهو من نوع الملخص الذي سبق ان سجله وقدمت ترجمة مختصرة له في زاوية أمس. غير ان الدكتور بول يعرض 17 نقطة هذه المرة، والأخيرة فيها حرفياً. انهم يؤيدون اسرائيل تأييداً غير مشروط، ولهم تحالف وثيق مع حزب ليكود. وقد لعبت منظمات عدة ومطبوعات دوراً مهماً في صعود المحافظين الجدد في السنوات الثلاثين الأخيرة. ومن بينها "ناشونال ريفيو" و"ويكلي ستاندارد" و"ببلك الترست" و"وول ستريت جورنال" و"كومنتري" و"نيويورك بوست". وبالاضافة الى المطبوعات هناك مراكز بحث ومشاريع كثيرة الترويج لأجندة المحافظين الجدد. بينها مؤسسة برادلي ومعهد اميركان انتربرايز، غير ان الاندفاع نحو الحرب جاء من مشروع القرن الأميركي الجديد، وهو منظمة تساعدها مؤسسة برادلي ويترأسها وليام كريستول رئيس تحرير "ويكلي ستاندارد". وسعى هؤلاء باستمرار الى حرب على العراق، غير ان ادارة بيل كلينتون أحبطت مساعيهم، ثم جاءت انتخابات السنة ألفين وغيرت الصورة ولعب مجلس ادارة الدفاع الذي ترأسه ريتشارد بيرل دوراً كبيراً في الموضوع، وكذلك بول وولفوفيتز وديك تشيني ودونالد رامسفيلد فكلهم سعى لانتهاج سياسة خارجية امبريالية، ووفر العراق لهم فرصة كبرى لإثبات نظرياتهم. ولعبت أموال روبرت ميردوخ وأفكاره دوراً في الترويج للمحافظين الجدد من طريق ملكية شركته، "نيوز كوربوريشن"، تلفزيون "فوكس نيوز" و"نيويورك بوست" و"ويكلي ستاندارد". ويكمل الدكتور بول فيقول: "يجب ألا يخامر أحد الشك في ان المحافظين الجدد كانوا يخططون لغزو العراق منذ عقد كامل"، ويكفي ان يقرأ الانسان كتابهم "انفصال تام: استراتيجية تأمين أو حماية البلاد" ليتأكد من ذلك. غير انني أتوقف هنا لأذكر القارئ بأنني كتبت بتفصيل عن مايكل ليدين، وهو من أحقر أنصار اسرائيل وأخطرهم ضمن المحافظين الجدد، فالنائب الجمهوري يركز عليه أيضاً، ويفضح افكاره في شكل علمي دقيق، مع فكر عميق. يقول الدكتور بول ان كتاب مايكل ليدين الأخير "الحرب على قادة الارهاب" يكرر افكاراً في كتابه السابق "ماكيافلي والقيادة العصرية" الذي يرى فيه ان الافكار التي طلع بها ماكيافلي قبل خمسة قرون لا تزال صالحة للحكم اليوم. ليدين يؤيد ما يعتبر انه "تدمير خلاق" وهو يعبر عن رأي امثاله الذين يريدون اعادة رسم خريطة الشرق الأوسط فقد تحدث سنة 1999 عن ضرورة حادث مهم جداً لحشد الشعب. وهو اعتبر الضربة اليابانية في بيرل هاربر، وإغراق الباخرة "لويزيتانيا" "ضربة حظ" مهدت كل منهما لدخول حرب عالمية، ويعتبر بالتالي ان ارهاب 11 ايلول سبتمبر سنة 2001 كان "ضربة حظ" مكنت الولاياتالمتحدة من حشد التأييد ضد افغانستان، ثم العراق الذي لم تكن له اي علاقة بذلك الارهاب. وأشعر بأنني ابخس افكار النائب رون بول حقها من العرض والدرس، الا انني اكتفي بهذه النقطة، فهي ادانة لهذا الصهيوني المتطرف وأمثاله، وتثبت ما ذهبت اليه دائماً من ان ولاءهم لاسرائيل وحدها، وقتل الأميركيين الأبرياء لا يهمهم في قليل أو كثير، طالما انه يخدم غرضهم أو الغرض الاسرائيلي في النهاية، وسأعود الى الموضوع خلال يومين أو ثلاثة.